وقفة نسوية في المتنبي



نساء الانتفاضة
2025 / 11 / 29

بضعة كلمات لمناسبة حملة ال 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة

-اگول هاي النسوان على شنو واگفات ورافعات لافتات... شكو؟
-يمكن متعرضات للظلم!

هذا حوار حقيقي وجاد جدا جرى بين اثنين وهم يشاهدون بعض النساء التي وقفن في شارع المتنبي ضمن فعاليات ونشاطات حملة ال 16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة، هذا الحوار يعكس حقيقة وضع المرأة في هذا البلد، خصوصا وان السلطة بيد الإسلاميين المتطرفين، فقد تم تغييبها بشكل كامل، اليوم هي بالتمام منسية، مغيبة، مجهولة، مبعدة، لا يمكنها المشاركة في أية فعالية، الإسلاميون اعادوها بفكرهم الرجعي والمتخلف للقرون الوسطى.

بات الحديث عن المرأة شيء مخجل، فالأحاديث الجانبية والنظرات التي نراها في كل فعالية للنساء تخبرك مدى التراجع الذي وصل اليه المجتمع، يأتي هذا التراجع بسبب الحملة المسعورة التي قامت بها القوى الإسلامية العفنة والمتخلفة، فهذه القوى وعلى مدى العقدين الماضيين قامت بعملية اسلمة بالقوة للمجتمع، بواسطة المؤسسات الدينية الرسمية، التي نشرت رجال الدين واعطتهم تعليمات واضحة بخصوص قضية المرأة.

بالإضافة الى مشاهدة رجال الدين وهم ينشرون التخلف والظلامية، كان الإسلاميين يشرعون القوانين المتخلفة لسلب المزيد من حقوق المرأة، وقد نجحوا في التشريعات الظلامية "القانون الجعفري ومدونة الأحوال الجعفرية"، هذه القوانين وأدت وقتلت "حرفيا" كل حق للمرأة، سلبت ما تبقى لها أو ما استطاعت ان تحافظ عليه من حقوق، نالتها عبر تاريخ نضالها الطويل.

ان عمليات التحجيب الجماعي التي تقوم بها المؤسسات الدينية للفتيات الصغيرات، هذه الممارسة هي سياسة منهجية ومرسومة بدقة، تأتي ضمن الممارسات التي دأبت عليها القوى الإسلامية بقيادة المؤسسة الدينية، فحتى عملية الترويج لها تأتي بشكل مدروس ومحترف، ليصوروا للمجتمع وينشروا من ان قضية الحجاب هي قضية اختيارية، وهي الرسالة التي يراد توجيهها، وتأتي أيضا ضمن قضية "اسلمة المجتمع" بالقوة.

هناك أكثر من 20 مليون امرأة في العراق، لا صوت لهن، معرضات للعنف والتهميش؛ عنف منزلي، عنف سلطة، عنف عشائري، عنف رمزي، عنف مادي، عنف قانوني وتشريعي؛ من هذه ال 20 مليون امرأة خرجن فقط بضع نساء معدودات، رفعن لافتات يطالبن ببعض الحقوق، تعرضن لمضايقات من السلطة والمجتمع، هل يتصور أحد ما آل اليه المجتمع من تراجع؟

المرأة اليوم هي في أسوأ فترة من حياة هذا البلد، لقد تم عزلها عن الواقع تماما، خروجها من الببت فقط صار قضية، عملها بات مشكلة، دراستها تحولت الى اشكال؛ الإسلاميون عملوا بجهد وجد على خلق وصنع هذا الواقع، لأنهم يدركون جيدا ان قضية المرأة وتحررها يعني موتهم وفنائهم، أنهم لا يطيقون رؤية المرأة وهي تتظاهر او تشارك في العمل السياسي، لقد لمسنا ذلك في انتفاضة تشرين-أكتوبر، ونلمسه اليوم في اجتماعات السلطة الإسلامية، فهي تخلو تماما من وجود امرأة.

طارق فتحي