|
|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
العفيفي فيصل
!--a>
2025 / 12 / 24
اعتقد أن ظاهرة خلع الحجاب صارت موضة مؤخرا في إيران بعد الانتفاضة الشعبية على خلفية مقتل إيرانية من طرف شرطة الأخلاق، أي موضة كرمز لمعارضة النظام ولاية الفقيه الحاكم، أما في بقية مجتمعاتنا فهي فقط حالات فردية لمؤثرات أو مغتربات لا تصل إلى مستوى الظاهرة، ورغم ذلك لا بأس بالتذكير أن الشريعة الإسلامية بنصوصها القطعية من القرآن والسنّة لا تقّر أية عقوبة دنيوية على نزع الحجاب (لا حدّ ولا تعزير منصوص عليه)، فهو خطاب ديني تكليفي أخلاقي، ولا سلطة قانونية قهرية عليه.
لقد أجمع الفقهاء على أصل مهّم في فقه العقوبات مفاده أن هذه الأخيرة لا تثبت إلا بنص أو إجماع، وبناء على هذا، فإن قضية الحجاب تبقى في دائرة التكليف الشرعي والأمر بالعروف، وليس في دائرة العقوبات، وقد شدّد الطاهر بن عاشور على أنّ الشريعة في مقاصدها لا تهدف إلى مراقبة الأفراد في خصوصياتهم، بل إلى حفظ الحقوق والنظام العام، ولهذا فإن توسيع دائرة التجريم باسم الدين سيؤدي حتما إلى تشويه هذه المقاصد، مؤكدا أن كل فعل أو سلوك لم تربطه الشريعة بعقوبة، فسيبقى بالضرورة متعلقا بالإيمان الداخلي للفرد، وتربيته، وأخلاقه، وليس بالسلطة.
إذا تساءلنا كيف تحوّل الحجاب من تكليف ديني أخلاقي إلى معيار تمييز إيماني وعلامة انتماء هوياتي ؟ حتى صارت المرأة المحجبة تعني الالتزام والفضيلة والحياء، وغير المحجبة تعني الانحلال وبلا رجال ولا أخلاق، وإن كانت من المثقفات فهي علمانية ومتأثرة بالغرب.
بعد الحرب العالمية الثانية، اشتد الصراع بين الإسلاميين والدولة وخاصة في مصر وسوريا وتونس، وقد كان هذا الصراع رمزيا، ولهذا اختارت جماعة الإخوان جسد المرأة ليكون ساحة التعبير عن المقاومة بلباس ديني (اختيار المرأة ليس صدفة بل لأنها في تلك الحقبة الحلقة الأضعف اجتماعيا من جهة، وجسدها مثير للجدل نظرا لارتباطه بالجنس في عقلنا الجمعي من جهة أخرى)، وهكذا تمكّن الإخوان من تحويل الحجاب إلى مظهر هوية سياسية دينية، ومعيار ولاء فكري وعقدي، أكثر مما كان عليه في الكتب الفقهية التي فرّقت بوضوح بين المعصية الشخصية والجريمة العامة، فصار الحجاب إثبات حضورهم في الفضاء العام، ووسيلة احتجاجهم ضد النظام الحاكم بطريقة غير مباشرة (أتحدث عن سنوات الخمسينات والستينات والسبعينات حيث كان الحجاب هو القلّة بما في ذلك داخل الجامعات الإسلامية).
أما ما صنعه الخميني بعد انتصار ثورته الدينية في إيران فأخطر مما صنعه الإخوان، لأنه حوّل الحجاب من رمز ديني إلى قانون جنائي، وبالتالي انتقل التديّن من الاختيار إلى الإكراه تحت مراقبة شرطة الأخلاق التي تشرف عليها مخابرات الحرس الثوري، فالخميني جعل الإسلام في شكل واحد مفروض، ومن يُعارض أو تُعارض فالتهمة الجنائية الجاهزة هي العداء للدين (التهمة الحقيقة عدم الخضوع للنظام الحاكم).
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
|
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|