الثورة وتحرر المرأة مسيرة واحدة -التقديم-



سمير أبو رحال
2007 / 3 / 10

تــــقديم

هل نستطيع أن نقول أننا شيوعيون دون إستحضار موقفنا من قضية المرأة ؟ هل نستطيع أن نقول أننا شيوعيون دون إستحضار علاقتنا بالمرأة ؟ وهل يمكن أن نقول عن الرفيقات بأنهن شيوعيات وهن خارج دائرة الصراع الإيديولوجي و السياسي ؟ وهل يمكن أن نقول عن الرفيقات بأنهن شيوعيات وهن راضيات للعيش بسلام تحت السلطة الذكورية وتحت سلطة الرأسمال ؟ وهل لا تستحضر قضية المرأة والموقف من المرأة ودور المرأة في الثورة إلا يوم 8 مارس؟ وهل تختزل الدعاية لقضية المرأة وترابطها مع قضية الثورة في ذكرى اليوم العالمي للمرأة؟

كلها أسئلة نستحضرها بجرأة لنقد افكارنا وممارستنا ونستحضرها بإيمان

لترسيخ قناعاتنا ومواقفنا وشحد أسلحتنا لمواجهة العدو الطبقي برجاله ونسائه.

هل يمكن تحرير المرأة عن طريق الثورة بدون مشاركتها الفعالة ؟

منذ ازيد من 30سنة والشيوعيين والشيوعيات المغاربة يرفعون شعار "قضية المرأة قضية طبقية وتحريرها مرتبط بالحرب الشعبية" لكن كيف نفهم هذا الشعار الذي بلورته الحركة الماركسية الللينينية المغربية وكيف نخرجه من دائرة الاستهلاك الانتهازي كما يفعل الكثيرون ؟ .

لا أحد من الشيوعيين والشيوعيات (بإسثتناء المرتدين) سوف يختلف في ان الإجابة تكمن في تقديم الثورة المغربية والعمل على انطلاق حرب التحرير الشعبية ، غير ان هذه الاجابة وان كانت صحيحة الا انها قد تشكل القناع المفضل -ان لم نقل الوحيد- الذي تتستر وراءه النزعات البطريركية الرجعية وسط العديد من "الشيوعيين" ان الحرب الشعبية تشكل الاساس المتين الذي يجعل من تطور المرأة وتحررها ضرورة تاريخية لتقدم الانسانية باعتبار هذه الحرب تشكل مقدمة الثورة الاشتراكية التي تقودنا نحو الشيوعية ، فالحرب الشعبية وما تخلقه من اضطرابات تنسف كل جبال القيم والموروثات الاجتماعية والثقافية البائدة مهما كانت ممتدة الجدور ، فتلك الاضطرابات تشكل الاساس المادي المباشر لتطوير الوعي الثوري لدى الجماهير ففي ظل الاضطرابات بالضبط تحرر "العبيد" من "اسيادهم ". هذا ما اكده التاريخ ما من مرة ، وهذا ما يؤكده التاريخ اليوم ايضا ففي مقال نقدمه للرفاق في هذه المناسبة تتحدث فيه الرفيقة برفاتي عضوة الاتحاد المركزي للحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) عن حجم التأثير الذي خلقته حرب التحرير الشعبية التي انطلقت منذ 10سنوات بنيبال على النساء والصعوبات التي لازالت تواجهها المرأة داخل الحرب الشعبية، فالأوضاع التي يعيشها المجتمع النيبالي في ظل حرب التحرير الشعبية قد سمحت بتطوير المرأة النيبالية في أبعاد كثيرة. فبالرغم من حدة التخلف الذي كان يسود في المجتمع النيبالي وبالرغم من قرون من سيادة الفكر الغيبي والتقافة البطريركية والعلاقات الإقطاعية إستطاعت الحرب الشعبية من أن تحمل المرأة النيبالية من المطبخ وغرفة الأطفال الى أعلى الأجهزة القيادية السياسية والإيديولوجية والعسكرية أيضا للحزب القائد للثورة لكنها(أي الحرب) أوضحت أيضا أي صعوبات هي تلك التي تنتظر الشيوعيين والشيوعيات لنصرة قضية تحرر المرأة.

نعم إن الحرب الشعبية هي السبيل لتحرر المرأة. لكن هل من السليم العمل على تقديم الثورة نحو الأمام - بإعتبارها الطريق الوحيد لحل قضية المرأة- وفي نفس الوقت يتم تكريس واقع دونية المرأة وواقع إبعادها عن الصراع الإيديولوجي والسياسي، أو في أحسن الأحوال حصر إشراكها في "قضايا" المرأة؟ إن العديد من الشيوعيين لاينظرون الى علاقة تحرر المرأة والحرب الشعبية الا من زاوية أحادية، من زاوية تقدم الحرب الشعبية.إن ذلك يفسر بكل تأكيد سيطرة العقلية البطريركية على أولائك "الشيوعيين" فأن نعمل من أجل الحرب الشعبية ومن أجل الثورة ونقبل (أو نعمل( بقبوع النساء في البيوت والمطابخ بدعوى ان الاولوية هي لثورة ما دامت سوف تحرر المرأة كأنما نربي في الثورة "عبدا" على ان يكون "عبدا" . وفي ذلك اعاقة واضحة للثورة وهنا مضمون"لا ثورة بدون تحرر النساء – ولاتحرر للنساء بدون ثورة " .









ان الثورة الاشتراكية الصينية بفضل قائدها العظيم ماو قد علمتنا ان الثورة الاشتراكية مسار طويل لا يختزل في ملكية وسائل الانتاج ان ماو هو الذي طور بفضل ما راكمته الثورة الاشتراكية العالمية النظرية الماركسية حول علاقات الانتاج . فاختزال علاقات الانتاج الاشتراكية في ملكية وسائل الانتاج هو من اهم ما يؤسس لعودة الرأسمالية وهزيمة الاشتراكية ان علاقات النتاج هي اكبر بكثير من ملكية وسائل الانتاج انها علاقات اجتماعية بين كل افراد المجتمع رجالا ونساءا شبابا وشيوخا ...الخ. وهو ما يعني ان تحويل ملكية وسائل الانتاج الى ملكية اجتماعية (وان كان شرطا ضروريا فهو غير كافي بالإطلاق لا لتحرير العمال ولا لتحرير المرأة .

ان ضرورة مشاركة المرأة بالثورة تنبع من ضرورة مشاركة قيادة العبيد لنضالهم من اجل التحرر .وهو ما يعني ضرورة مشاركة وقيادة النساء (ليس عن طريق "الكوطا" كما تفعل الرجعية والانتهازية على حد سواء) لنضال تحررهن لكن هل مشاركة المرأة تعني مشاركتها في القضايا الخاصة بالمرأة؟ وهي ظاهرة لازالت غالبة لدى العديد من المناضلين والمناضلات حيث لانجد الإهتمام بالمرأة الا من زاوية ما يرتبط بشكل مباشر بقضايا إضطهادها ومعاناتها المباشرة بوصفها إمرأة ، فهل المرأة غير معنية بشكل مباشر بمختلف الصراعات الإيديولوجية والسياسية التي يعرفها الصراع الطبقي ؟ وإن كان الأمر كذلك فكيف يمكن أن تتطور المرأة وكيف يمكن أن تساهم بشكل فعال في الثورة (ما دام الأمر ضرورة تاريخية) .

إن أخطر ما يهدد طريق الشيوعيين والشيوعيات لتطوير نضال النساء إنما هو حصر تفكيرهن في "قضاياهن" إن تطوير الوعي لدى النساء إنما كما هو بالنسبة للرجل عبر الإنخراط الواعي والجدي والمسؤول في الصراع الإيديولوجي والسياسي . فبدون العمل على إشراك المرأة (وحتى الرجل) في التفكير وحل مختلف القضايا الإيديولوجية والمسائل السياسية لايمكن أبدا تطوير وعيهن ولا يمكن أبدا تجسيد ولا الإخلاص للشعار الذي بلوره الشيوعيون المغاربة مند 30 سنة أي شعار: "قضية المرأة قضية طبقية وتحرير المرأة مرتبط بحرب التحرير الشعبية" .ان حصر نضال النساء حول قضايا النساء إنما هو أكبر إفلاس للموقف من المرأة.

صحيح أن النساء غالبا ما يعبرن عن لامبالات سياسية تمتد جدورها في تاريخ الإضطهاد البطريركي ، لكن ذلك لايخفي مطلقا حقيقة النزعة الذكورية لدى العديد من المناضلين ، و الاكثر من ذلك ان المرأة العاملة المغربية و المراة الفلاحة المغربية وبكلمة المرأة الكادحة او المرأة الشعبية (انظر المقال...) المغربية قد أبانت على طاقات نضالية افتقدها العديد من الذكور. ففي السنة الماضية قادت الفلاحات باقليم العرائش معركة بطولية (وصلت الى مواجهات دامية مع اجهزة النظام ) ضدا على انتزاع اراضي الفلاحين والفلاحات (معركة خلفت العديد من المعتقلات ) و بمزرعة لاكليمونتين باقليم الجديدة خاضت عشرات العاملات اشهرا عديدة من النضالات البطولية ضدا على التسريح وضد مدونة الشغل الرجعية (التي لا يعمل البعض اليوم وسط الطبقة العاملة الاعلى المناداة بتطبيقها ) وابانت معركة الجماهير الشعبية السنة الماضية على مقدورات نضالية تمتلكها المرأة الشعبية ببلادنا وقبل كل ذلك لا يمكننا أن ننسى الدور الجبار لامهات الشهداء والمعتقلين وصمودهم في وجه الجلادين حيث وقفت أمام قوتهن مختلف أجهزة النظام كبيوت من ورق. كما لا يجب ان ننسى تحرر الشعب الصحراوي الذي صبغ بدماء المرأة الصحراوية التي اقتحمت ولازالت مختلف ميادين المواجهة ضد الاستعمار والاستغلال.

نعم ان خصابة الصراع الطبقي ببلادنا قد أبانت بجلاء قوة النساء الشعبيات و أهميتهن في كل تحرك جماهيري جبار.

ان الشيوعيات و الشيوعيين مطالبون بكل تأكيد بالنضال الايديولوجي الصارم و النضال اليومي الدائم للترجمة العملية لموقفهم من المرأة ومحاربة كل الاتجاهات الليبيرالية والظلامية التي تشيء المرأة و تختزلها في جسد لتفريغ المكبوتات او الة لتفريخ الاطفال.

ان الحركة الشيوعية العالمية قد افرزت مناضلات ثوريات من حجم روزا وكلارا والكسندرا وجيانغ كينغ لازلن الى اليوم ينرن الطريق لا للنساء وفقط بل ينرن طريق الثورة باكملها. لقد ناضلن من اجل تحرر المرأة وناضلن من اجل تحرير العمال والفلاحين حاربن بكل قوتهن ضد التحريفية والانتهازية.لازلنا نتذكر الى اليوم صراع روزا ضد برينشتين وصراعها ضد كاوتسكي بعد ارتداده وصراع الكسندرا وكلارا ضد تروتسكي و اصرار جيانغ كينغ على الصراع ضد ليو تشاو تشي وضد عودة الرأسمالية للصين الاشتراكي بعد وفاة ماو حتى وان ادى ذلك بها الى حبل المشنقة ( حوكمت جيانغ كينغ بالسجن المؤبد بعد وفاة ماو فيما يعرف ب"عصابة الاربعة" ) والحركة الشيوعية المغربية لم تبخل هي ايضا في تقديم نساء قياديات ضحين بارواحهن من اجل نصرة الثورة المغربية في الوقت الذي انهار فيه العديد من المناضلين تحت سياط الجلادين، ان عروس الشهداء: الرفيقة سعيدة المنبهي هي ابرز مثال على مدى صمود وقتالية المرأة الشيوعية المغربية ، ولازال كل الشيوعيين والشيوعيات المغاربة ينحنون إجلالا لعظمتها وشموخها في وجه العدو الطبقي ، وبنضالها لازالت الى اليوم تستطيع تكسير وكشف كل السموم التي تروج لها الرجعية والإنتهازية عن واقع المرأة داخل الحركة الشيوعية المغربية.

إن الحركة الشيوعية المغربية اليوم، لن تتأخر في إبراز مناضلات شيوعيات حقيقيات يحملن مشعل الثورة ويكملن مسيرة سعيدة وزروال.

معا شيوعيين و شيوعيات

معا عمالا وعاملات

معا فلاحين وفلاحات

معا طلبة وطالبات

معا كادحين وكادحات

نحو الثورة لتحرير المرأة والمجتمع.

06/03/2006