|
|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
ادم عربي
!--a>
2025 / 11 / 28
يُقال للأعزب من الرجال لا تتزوّج، فالزواج في مجتمعنا عبء لا يُحتمل، ويُقال للمتزوّج طلّق، فالطلاق أسهل من السهل. وبين هذين القولين تتجلى ظاهرتان متلازمتان هما تعذّر الزواج وتيسير الطلاق. أما المصلحون الاجتماعيون الذين يسعون لمعالجة هذه الأزمات الأُسَرية، فحالهم كحال مصلحينا السياسيين، حركة بلا تغيير. والإنصاف يقتضي الاعتراف بأنّ الدولة أدّت وظيفتها الاجتماعية على نحو وحيد بارع، هو تهيئة المناخ الاقتصادي و الاجتماعي الذي يجعل المجتمع يتجه بسرعة إلى حالة تتراجع فيها أعداد الزواج الدائم، وتزداد أعداد المُطلّقين والمُطلّقات، وجيش العاجزين عن الزواج ممن لا يملكون القدرة الاقتصادية عليه.
في مجتمعاتنا، تراجع مفهوم العدالة الزواجية بصورة حادة؛ فعدد الذين يعجزون عن الزواج، من الرجال والنساء، في تصاعد مستمر. لكن تتجلّى مفارقة واضحة في فئة من الرجال الذين يمتلكون قدرة مالية يحسدون عليها، إذ يُطلّق بعضهم زوجاته من حين لآخر ليحتفظ بالشرعيات الأربع فقط، مسهمين في تضخيم جيش المطلقات في المجتمع.
أما الفتاة وأهلها فقد اختلّت لديهم موازين اختيار الزوج. فوزن الشاب اليوم لا يُقاس بالأخلاق أو الكفاءة أو الشخصية، وإنّما كوزن على ميزان الشارع، إذا لم تضع به نقوداً، لا وزن لك. والسبب؟ سياسات الدولة التي عمّقت فقر الشباب، فدفعت الفتاة إلى التخلّي قسراً عن موازين الحضارة والإنسان في هذا الموضوع، لصالح ميزان وحيد هو القدرة المالية. فالغلاء يبتلع كل شيء، الطعام واللباس والسكن والدواء، بلْ وحتى الأطفال وحقوقهم. ولذلك صار لا بدّ للفتاة، حتى لو كانت عاملة، أنْ تبحث أولاً عن الأمن الاقتصادي الاجتماعي في الشاب الذي يتقدّم لخطبتها.
والشاب، بدوره، يقف بين مطرقة الفقر وسندان العادات العائلية والعشائرية. فأهل الفتاة قد يقبلون بعنوسة ابنتهم طوال العمر، على أنْ يزوّجوها من شاب لا يملك المال الكافي لإتمام زواج يليق بتقاليدهم، وهي تقاليد يكفي أنْ تتحكم بالجانب المالي كي تجعل من حياة الزوجين رحلة طويلة مع الفقر والديون.
هذه العادات والتقاليد تُنشئ الفتاة في أحسن تقويم، ثمّ تعيدها إلى أسفل سافلين. قبل العنوسة، تتطرّف الفتاة في شروطها المادية ومطالبها المالية. وبعد العنوسة (أو أثناءها)، تميل إلى التطرف المعاكس، فتتنازل عن كثير من حقوقها الزوجية والإنسانية وحتى الكرامة، وكأن الحل الوسط محرّم في ثقافة الزواج السائدة، أو كأنّ الاعتدال لا مكان له في وعي الفتيات بهذا الشأن.
ومجتمعنا للأسف لم يتعرّف بعد إلى العلاقة السوية بين الجنسين، تلك العلاقة التي يحتاجها الإنسان كما يحتاج الهواء النظيف، وربما لن يتعرف عليها قط. وحين تُضاف أزمة الزواج، أو أزمة التعنيس، إلى أزمة العلاقة بين الرجل والمرأة، يتّضح أنّ الكثير ممّا نعتقد أنه موجود لدينا، ليس موجوداً في الحقيقة، إننا نفتقد كثير من الأشياء والتي هي أسمى المعاني الإنسانية،
لا حبّ حقيقي، ولا زواج حقيقي، ولا رجولة حقيقية، ولا أنوثة حقيقية.
كثير من قصص الحب التي امتدت سنوات طويلة انتهت بزواج لم يصمد أكثر من أسابيع أو أشهر. لماذا؟ لأن تلك السنوات لم تكن حبّاً خالصاً، ولا صدقاً، ولا واقعاً. كانت، في أغلبها، زمناً هائلاً استُهلك في الكذب والزيف والتمثيل، وفي علاقة مظهرها غير مخبرها، وباطنها غير ظاهرها. فأي علاقة هذه ، واي مجتمع هذا القائم على الزيف والكذب حتى في مشاعرنا الإنسانية؟! .
وقد أجبت صديقي بعد نقاش في هذا الموضوع بالتالي:
لا تتحدَّث يا صديقي عن الحرية حيث لا وجود للأحرار؛ ولا عن الديمقراطية حيث لا وجود للديمقراطيين؛ ولا عن الرجولة حيث لا وجود للرجال؛ ولا عن الانوثه حيث لا وجود للإناث ، ولا عن المواطَنَة حيث لا وجود للمواطنين؛ ولا عن العشق حيث لا وجود للعشاق؛ فكيف لكَ أنْ تَستَدلَّ على شجر لا ثمار عليه؟!.
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
|
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|