نضال مرير من أجل الحقوق المشروعة للنساء



مصطفى محمد غريب
2007 / 3 / 8

تحتفل النساء والبشرية التقدمية بيوم المرأة العالمي متذكرين النضال المرير التي خاضته النساء من اجل حقوقهن المشروعة وبمساندة البشرية التقدمية لهن .. ذلك النضال الذي تكلل بنجاحات كثيرة دون واقع الطموح وبإخفاقات مازالت تعاني منها النساء في أكثرية بلدان العالم وقد سجل التاريخ مآثر بالغة وأعمال رائعة مبدعة ومواقف مازالت طرية تعيش في وجدان البشرية ولم تكن الطرق إلى تحقيق البعض من المكاسب معبدة بالورود وسهلة المنال بل العكس من ذلك فكثير من الأشواك والعراقيل وقفت حاجزاً ومانعاً من حصول النساء على تلك المكاسب ونرى أن نضال النساء في العالم لم يقتصر على جهة أو موضوع معين فهو مشترك أممي التضامن فالحقوق المشروعة هي بالضبط هاجس كل امرأة تعيش واقعاً يميّز ما بينها وبين الرجل لا في الجنس ( الفرق بين الذكر والأنثى ) كما يحاول البعض تسفيهه ولكن في العمل والاجور والضمان والتقاعد والحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وما الاحتفال المشترك العالمي تقريباً منذ مئة عام بيوم المرأة إلا دليلاً على التضامن الاممي مع نساء العالم والوقوف جنباً إلى جنب معهن في كفاحهن وصراعهن من اجل كامل الحقوق غير المنقوصة لكي تستطيع النساء المساهمة الواسعة في البناء والتقدم وتربية الأجيال الجديدة.
إن نضال النساء العراقيات اكتسب منذ زمن بعيد جانباً تقدمياً وان حاول البعض تشويهه تحت ذرائع وحجج دينية وقومية وطائفية وما كان نضال النساء العراقيات إلا إضافة للنضال العام المشترك من اجل الحريات العامة والشخصية والحقوق المشتركة والديمقراطية وهو بالاحرى فاعلاً نشطاً في النضال السياسي والاقتصادي ، الوطني والقومي والاممي وقد شاركت النساء العراقيات في جميع الوثبات والانتفاضات والمظاهرات والاضرابات التي كانت تحدث وتحملن الكثير من ظروف الاضطهاد والسجن والاعتقال والتعذيب حتى الموت والاعتداء على شرفهن كما حدث بعد انقلاب 8 شباط 1963 وخلال 35 عام من حكم البعثصدامي الجائر.
وقد عانت النساء الأمرين أثناء الحكم الشمولي ولا سيما في زمن الحروب التي ساقت مئات الآلاف من الرجال وأصبحت مقابر لهم مما جعل المراة العراقية تتحمل قسطاً إضافيا من الشقاء .. فإلى جانب مسؤوليتها في تربية الأولاد وتعليمهم خرجت إلى سوق العمل بموصفات متدنية الأجور والمعاملة والتجاوز على حقوقها المشروعة إضافة إلى الملاحقات البربرية التي استخدت ضدهن ومنها تحليل قتلهن بحجة الزنا والدعارة وهي طرق إجرامية ووحشية كانت تستهدف تحجيم نضال المراة وجعلها إمعة لا تعي من أمرها وأمر حقوقها شيء..
ومنذ احتلال العراق وسقوط النظام الشمولي بدأت الأمور تتغير وبخاصة النص الدستوري على أن تكون نسبة النساء في البرلمان العراقي 25 % وانتشار المنظمات النسائية بمختلف الألوان والأطياف بعدما كن محرومات من التنظيم النقابي المهني ومحصور في اتحاد نساء السلطة الذي كان جزء لا يتجزأ من مؤسسات النظام الأمنية مما جعل أكثرية النساء الانعزال خشية من ملابسات هذا التجمع المشبوه وما كان يجري من إشاعات لا أخلاقية على الدور التي تقوم بها هذه المنظمة السلطوية.
إن ظاهرة تعدد التنظيمات النسوية المهنية النقابية بالرغم من إيجابياته بما يخص تحرر المرأة من الهواجس السابقة بالنسبة لتنظيم السلطة الشمولية يحمل سلبيات لا حصر لها ومنها
1 ـــ تدخل الأحزاب السياسية الدينية والسيطرة عليها وتوجيههاً سياسياً ومنهجياً حسب سياسة الحزب المعني وتوجيهاته وبرامجه
2 ــ عدم توحيد نضال النساء من اجل تحقيق حقوقهن وإضعاف التضامن فيما بينهن .
3 ـــ إمكانية خلق محاور مضادة مما يدفع هذه التنظيمات إلى طريق التناحر غير المشروع مع بعضها البعض
4 ــ الالتزام بتنفيذ سياسة الأحزاب التي ساهمت في التشكيل أو التي تقدم الدعم المادي له مما يضعف المطالبة بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والمطليية.
5 ــ بعثرة جهود النساء وانحسار نضالهن في مناطق جغرافية محددة حسب نشوء التنظيم وعدم تمكنهن من وضع سياسة موحدة لحمايتهن من الاستغلال والاضطهاد المزدوج في البيت والعمل والدفاع عن عموم النساء بغض النظر عن الانتماء السياسي والفكري والقومي والديني والطائفي
6 ــ عدم اخذ الدور الطبيعي في بناء مؤسسات الدولة والمشاركة الفعالة في كتابة الدستور والتعديلات التي يجب أن تجري عليه والمشاركة النشطة والمسؤولة في السلطات الثلاث.
إضافة إلى سلبيات كثير تحيق بحقوق النساء مما يجعل هذه التنظيمات ضعيفة لا تستطيع تحقيق الكثير ويبقى نضالها محصوراً لا يفي بالغرض المطلوب ومن هنا يجب أن تفكر أكثرية هذه التنظيمات النسائية بكل أطيافها والتي تتقارب أهدافها وتطلعاتها بضرورة التخلص من الهيمنة الحزبية والسعي من اجل توحيد الجهود لتشكيل منظمة نسائية مهنية واحدة على الأقل تختص بحقوق المراة إضافة إلى حريتها في الانتماء السياسي والنقابي حسب المهنة المعينة.
تعاني النساء العراقيات بجانب إهدار الكثير من الحقوق في الظروف الراهنة.. من الردة السوداء والأفكار الظلامية التي تهدف إلى إلغاء جميع حقوقهن وإعادتهن إلى القرون المتخلفة القديمة وجعلهن سلعة تباع وتشترى مستغلين الدين والطائفية والتقاليد البالية لإخضاعهن وتهميش وعيهن وتخلفهن وإبقاء ألامية والجهل في كثير من الأحيان ولهذا نرى من المهمات التي تقع على القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية وجميع الشرفاء من العراقيين الوقوف ضد هذا التوجه الظلامي ومساندة النساء من اجل نيل حقوقهن الكاملة وزجهن في العمل السياسي والمهني وإيجاد الطرق التنويرية التي تبرهن لهن على إنهن أقوى إذا توحدت كلمتهن وتضافرت جهودهن من اجل أن يثبتن أنهن فعلاً نصف المجتمع ولهن بالأهمية نفسها التي يختص بها الرجال..
أخيراً في هذا المجال قد نقول كلمة حق وليس هي بالباطل ، إن حكومة الجعفري أو المالكي أو أي حزب ديني سياسي لن يحل هذه الإشكالية بسب آليات تجاذبه الفكري الأيديولوجي والديني الذي يجعل من المراة عنصراً ناقصاً وضعيفا ،ً ومن هذا الباب لا يمكن الاعتماد على أي برنامج حكومي إلا اللهم ما يشرع في السلطة التشريعية وهذا الأخير مسيطر عليه ومن خلاله نرى ضعف أداء أكثرية النساء التابعات للأحزاب والتنظيمات السياسية الدينية وعدم اخذ دورهن الحقيقي في البرلمان العراقي.. ولكننا مازلنا نؤمن بنضال النساء العراقيات وتنظيماتهن وبالقوى السياسية الوطنية التي تؤمن مثلنا بانتصار قضية المرأة في العراق على الرغم من الظروف والتعقيدات التي تشهدها الساحة العراقية