|
|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
ناظم زغير التورنجي
!--a>
2025 / 10 / 30
وضع المرأة العراقية في ظلّ قوانين الأحوال الشخصية/الأحوال المدنية الجديدة (2025)
أبوحازم التورنجي
ا
في 2025 شهدت العراق سلسلة تغييرات تشريعية في قانون الأحوال الشخصية (تعديلات وقوانين جديدة/مدوَّنات شرعية شكلية) أدت إلى إضعاف الحماية الموحدة التي كانت تمنحها صيغة قانون الأحوال الشخصية الصادر عام 1959، وفتحت الباب أمام تداول أحكام أسرية مختلفة بحسب الانتماء المذهبي أو اختيارات المتعاقدين، بما فيها أحكام تسمح بزواج القُصَّر وإعطاء هيئات دينية سلطة أوسع في مسائل الزواج والطلاق والوصاية والميراث. لهذه التعديلات آثار مباشرة وسلبية على وضع المرأة العراقية في الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية.
1. الخلفية التشريعية: ماذا تغيّر فعلاً؟
• في البداية أقرّ البرلمان تعديلاً لقانون الأحوال الشخصية (القانون رقم 188 لسنة 1959) في أوائل 2025 أتاح لأطراف العلاقة الزوجية اختيار تطبيق أحكامٍ مدوَّنة شرعية مُعتمدة من مرجعهم المذهبي بدلاً من الخضوع الموحد لقانون 1959، مع قيود على إمكانية تغيير ذلك لاحقًا. وهذا يعني تطبيقًا فعليًا لقواعد عائلية متباينة داخل الدولة الواحدة.
• - قِيل إن بعض الصيغ الجديدة تمنح المراجع الدينية (لا سيما المذهب الجعفري) الصلاحية لوضع "مدونة" خاصة في مسائل الأحوال الشخصية، ما يفتح المجال لشرعنة أحكام تختلف جذريًا عن معايير حقوق الإنسان المعتمدة دولياً.
2. أبرز التغييرات ذات الأثر السلبي على المرأة
أ. تخفيض فعلي لعمر الزواج وإتاحة زواج القُصّر
القيود التي كانت تمنع زواج القاصرات اصطدمت بصيغ تتيح للسلطات الدينية أو للقضاة قبول زيجات في أعمار صغيرة — بل وثَّقت تقارير أن التعديلات سمحت بخيارات تؤدي عمليًا إلى قبول زيجات لأعمار تصل إلى تسع سنوات في ظروف معينة. هذا التغيير يعيد إحياء ممارسات تهدد صحة وتعليم ومستقبل الفتيات.
ب. تفويض أكبر للهيئات الدينية وللقضاء المذهبي
بالمقابل تمّت توسعة صلاحيات المحاكم/اللجان الشرعية المذهبية في مسائل الطلاق والوصاية والحضانة والميراث، ما يقلّص أثر السندان القانوني المدني الموحد ويجعل المرأة عرضة لتفسيرات شرعية متفاوتة قد تُنزع عنها بعض الحماية القانونية المكتسبة سابقًا.
ج. التمايز القانوني بين مواطني الدولة
القاعدة التي تفيد بتساوي المواطنين أمام قانون موحّد تراجعت لصالح نظام قانوني مُجزّأ بحسب الانتماء المذهبي/الاختيار، ما يعني أن حق المرأة في الحقّ والواجب قد يختلف اعتمادًا على سجّلة ولادتها أو خيار الزوجين عند العقد، وليس على مبدأين دستوريين هما المساواة والعدالة. i
د. آثار على الحضانة والنفقة والميراث والطلاق
تغيّرات الصياغات أضعفت وضعية المرأة في قضايا الحضانة والنفقة أحيانًا (إما بتقليل مدد الحضانة للوالدة أو بفرض شروط تعسفية لاستمرار النفقة)، وفي قضايا الميراث قد تُطبَّق قواعد تقليدية تُجيز تمييزًا بين الورثة ذكورًا وإناثًا بنسب محددة. 3. التحليل القانوني والالتزامات الدولية
• التعارض مع المعايير الدولية: العراق طرف في عدد من الاتفاقيات الدولية (منها اتفاقيات حقوق الطفل، واتفاقيات حقوق الإنسان ذات الصلة)، وتمثل تشريعات تُجيز زواج القُصّر أو تمييز المرأة إخلالًا بالتزامات الدولة تجاه حماية حقوق الفتيات والنساء.
• المسألة الدستورية: دستور العراق ينصّ على مبادئ المساواة وحقوق الإنسان، وأي قانون يفرّق في الحقوق على أساس الدين أو الجنس يمكن أن يُعرض للطعن أمام المحكمة الاتحادية. بالفعل، هناك محاولات قضائية وسياسية لوقف تطبيق بعض التعديلات أو مراجعتها. تقارير إخبارية نقلت عن تعطيل أو تعليق من محكمة عليا في مراحل سابقة بسبب شكوك وإشكالات إجرائية حول تمرير هذه القوانين.
4. التأثير العملي والاجتماعي والاقتصادي على المرأة
• تعليم وصحّة: زيجات مبكرة تقلّل من فرص الفتيات في إكمال التعليم وتعرّضهن لمخاطر صحية (حمل مبكّر، وفيات أمومة أعلى).
• الاستقلال الاقتصادي: قوانين ترسّخ وصاية أو تحرّم النفقة تُضعف قدرة المرأة على الاستقلال الاقتصادي وتدفع بعض النساء إلى تبعية طويلة لذويهم أو الأزواج.
• الأمن القانوني: تعدد الأنظمة القانونية يخلق حالة من عدم اليقين؛ المرأة قد لا تعرف أي حقوق تطبّق عليها إذا انتقلت بين مناطق أو بين مذهب وآخر، مما يعقّد سعيها للحصول على إنفاذ عادل.
5. ملاحظات حول عملية التشريع والسياسة
• نقاش برلماني مشحون وإجرائي: بعض المراقبين والجهات الحقوقية انتقدت إجراءات تمرير التعديلات وطرحت شُبهات حول شرعيتها الإجرائية؛ كما شهدت ساحات المجتمع المدني احتجاجات واسعة. هذا يشير إلى أزمة شرعية سياسية قد تؤثر لاحقًا على قابليّة تطبيق بعض البنود أو إلغائها قضائيًا أو سياسياً.
6. توصيات عملية (سياسية وقانونية ومجتمعية)
1. إجراءات تشريعية فورية لمراجعة النصوص: إلغاء أو تعديل المواد التي تسمح بزواج القُصّر أو تمنح صلاحيات تعسفية للمراجع الدينية، وإعادة الاعتبار لمبدأ الحدّ الأدنى لعمر الزواج وفق معايير حقوق الطفل.
2. اجراء رقابة دستورية وقضائية: تشجيع الطعون أمام المحكمة الاتحادية على البنود المتعارضة مع الدستور والالتزامات الدولية.
3. بدائل تشريعية لحماية الموحدة: سنّ قوانين مرافقة تضمن النفقة والحضانة وحقوق العمل والحماية من العنف، بحيث لا يُعطّل اختيار تطبيق "المدونة" الحماية الأساسية للمرأة.
4. تعزيز دور المجتمع المدني والناشطين: دعم حملات التوعية القانونية في المحافظات وتهيئة مراكز استشارات قانونية للفتيات والنساء لمساعدتهن في فهم حقوقهن ومواجهة الانتهاكات.
5. ضغط دبلوماسي وحقوقي دولي: منظمات حقوق الإنسان والفاعلون الدوليون مطالبون بمتابعة سياسية وقانونية ملحوظة، مع تقديم دعم فني لمشروعات قانونية لحماية الأطفال والنساء.
وأخيرا
التعديلات التشريعية في 2025 تمثل نقطة انعطاف ( تراجع خطير) في جودة الحماية القانونية للمرأة في العراق: فهي من جهة تؤكد لأول مرة بعد عقود قدرة العوامل والظروف السياسية والدينية على إحداث تغيير جوهري في تنظيم الأسرة والقانون الشخصي، ومن جهة أخرى تفتح الباب لمخاطر إنسانية وقانونية جسيمة — خصوصًا فيما يتعلق بزواج القُصّر والتمييز في الحقوق الأسرية. حماية النساء والفتيات في العراق الآن تحتاج إلى تحرّك قانوني-قضائي ومجتمعي متزامن للحفاظ على مكتسبات الحقوق الأساسية وإقرار سيادة قانون مدني يضمن المساواة والكرامة. المصادر الأساسية
المصادر
• انص القانون/الاضافة الرسمي — وزارة العدل/الوقائع العراقية (نشر في الجريدة الرسمية 17 شباط/فبراير 2025). moj.gov.iq
• هيومن رايتس ووتش — تقرير/بيان عن انتكاسة في حقوق المرأة إثر تعديل الأحوال الشخصية (مارس 2025).
•
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
|
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|