فاطمة نعمت راشد، والحزب النسائى المصرى



حسن مدبولى
2025 / 12 / 15

فى وقت كانت الحركة النسائية المصرية، ما تزال تُختبر بين العمل الاجتماعى، والنشاط الأهلى، خرجت السيدة فاطمة نعمت راشد، من الصفوف الخلفية للاتحاد النسائى المصرى، الذى رافقت فيه هدى شعراوى، لتصنع لنفسها مسارًا أكثر جرأة، وأشد وضوحًا، فهذه المرأة التى غابت عن كتب التاريخ، رغم ريادتها، آثرت ألا تكتفى بدور “الرفيقة” داخل مؤسسة نسوية إصلاحية، فذهبت عام 1942 إلى ما لم تجرؤ عليه معظم نساء عصرها، والعصور التالية، وأسست أول حزب نسائى فى مصر تحت اسم “الحزب النسائى المصرى” وهو حزب سياسى حقيقى له برنامج وأهداف وقيادة، وليس جمعية خيرية ولا لجنة مطلبية ،

وقد وضع ذلك الحزب منذ اللحظة الأولى تصوّرًا لا لبس فيه عن المساواة (التامة) بين الرجال والنساء، فى التعليم ،والعمل، والحقوق السياسية،
داعيًا لمنح المرأة حق الانتخاب، والترشح، وتقلد المناصب العامة، قبل أن يتحقق ذلك فعليًا بأكثر من عقد كامل، ومطالبًا بمراجعة قوانين الأحوال الشخصية، بما يتسق مع الكرامة الإنسانية، لا الأعراف الجامدة، ومؤكدًا أن مشاركة المرأة فى العمل العام، ليست زينة للمشهد، بل شرط من شروط التطور الاجتماعى والسياسى الوطنى، وتحقيق التحرر والإستقلال،

وبالتوازى مع نشاطها الحزبى، تولت فاطمة رئاسة تحرير مجلة “المصرية” التى تحولت إلى اللسان الجرىء للحراك النسوى السياسى آنذاك ، فكانت صفحاتها مساحة لانتقاد القوانين التمييزية، وللدفاع عن حق المرأة فى الوجود العام، ولإبراز نماذج مصرية تاريخية ملهمة، وللرد على كل محاولات تهميش صوت النساء فى الشأن العام،
كما كانت المجلة تكشف بوضوح أن المشروع النسائى ليس مشروع تحسينات اجتماعية، بل هو مشروع مواطنة كاملة، وان دور المرأة فى ثورة 1919 لاينكر ،

ولم تكن علاقة فاطمة بهدى شعراوى علاقة انفصال ونفور، بقدر ما كانت اختلافًا فى المنهج، فهدى اختارت طريق الإصلاح الهادئ فى الاتحاد النسائى، بينما فضّلت فاطمة المواجهة السياسية المباشرة، عبر تأسيس حزب مستقل لا يخضع لوصاية ذكورية، ولا لحدود مرسومة، وربما كان هذا التمرّد هو السبب فى اختفاء اسمها من الذاكرة التاريخية، لصالح أسماء باتت أكثر شهرة، وأقرب إلى مزاج المؤرخين والكتاب ، رغم أن تجربتها أكثر تقدمًا، ورؤيتها أشد راديكالية، من معظم ما كُتب عن الحركة النسوية المصرية، التى تزخر بأسماء متعددة كتب عنها الكثير من الصفحات ،
ولكن تبقى فاطمة نعمت راشد واحدة من رائدات الزمن المنسى، امرأة سبقت عصرها بعقود، ورأت ما لم يره كثيرون، وأكدت على قاعدة نضالية عامة،وهى أن الحقوق لا تُمنح بالمناشدة الرقيقة، بل تُنتزع بتنظيم سياسى واضح، وأن المرأة ينبغى ألا تنتظر اعترافًا بوجودها،بل ينبغى أن تؤسِّس له،
ولله فى ذاكرتنا وتاريخنا شئون،
ملحوظة : اسم الوالد ، والصورة وردتا هكذا فى مستندات رسمية،،

#حسن_مدبولى