|
|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |

أحمد رباص
!--a>
2025 / 12 / 22
عند انطلاق فعاليات هذه المائدة المستديرة المقامة من أجل مناقشة ظاهرة العنف ضد المرأة مساء يوم السبت 20 دجنبر الحالي بمقر الحزب الكائن بشارع القاهرة/تمارة، أشارت الأستاذة بديعة جمالي، مسيرة الندوة، إلى أن هذا النشاط تشرف عليه لجنة قضايا المرأة والمجتمع المنبثقة عن مجلس فرع الحزب الاشتراكي الموحد بتمارة، وأنه يجسد احتفال اللجنة باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي يصادف تنامي هذه الظاهرة ما يطرح تساؤلات حقيقية حول فعالية آليات الوقاية والحماية المعتمدة. فحسب آخر الإحصائيات الصادرة عن النيابة العامة تم خلال سنة 2023 تسجيل اكثر من 31 الف جنحة وجناية وجريمة ضد النساء، وهذا رقم صادم يعكس حجم هذه الظاهرة وتجذرها في المجتمع.
إلى ذلك، تضيف الأستاذة بديعة أن هذا العنف الموجه ضد النساء لا يقتصر فقط على الاعتداء الجسدي، بل يتمظهر أيضا في أشكال متعددة مثل الشكل الاقتصادي النفسي الجنسي والرقمي، وتبدو مظاهره من خلال الزواج القسري والتحرش والتميز والوصم الاجتماعي والابتزاز والتسليع المختزل للمرأة والذي يجردها من كل اعتبار لإنسيانيتها الكاملة في الحقوق والكرامة؛ وهذا شكل من أشكال العنف الرمزي.
وتختم الأستاذة بديعة جمالي أن كل ذلك يستدعي مقاربة شمولية نتجاوز الزجر إلى الوقاية والحماية والتمكين. وأكدت أنه انطلاقا من مسؤوليتنا السياسية والمجتمعية، تأتي هذه المائدة المستديرة كفضاء للنقاش وتبادل الآراء قصد تحليل وتشخيص واقع العنف ضد النساء من أجل تعزيز الحماية القانونية والاجتماعية والمؤسساتية لهن وترسيخ قيم المساواة والكرامة والعدالة.
ثم ما لبثت الأستاذة المسيرة أن سمحت للدكتور عبد الواحد حمزة، الكاتب العام للفرع المحلي للحزب، بأن يتلو على الحاضرين كلمة أعدها لهذه المناسبة ينوب فيها عن سائر الرفيقات والرفاق في المكتب المحلي.
في بداية كلمته، نبه عبد الواحد حمزة إلى أن هذه المدينه المستديرة التي يبادر فرع الحزب إلى تنظيمها جاءت بعد احتفالنا، قبل أيام قلائل، باليوم العالمي لحقوق الإنسان وتتزامن حاليا مع اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة؛ وذلك انطلاقا من أن "السياسة شأن عام، وليس حكرا على الفاعلين النظامبين وحدهم.
وللعلم فقد سبق للجنة قضايا المرأة والمجتمع المنبثقة عن الفرع أن أعدت وأصدرت أرضية في الموضوع، تم توزيعها والإعلان عنها في إبانها، لدى العموم، يوضح الكاتب العام للفرع.
وبعد أن استعرض المتحدث سياق انهمام المنتظم الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة، بالعنف منذ شكله (السياق) الجنيني، رأى أنه يجب على ”أحرار العالم" توظيفه لمناهضة "عنف الفساد والاستبداد" “الحكامة بالقتل البطيء واللامبالاة والعجز”، أو “الإستحكام” بلغة فوكو، دعا إلى "تفعيل المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على الحق في الأمن الاجتماعي، و كذا الحق في الإنصاف والعدالة الذي تصونه المحكمة الجنائية الدولية".
وبحكم موعدنا مع الإنتخابات في غضون السنة المقبلة، أراد المنظمون لهذه المائدة المستديرة أن يؤكدوا على "أهمية مشاركة النساء في الحياة السياسية وحيوية القطع الضروري مع العزوف والتهميش والإبعاد والإقصاء في بلادنا، بما في ذلك ضرورة إنتخابهن وتعيينهن اللازم في المواقع والمراتب القيادية، الرسمية منها وغير الرسمية، بجميع مستوياتها، ضدا على إستغلال “يافطة الجندر المبتذل” لتعزيز هياكل السلطوية الذكورية والطبقية، على حد تعبير الأستاذ عبد الواحد حمزة.
أول مداخلة في هذه المائدة المستديرة ألقتها الأستاذة أمال غنام وقد اختارت لها عنوانا جاء كالتالي: "مدخل إلى فهم العنف وأشكاله وعلاقته بالسلطة".
استهلت الأستاذة غنام مداخلتها بالإشارة إلى أنها لن تتناول بشكل خاص العنف ضد المرأة بل سوف تهتم بالعنف بشكل عام من خلال مجموعة من الأسئلة، مثل: هل العنف ظاهرة اعتيادية أم سلوك ثقافي واجتماعي؟ ما هي حقيقته وما هي أشكاله؟ هل يمكن اعتبار كل أشكال العنف مرفوضة؟ هل يمكن لنا أن نتحدث عن مشروعية العنف إذا كان الهدف منه تطويع المعنف وإخضاعه لسلطة الدولة؟ وهل ينبغي القبول بهذا العنف؟ ما السبيل لمقاومة عنف الدولة سواء كان هذا العنف ماديا أو جسديا أو رمزيا؟
للإجابة عن كل تلك الأسئلة، انطلقت من تعريف مفهوم العنف وهو إلحاق الأذى بالغير قصد إخضاعه، ويمكن أن هذا الإلحاق غير قصدي، لكن حين تتحقق قصديته يتحول هذا الفعل إلى عنف. ثم انتقلت إلى رهان الدولة مستحضرة فلاسفة العقد الاجتماعي وإجماعهم على أن وجود الدولة مبرر بتوفير الحماية، ولا يمكن لنا بالتالي إلا أن نتصور أن الدولة ضد العنف أو أنها تتأسس لمقاومة العنف. وإذا كان هذا هو رهان الدولة فلا يستقيم إلا بوجود الديمقراطية.
من ذلك تخلص المتحدثة إلى أن هذا الرهان الأساسي لممارسة السياسية والسعي إلى السلطة لإقامة دولة الحق والقانون أو تدبير المجتمع بشكل عقلاني وديمقراطي من خلال إرساء نظام تعاقدي بطبيعة الحال إرادي نتنازل فيه جميعا، كما يقول فلاسفة العقد الاجتماعي، عن جزء من حريتنا لصالح المجموعة من أجل العيش في أمن. إلا أن هذا الطموح يصطدم بما يعرقله وهو وجود العنف.
عند هذه النقطة حددت الأستاذة أمال غنام موقفها المبدئي حين أفصحت عن اهتمامها في المقام الأول بالعنف الذي تمارسه الدولة والذي اعتبرته ظاهرة موجودة في صلب سلطة الدولة تظهر من خلال الإبادة وجرائم القتل والإرهاب والحروب.
وعن أشكال العنف، قالت المتحدثة إنها تطرح سؤالا كبيرا نابعا من كون الشكل الوحيد والسائد في المجتمع هو العنف المادي والجسدي، مستحضرة ما إعتاد عليه المغاربة من سماع ذلك السؤال الذي يطرحه رجال الأمن على كل من بلغ عن جريمة عنف: هل سال الدم؟
بخلاف ذلك، نبهت الأستاذة غنام إلى أن هناك أشكالا أخرى للعنف، وأخطرها هو الذي تحدث عنه بيير بورديوه تحت اسم العنف الرمزي الموجود في كل مستويات الحياة. مع وعد بالعودة لاحقا إلى هذا الشكل من العنف، أثارت المتدخلة مسألة ما إذا كان العنف يعود إلى التنشئة أم أنه غريزي. وأعلنت أن الكثير من الناس يسندون له الصفة الأخيرة وكأن شأن الإنسان كشأن الحيوان.
وعن العنف الرمزي، استحضرت ما قاله عنه بيير بورديوه من كونه يتخلل جميع تفاصيل الحياة، ويبدأ في التشكل منذ التنشئة الاجتماعية داخل الأسرة أو خارجها. يوجد في سلطة المربي والسياسي وحتى في خطبة الخطيب. بل يوجد العنف الرمزي أو المعنوي كذالك في المقررات الدراسية.
في هذا السياق، رأت الأستاذة أمال غنام أن الصحفي في المغرب أصبح اليوم يتعرض للعنف المعنوي المؤدي إلى القتل الرمزي. واستدلت على ذلك بتلفيق التهم له ومحاكمته بالقانون الجنائي.
كما تطرقت الأستاذة غنام لحضور العنف الرمزي واللفظي بكثافة في الخطاب السياسي، خاصة خلال السنوات الخمسة الأخيرة منبهة إلى خطورة هذا الحضور في الممارسة السياسية ببلادنا.
وفي ما يتعلق بمشروعية العنف، لم تجد الأستاذة غنام أحسن من ماكس فيبر لأنه هو من توسع في هذا الجانب كثيرا وحاول البحث في المبررات التي تحاول إضفاء المشروعية على العنف. ومن هذه المبررات السلطة التقليدية التي توصي بتحاشي الاصطدام بالمخزن، مثلا، وفق خصوصيتنا. ويرى ماكس فيبر في السلطة التقليدية مبررا لاعطاء الشرعية لعنف الدولة.
وثاني المبررات التي تشرعن العنف حسب فيبر يتمثل في والعادات والتقاليد الاجتماعية، وفي هذا الباب يمكن أن نتحدث عن الكاريزمية التي يتمتع بها رجال السلطة و زعماء الأحزاب والحكام ورجال السياسة عموما.
وتبعا لما تقدم، امتلكت المتحدثة قدرا من الجرأة أهلها لطرح هذا السؤال الأساسي: كيف نقاوم العنف؟ وكان جوابها بكل بكل بساطة: لا مقاومة للعنف بدون ديمقراطية، مؤكدة أن الفكرة الضامنة للقضاء على العنف، سواء تعلق الأمر بالعنف في أشكاله المختلفة أو بالعنف ضد المرأة، هي فكرة الديمقراطية التي هي السبيل الوحيد من دوامة العنف.
(يتبع)
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
|
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|