تصورات عامة حول محور المرأة



نعيمة مرهون
2002 / 2 / 7


انطلاقاً من حقيقة أساسية وهي إن المرأة مواطن كامل الأهلية في مجتمعها . عليها أن تساهم في رقي المجتمع وتتفاعل مع مؤسساته وتنظيماته الحكومية وغير الحكومية كما أن عليها أن تساهم في مناقشة القضايا المجتمعية بشكل عام والقضايا والمشاكل التي تواجه المرأة والأسرة بشك خاص وطرح الحلول لها , ومخاطبة السلطة لمعالجة هذه المشاكل .

إن المرأة بحسها الفطري بالقضايا والمشاكل الاجتماعية وخاصة تلك المعنية بالقضايا الأسرية وقضايا الطفولة والأمومة . دفعها لتشكيل جمعيتها النسائية ذات الأهداف الخيرية والإنسانية .
أما بالنسبة للتنظيمات السياسية فيلاحظ تدني نسبة مشاركة المرأة فيها , ويعود ذلك للنظرة التقليدية للعمل السياسي بأنه ذا سمة ذكورية,. ومن هنا على المرأة أن تنشط في الجمعيات والنقابات وأن تثبت وجودها وأن نحرص على اكتساب الخبرة الإدارية لهذه المنظمات بما يمكنها من اكتساب ثقة الأعضاء إناثا وذكورا لانتخابها في المراكز الحساسة من صنع القرار . إن ممارسة المرأة لحقوقها السياسية لا تنفصل عن ممارسة حقوقها وحريتها بمضامينها المختلفة سوى داخل الأسرة أو خارجها.

لكن الملفت للنظر إن إقبال المرأة على التعليم وخروجها ألي العمل وحصولها على درجة عالية علمية , كل هذا أدى أن تغيير في مستوى الفرد والذاتي للمرأة فقط , ولم يصاحبه تغييرات ملموسة داخل منظومة القيم والعلافات السلطوية السائد داخل الآسرة والمجتمع وبالتالي ظل حظور المرأة في الحيات السياسية والعامة محدودا , ولا يعبر عن قدراتها وكفاءاتها . ويرجع هذا طبعا إلى عدة عوامل . من أهمها نقص الفرص المتاحة للمرأة والتمييز ضدها في عدة مجالات . كالمنح الدراسية وممارسة حقوقها السياسية مثلا : وتكريس الثقافة ألذكورية السائدة في مجتمعاتنا بروافدها المختلفة وعلى الأخص الأيدلوجية الدينية والتي مازالت تضغط على النفسية الاجتماعية للجماهير الشعبية مكرس في وعيهم مختلف الآراء والأفكار والمفاهيم التقليدية القديمة حول المرأة ودورها في الآسرة والمجتمع وكذلك في وعي المرأة الاجتماعي بأنها ناقصة عقل ودين فعليها الخضوع والتبعية إن خطر هذه الأيدلوجية التي تقوم عليها القوانين والتشريعات الخاصة بالأسرة و الأحوال الشخصية .

إن التشريع للأسرة في مختلف البلدان العربية يدعي أنه يستمر قواعده وأسسه في الشريعة الإسلامية إن الشريعة الإسلامية تتسع لتشمل مذاهب وآراء فقهية متشددة جامدة وأخرى مستنيرة سمحة . إلا أن قوانين الآسرة والأحوال الشخصية في واقع الآمر لا زالت تستند في أحكامها للآراء والمذاهب الفقهية الجامدة.

وبالرغم من الإنجازات الكثيرة التي تحققت للمرأة العربية بتفاوت نوعي وكمي بين دولة وأخرى خلال العقدين الأخيرين فغن أقل المجالات تأثرا بالتطور وتجاوبا مع التغيير كان مجال التشريعي وأقل مجالات التشريع كان مجال الأحوال الشخصية . ويمكن القول أن تشريعات الأحوال الشخصية لم تشهد سوى تعديلات ضئيلة رغم انضمام إحدى عشر دولة عربية ألي اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادر عن الأمم المتحدة عام 1979. . وكذلك فإن أي محاولة لإخضاع قوانين الأحوال الشخصية للتحليل والنقد وأي سعي إلى التعديل تكون على الغالب عرضه للرفض أو التسويف وفي أحسن الأحوال يحال الأمر إلى من يمثل السلطة الدينية كما لو إن تنظيم العلاقات العائلية ومسائل الأحوال الشخصية هي من العبارات لا من المعاملات ومن اجل الوصول إلى التشريع للأحوال الشخصية يسهم في إرساء أسس جديدة للعلاقات العائلية فتقوم على مبادئ المشاركة والاحترام والتفاهم ومن أجل قانون يساهم إلى رفع الظلم والتعسف وقانون يكفل الحد من ظاهرة العنف الأسري من أجل الوصول إلى هكذا قانون علينا التعرف إلى التشريعات النافذة والتجارب الناجحة في استبدال أحكام تقليدية بأحكام مستحدثة مناســـبة .

فما هي التطورات الحاصلة على صعيد حقوق المرأة السياسية ؟ .

أولا : حقوق المرأة السياسية على الصعيد الدولي .
لقد طرحت مسألة حقوق المرأة السياسية في القرن العشرين بعد انتهاء الحرب العالمية الثامنة في نطاق السياق الشامل لموضوع حقوق الإنسان وبعد اعتماد الإعلان العالمي بدأ العمل في التوسع في دراسة الحقوق والحريات المعلقة وتدوينها في شكل قانون ملزم , ونتج عن هذه العملية بروز وثائق هامة ولها صلة مباشرة بوضع حقوق المرأة ولا سيما في المجال ل=السياسي كالاتفاقية الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة سنة 1952م و الاتفاقية الأهمية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي أقرت عام 1979 وبدأ في تنفيذها عام 1981 , والأهم في هذه الاتفاقية أنها حددت وبشكل دقيق المجالات العلمية لهذه الحقوق وذلك من خلال ما نصت عليه المادتان من هذه الاتفاقية من ضرورة وكفالة المساواة مع الرجل في :
1- التصويت في جميع الانتخابات .
2- الأهلية للترشيح .
3- المشاركة في صياغة السياسات وتنفيذها .
4- شغل الوظائف العامة على جميع المستويات الحكومية .
5- المشاركة في منظمات وجمعيات غير حكومية .
6- تمثيل الحكومة في المستوى الدولي .
7- المشاركة في المنظمات الدولية .

ولكن ابرز سمات هذه الاتفاقية تأكيدها الصريح على الهدف المتمثل في تحقيق المساواة الفعلية إلى جانب المساواة القانونية . وهو ما انعكس على عدد من المواثيق والإعلانات الدولية الأخرى . وآخرها منها العمل الصادر عن مؤتمر المرأة العالمي الرابع الذي انعقد في بكين عام 1995 .

ثانيـا : حقوق المرأة السياسية في الدساتير العربية .
1- دول ليست لها دساتير أو قوانين تنظم وتفسر الحقوق السياسية للمواطنين وهو ما يشمل الرجل والمرأة مثل ( الكويت والســـعودية )
2- دول أصدرت دساتير لكن لم تنص أحكامه على منح المرأة حق المشاركة السياسية مثل ( الكويت والإمارات ) .
3- دول عربية لها دساتير وقوانين تنص بوضوح على حق المرأة المشاركة السياسية ( تونس , مصر , سوريا , العراق , الأردن , المغرب , لبنان , اليمن , البحرين ) وغيرها فمن الملاحظ هنا أن التعامل مع الحقوق السياسية للمرأة في مجتمعاتنا العربية لا يكن متماثلا بل ظل مرتهناً في بعض المجتمعات بعوامل متشابكة منها ما هو متصل بالموروث الثقافي وتأويل النصوص الدينية .

ولهذا فنحن في أمس الحاجة إلى إدارة سياسية ثابتة تؤمن بالدور الحقيقي للمرأة في ساحة العمل السياسي بوصفها قوة فاعلة في المجتمع ومع هذا فإن ممارسة المرأة لحقوقها السياسية تبقى مسـألة مرتهنة بين المرأة ذاتها فالحقوق إجمالاً والحقوق السياسية بصورة خاصة لا تعطى بل تؤخذ .
إذن ما هي المعوقات أمام تفعيل دور المرأة في الحياة العامة :
1- الموروثات التاريخية والتي حصرت دور المرأة في أدوار محددة .
2- مشكلة الأمية ( والأمية الطائفية ) وتلعب الأمية الطائفية دورا خطيرا وعائقا لحركة المرأة في نشاطها الوطني والديمقراطي . من حيث أن الأمية الطائفية هي النقيض للوطنية الديمقراطية . والأمية لا يمكن حصرها فقط في معرفة الكتابة والقراءة ومعرفة المرأة حقوقه التشريعية والقانونية والسياسية فإن كل هذا يصبح هباء إذا كانت الأمية الطائفية هو الأساس الذي يتحكم ويقنن نشاط المرأة في المجتمع لأنه لا قيمة لنشاط اجتماعي لا يرتبط بالوطن والديمقراطية ولهذا علينا أن نوليها نشاطا أكثر جذرية ونضعها من أولويات مهماتنا الوطنية .
3- الفجوة الكبيرة بين نصوص الدستور والقوانين المنظمة للعمل بالمساواة بين الرجل و المرأة وبين تطبيقها على الأمر الواقع وبالتالي فقد أدى واقع المرأة إلى ابتعاد عن مجالات صنع القرار و إلى ضعف مشاركتها السياسية .
ولهذا يجب تفعيل دور المرأة والمشاركة في الحياة السياسية فالهدف من هذا التفعيل وتعميق هذا المفهوم هو أن مشاركة المرأة في الحياة العامة ليست منحة وإنما لأنها أكثر قدرة على التعبير عن مشاكلها والدفاع عن مصالحها ولتحقيق هذه الأهداف يجب العمل على :
1- ضمان الحقوق السياسية للمرأة وضمان المساواة بين الجنسين في الحقوق المدنية والسياسية دستوريا .
2- سن التشريعات التي تلزم أولياء الأمور في الأسرة الفقيرة والريفية على إلحاق بناتهم بالمؤسسات التعليمية وتقديم الدعم المادي لمساعدتهم .
3- تدعيم المشاركة السياسية للمرأة وتدليل عقبة تمويل الحملة الانتخابية .
4- تشجيع الجمعيات والمنابر السياسية على وضع أسماء السيدات على قوائم ترشيحاتها .
5- التوعية السياسية لتشجيع المشاركة في الحياة السياسية .
6- النهوض بالجمعيات والمنضمات والمؤسسات التي تعمل في مجال المرأة لما لها من دور بالغ في الأهمية .
7- تعميم فكرة إنشاء مركز التوعية النسوية وخاصة في القرى فهذه الفكرة وتطبيقها تقع على عاتق الجمعيات النسائية وخاصة الاتحاد النسائي والمجلس الأعلى للمرأة المزمع إنشاءه من قبل الشيخة سبيكة زوجت الأمير .
8- الاسترشاد عند مناقشة التشريعات المتعلقة بالمرأة والأسرة بآراء الجمعيات النسائية والجان النسائية.

دور الدولة فــي هذا الشـــأن :
فعلى الدولة أن تضع إستراتيجية لمشاركة المرأة في الحياة السياسية .
1- وضع سياسة عامة وطنية للنهوض بالوضع السياسي للمرأة يشترك في رسم حقوقها العريضة فريق عمل متخصص وكوادر فعالة .
2- التوعية السياسية للجنسين حول أولوية القضايا الوطنية مثل : الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية والدفاع عن القيم الإنســـانية .
3- الاستعانة بالكفاءات لنشر وتعليم المواثيق الدولية المتعلقة بالديمقراطية وبحقوق الإنسان واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والاتفاقيات الخاصة بحقوق الطفل وذلك في المدارس والمعاهد والجامعات .
4- تنظيم دورات لمحو الأمية القانونية على نطاق وسع وتثقيف المرأة على ممارسة حقوقها وواجباتها.
5- توفير البعثات التدريبية الخاصة بهموم المرأة والأسرة والتعاون في إنجاز ذلك مع المنظمات العربية والدولية .
6- إنشاء وتفعيل شبكة خدمات مساندة المرأة في كافة مراحل حياتها ابتداء من دور الحضانة إلى الزيارات المنزلية ودور العجزة للمسنات .
7- تنظيم محاضرات و ندوات وورش عمل ودورات تدريبية وحلقات حوار وإشراف وسائل الإعلام من مرئية ومسموعة ومقروءة لتصل إلى شرائع واسعة إلى الجمهور إبرازاً لأهمية دور المرأة في المشاركة في الشـــــأن العــــــــام .