-حبيبة- .. و-إيمان-: تعددت الأسباب والكرب واحد



سعد هجرس
2007 / 3 / 8

يبدو أن حكاية "حبيبة والكلب" قد نكأت جراحا لم تندمل من قديم، بدليل ردود الأفعال المدوية التى أثارتها والاهتمام الجماهيرى بتطوراتها، بدءا من تراجيديا فتك كلب الأمير العربى بالطفلة المصرية المسكينة، وبعنجهية أسرة الأمير فى التعامل مع المأساة فى بداية الأمر وكأنهم فوق قانون البلاد التى استضافتهم وفتحت لهم صدرها وقلب أهلها الطيبين.
ومروراً بالموقف الحاسم والسريع والمشرف للنائب العام الذى استدعى أصحاب الكلب إلى التحقيق وقام بتحويلهم إلى محكمة الجنايات ومنع ابن الأمير من السفر.
وانتهاء بتخاذل والد حبيبة كالعادة وتنازله عن الدعوى القضائية ضد الأمير صاحب الكلب مقابل ثمن بخس، يغرى القاصى والدانى بالتجاوز فى حقوق المصريين فى الداخل والخارج عملاً بالمثل القائل "اللى تعرف ديته .. اقتله".
ورغم أن موقف والد "حبيبة" قد خذل غالبية المصريين، فان موقف النيابة العامة قد خفف من هذا الشعور العام بالاحباط والإحساس بالمهانة.
وعلى العموم .. فان القضية العامة التى أثارها هذا الحادث هى قضية "المواطنة" التى هى – بالمناسبة – فى صلب التعديلات الدستورية المطروحة للنقاش الوطنى هذه الأيام.
وإليكم نموذجا للأشواق الشعبية إلى أن تصبح المواطنة سلوكا فى الواقع وليست مجرد كلمة فى الدستور.
حيث كان من بين بريد هذا الأسبوع الرسالة التالية:
بعد التحية
سيدى الفاضل دائما تعجبنى كلماتكم وأقوالكم التى أشعر فيها بكل العزة والكرامة وكان آخرهااليوم مقالكم بالجمهورية (صدق أو لا تصدق نقد رئيس مصر مباح وعتاب أمير عربى ممنوع؟!) ... وربما يكون السبب فى ذلك يا سيدى أننا لا نهتم بتقدم بلادنا وبمستقبل أبنائنا وإليكم مشكلة ابنتى وهى مشكلة كل المتفوقين الذين سبق للمسئولين أن تعهدوا بتعيينهم ثم اتبعوا سياسة الطناش واهتموا فقط بمن له واسطة.
الموضوع:
قصة ابنتى إيمان الأولى على آداب الإسكندرية مايو 2005 والتى تجلس تندب حظها فى زمن مات فيه العدل ويموت فيه الحب.
ابنتى ايمان أحمد عبدالمنعم يوسف هى الأولى على دفعتها بكلية الآداب جامعة الاسكندرية دور مايو 2005 بتقدير عام جيد جدا مع مرتبة الشرف.
· أعلنت جامعة الإسكندرية حاجتها لمعيدين بقسم الفلسفة فى جريدة الجمهورية فى 9/8/2006 فتقدمت وكانت الأعلى تقديرا على كل المتقدمين وبدلاً من أن تعينها جامعتها ألغت الإعلان.
· أعلنت جامعة المنصورة فى 5/12/2005 – بجريدة الأخبار –حاجتها – لمعيدين وتقدمت وكانت الأولى على كل المتقدمين وأوصى قسم الفلسفة بتعيينها. وبدلاً من أن تقوم الجامعة بتعيينها قامت بإلغاء الاعلان.
· فى أول ديسمبر 2006 وفى ص 15 بجريدة الجمهورية أعلن الأزهر الشريف حاجة معاهده الأزهرية لعدد كبير من المعلمين بالتخصصات المختلفة. وتقدمت ابنتى وبدلاً من أن يلتزم الأزهر بشروط الإعلان ويعين الأعلى تقديرا تم تعيين عدد 2 حاصلين على مجموع 69% و71% ولم تعين ابنتى الأولى على دفعتها بمجموع 87%.
سيدى الفاضل، إنها ليست قضية شخصية .إنها قضية المتفوقين الذين يصابون بالإحباط الشديد عندما يجدون من هم أقل منهم ويتم تعيينهما لأسباب لا تعود للكفاءة وحسن الاختيار.
مع شكرى وتقديرى
أحمد عبد المنعم يوسف – محاسب
والد إيمان أحمد عبدالمنعم يوسف الأولى على آداب الإسكندرية مايو 2005 والجالسة بدون عمل رغم أنها الأولى وأنها تقدم فى أى اعلان ينطبق عليها.
الخميس أول مارس 2007
انتهت رسالة الأب الذى يدافع عن ابنته – وهذا حق إنسانى – لكن الأهم أنه يدافع عن "مبدأ" عام.
والمبدأ واضح وصريح لأن القواعد القانونية قد استقرت – فى مثل حالة "إيمان" – على أن "الاعلان هو الأصل والتكليف استثناء فى التعيين" لأن "الاعلان يكفل المساواة وتكافؤ الفرص بين الجميع".
و"المواطنة" تعنى – ضمن ما تعنى – أن الجميع سواسية أمام القانون، وأن فرصهم متكافئة، وأن الفيصل للكفاءة.
وما نراه بأعيننا كل يوم، فى مختلف المجالات، يقول لنا إن الواقع أبعد ما يكون عن ذلك.
ولهذا يطالب الكثيرون بـ "الإصلاح" الذى لا تمثل التعديلات الدستورية المطروحة سوى جزء يسير منه.
لكن، هل نطالب ابنتنا "إيمان" بأن تنتظر حتى يتحقق الاصلاح بعد عمر طويل .. أم أن وزير التعليم العالى له رأى آخر؟!