|
|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |

علا مجد الدين عبد النور
!--a>
2025 / 11 / 17
عند الحديث عن الحقوق السياسية للمرأة المصرية، لا يمكن إغفال أن ممارسة هذه الحقوق لا تنفصل عن المناخ السياسي العام، الذي يجعل مشاركة المرأة في الانتخابات، حتى اليوم، إنجازاً في حد ذاته. وعلى الرغم من التطورات التشريعية، يبقى سؤال المشاركة الفعلية مطروحاً بقوة، مما يفتح الباب أمام مجموعة من التساؤلات الملحّة:
كيف أثرت الثقافة المجتمعية والنظام الحزبي على عزوف المرأة عن الترشح في الانتخابات الفردية؟
لماذا انخفض الإقبال النسوي على الترشح في انتخابات مجلس النواب هذا العام رغم تخصيص 25% من المقاعد للمرأة؟
وكيف ترتبط مستويات التعليم بوعي المرأة السياسي وبمشاركتها في الحياة العامة؟
وأخيراً، ما أبرز التحديات التي تواجهها المرأة المصرية في الوصول إلى المناصب القيادية داخل البرلمان والحكومة؟
وللإجابه عن هذه التساؤلات نطرح أهم الأسباب السياسيه والاجتماعية التي تقف خلف تأخر المرأة في الحصول على حقوقها وهي كالتالي:
أولاً : ارتفاع نسبة الأمية بين النساء وأثرها على المشاركة السياسية
بدأت المرأة المصرية رحلتها مع التعليم ومحو الأمية متأخرة نسبياً؛ إذ قرر الخديوي إسماعيل فتح أبواب العلم أمام الفتيات، فأنشئت مدرسة “جشم آفت هانم” كأول مدرسة لتعليم البنات عام 1889م. وفي عام 1900 دخلت البنات لأول مرة امتحان الشهادة الابتدائية، مع الوضع في الاعتبار أن تعليم الفتيات اقتصر على التعليم الابتدائي لفترة طويلة قبل أن تلتحق النساء بالتعليم الجامعي في العام 1929 وقد كانت هذه الدفعة مكونه فقط من 5 طالبات.
ولأن التعليم يُعد أحد أهم أسس التمكين واكتساب القوة والقدرة على التأثير. ويزيد الأمر تعقيداً مع ارتفاع نسب تسرب الفتيات من التعليم حتى اليوم، خاصة في صعيد مصر، حيث تفضّل بعض الأسر تعليم الأولاد وتزويج البنات مبكراً. وكلما ارتفع مستوى تعليم المرأة، زادت فرص مشاركتها في الحياة السياسية وتقلّدها مناصب قيادية.
ثانياً: العادات والتقاليد
لا يزال المجتمع المصري محكوماً بنظام أبوي يرسّخ هيمنة الرجل على عملية صنع القرار. وتُبنى العلاقات الاجتماعية والسياسية غالباً على أساس النوع الاجتماعي، مما ينتج عنه هرمية واضحة تُقصي دور المرأة، وتُحصر دورها في إدارة المنزل وتربية الأبناء، بينما تعتبر إدارة الشؤون العامة «حقاً أصيلاً» للرجل. وأي خروج عن هذه القاعدة يُعد انحرافاً عن الأعراف السائدة .
ثالثاً: النمطية في المناهج والإعلام
تحصر المناهج الدراسية صورة المرأة في الأم المضحية والزوجة المطيعة، وتعزز وسائل الإعلام هذه الصورة، مما يرسخ دوراً اجتماعياً مقصوراً ويحدّ من حضور المرأة في المجال العام.
رابعاً : ضعف الدعم الحزبي
على الرغم من تضمين برامج الأحزاب بنوداً تتعلق بتمكين المرأة، إلا أن هذا الملف لا يمثل أولوية حقيقية لكثير من الأحزاب، بل يُستخدم أحياناً كواجهة دعائية. ويكشف التقرير الصادر عن المركز المصري لحقوق المرأة (نوفمبر الجاري) أن:
12 محافظة لم تشهد ترشح أي سيدة على المقاعد الفردية، منها: أسوان، الأقصر، الوادي الجديد، جنوب سيناء، شمال سيناء، كفر الشيخ، سوهاج، المنيا… إلخ.
18 حزباً سياسياً لم يرشح امرأة واحدة، ومنها: مستقبل وطن، حماة وطن، الشعب الجمهوري، الإصلاح والتنمية، الوفد المصري، النور… وغيرها.
خامساً: الخطاب الديني
يتأثر الوعي الجمعي ببعض التفسيرات الفقهية والنصوص الدينية التي تناهض عمل المرأة أو تقلل من أهليتها للمشاركة في صناعة القرار ، ما يسهم في الانتقاص من دورها في الحياة العامة، كرسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 11: 3)
"وَلكِنْ أُرِيدُ أَنْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَأْسَ كُلِّ رَجُلٍ هُوَ الْمَسِيحُ، وَأَمَّا رَأْسُ الْمَرْأَةِ فَهُوَ الرَّجُلُ، وَرَأْسُ الْمَسِيحِ هُوَ اللهُ."
والحديث الشريف"لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" وهو حديث موثق في صحيح البخاري .
سادساً: العنف الانتخابي والتشهير
يُعد الجو الانتخابي المشحون أحد أبرز التحديات التي تواجه المرأة، فشراء الأصوات والمشاحنات والتشهير الذي تتعرض له بعض المرشحات يشكل ضغطاً كبيراً يقلل من فرص النساء في المنافسة، خاصة في مجتمع محافظ.
سابعاً: ضعف الوعي السياسي لدى المرأة
تفتقر العديد من النساء إلى الثقة بالنفس عند خوض العمل السياسي، كما أن بعضهن لا يثقن في قدرة النساء الأخريات على تمثيلهن. وهو ما يقلل من حصول المرشحات على الدعم النسوي اللازم .
الخاتمة
إن الحقوق السياسية للمرأة المصرية ليست مجرد مطالب فئوية، بل هي جزء أصيل من معركة المجتمع نحو ديمقراطية حقيقية تُعبّر عن كل مواطنيه دون استثناء. ورغم ما تحقق من خطوات مهمة على مستوى التشريع والتمثيل البرلماني، لا تزال المرأة تواجه إرثاً ثقيلاً من العادات والنصوص الدينية والممارسات السياسية التي تقف حائلاً أمام مشاركتها الكاملة.
إن تمكين المرأة سياسيًا يحتاج إلى إرادة مجتمع، وإرادة دولة، ووعي نسائي قادر على انتزاع المساحة التي تستحقها المرأة في مواقع القرار. فعندما تحصل المرأة على فرصتها العادلة، لا تربح النساء وحدهن… بل يربح الوطن بكامله، لأن السياسة التي يُصنع فيها القرار بنصف المجتمع فقط، تظل سياسة ناقصة مبتورة الرؤية .
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
|
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|