بالخرطوم..



حسام محمود فهمي
2025 / 12 / 20

اِهتزَت مواقعُ التواصلِ لقتلِ عروسِ المنوفية ضربًا بالخرطومِ، فُجرٌ مُمَنهجٌ من الزوجِ برعايةِ أمِه. جريمةٌ تعكسُ نمطَ فكرٍ خائبٍ يعتبرُ المرأةَ حائطًا يلقي عليه البعضُ خيبتَه، مُنتَشرٌ في المجتمعِ ولا يجدُ من يوقفُه. نمَطٌ يتماشى مع ما نَرى في الأفلام العربيةِ والمسلسلات. حوارًًٌ بين رجلٍ وامرأةٍ، لا يهمُ من المخطئ، ينتهي بقلمٍ صوتُه عالٍ، علي وجهِها!! تتباهى بالقلمِ إعلانات المسلسلات والأفلام، سيناريو التلطيش يتكرر في القديم والجديد منها، ثقافةٌ، تراثٌ، يندُرُ في الأفلامِ والمسلسلاتِ الأجنبيةِ التي يقلدُونها؛ رمزٌ فشنك للرجولةِ وقوةِ الشخصيةِ، حتي لو كانت الخيبةُ بالويبة.

لما تَنبَه المجتمعُ لخطرِ التدخينِ اِنطلَقت المطالباتُ لمنعِ مشاهدِه على الشاشاتِ. والآن السِنج والبلطجةُ باِسمِ اِستردادِ الحقِ، ومشاهدُ ضربِ المرأة والتعدي عليها. لماذا لا تُبتكرُ مشاهدٌ أُخري لإثباتِ الرجولةِ الشرقيةِ الساخنةِ المَوهومةِ؟

المرأةُ أصبحَت مشكلةَ كثيرٍ من المجتمعاتِ الشرقيةِ وحائطهَا المائلَ. يلبسُ الرجلُ القصيرَ والطويلَ، الشفافَ والسميكَ، يفرفشُ، أما المرأة فكائنٌ منقوصُ الإحساسِ، والعقلِ، معاناتُها في غيرِ بالٍٍ.

مصر ليست القاهرة والاسكندرية، ليست أحياءُها مصر الجديدة ومدينة نصر والتجمع والرمل. في كثيرٍ، تقبلَت المرأةُ وأهلُها نظرةَ المجتمعِ، أدخلوها سجناً، تنازلوا عن إرادتِها، يَسَروا تَجَبُر َسي السيد عليها، حتي بدون أمارةٍ. ماذا لو عَطَبَ الحاج سي السيد في صحتِه أو مالِه أو عملِه؟ أين تذهبُ تلك المرأةِ بعيالِها؟ لماذا التناكة الفارغة؟ أسئلةٌ غيرُ واردةٍ في مجتمعاتِ سي السيد.

كثيرٌ من العربِ يسافرون للغربِ بحثًا عن العلمِ والعملِ، يجدون الشرطةَ علي بابِهم مع أولِ قلمٍ علي وش حريمِهم. سي السيد الحمش مكانُه الوحيدُ السجنُ ثم أولُ طائرةٍ لبلادِه المَحروسة.

وُضِعَت المرأةُ في مناصبٍ، لكنها لو خرَجت للسوقِ فهي الحاجة، أما في الأحياءِ الشعبيةِ والأريافِ والصعيدِ فهي ولية!! هناك من يرون أن التحرشَ مسؤوليةُ المرآة بمجردِ تخطيها عتبةِ منزلِها!!

شيوعُ منطقِ سي السيد الفاجرِ يعكسُ مرضًا اِجتماعياً نامَت عنه المؤسساتُ كافة. أصبحَ المجتمعُ قاتِمًا غليظًا، اِنكَمَشَ أهمُ ما كانَ يميِّزُه، التسامحُ، التعدديةُ، قبولُ الآخرِ.

الأباءُ في قلق مُحِقٍ ٍعلي بناتِهم.

اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلَبُ للراحةِ وللجوائز،،