وللأنثى مثل حظ الذكرين



حسين القطبي
2007 / 3 / 8

تتسربل بالاكياس كشماعة سوداء متحركة، هذا اذا دخلت المرأة الى السوق، حتى بات شكل الاسواق في المدن العراقية عبارة عن رجل يبيع وامرأة تشتري، ومع ذلك فمازالت الكثير من العوائل الملتزمة بالعرف التقليدي تحرم الاناث حتى من هذه المتعة المضنية.

الرجل من جانبه لا يجد ضيرا في تقاليد كهذه، فهو الذي يزداد شهامة ورجولة، ويحقق طموحه في احتكار مصدر الرزق الوحيد لدى العائلة، وبالتالي فهو الذي يمتلك الاشياء، وهو السيد الذي يحق له شراء حتى النساء بما ملكت يمينه.
والمرأة، التي تدفع الثمن وفق هذا العرف، تتحول اليا الى احدى المقتنيات المقنعة للرجل ليس امامها سوى المساومة، والسهر على خدمة البعل، بحيث تكون له اكبر من مجرد خادمة، واقل من منزلة سيده.

وامام الفحولة المفرطة في العلاقة الاسرية، لم يعد امام المرأة سوى ان تحصل هي الاخرى على مصدر للرزق تحاجج به الرجل، وتنال قسطها من الاحترام داخل الاسرة. الا ان هذا التمرد وتحدي سلطة الرجل يشبه في بعض اوجهه "الخروج عن الطريق" في ظل الذكورية القاهرة المتحكمة بالسوق والتزمت المبالغ فيه اسريا.

واذا كان من اهم موارد المرأة في مجتمع يعيش واقعنا الحالي هو الهدايا التي يقدمها الزوج، اذا كان الحال ميسورا، فان الاهم هو الارث الذي يتركه الاب لعائلته، وهو نزر ايضا في معظم الاوقات، كما ان حظ المرأة هنا ايضا يتعثر بقانون "وللذكر مثل حظ الانثيين"، وشكل هذا النص هو الاخر مكرس لهيمنة الذكورية السائدة، ويحرم الانثى من فرصة لتعويض نقصها المادي.

الام لها قداسة وفق تقاليدنا، لا تذكر الا بمقدار الالم الذي قاسته طيلة حياتها على يد الرجل، والاخت هي الرمز للشرف الذي يرف له الشارب، والزوجة والبنت هي العرض العزيز، لكن كل ذلك غير كاف على ما يبدو، ولم تستطع الام رغم قداستها، ان تحصل على اليسير من حقوقها لأنها خدمية غير منتجة، لم تلج السوق في حياتها.

من المتوقع ان ينشط في العقود القادمة اعصار العولمة القادم من جهة الغرب، وقد يجد الرجال مثلا بان الحاسوب قد وفر الفرص لاعمال لا تعتمد على القوة العضلية فقط، وان المراة قد تتفوق عليه في الكثير منها فيدعونهن الى ولوج معترك الحياة الاقتصادية بدلا من هجرتهن الميسرة، علانية او سرا، الى بلدان اكثر تسامحا في العالم.
اوعلى طريقة اكتشاف الادوية والعلاجات الجديدة لامراض كالسرطان، والايدز وهو ما توصل اليه مؤخرا احد المفسرين المحدثين من اليمن، والذي ينتظر الان برائة الاختراع، وكما اكتشفوا نصوص تحلل زواج الفريند والمسيار، المتعلقة بجسد المرأة، قد يكتشفون ايضا ما يتعلق بروحها، والامها، وانها التي عاشت وماتزال تحت جور قوانين غير عادلة، بحاجة الى فتح المجال لها في السوق، لا لشراء الخضار فقط، بل اسوة بالرجل، او على الاقل اكتشاف ثمة تفاسير جديدة، واكثر جدية توحي بـ "وللانثى مثل حظ الذكرين".