اقصاء المرأة من الحياة السياسية هل هو اسلام أم تأسلم



رسميه محمد
2003 / 8 / 9

تابعت منذ أيام الضجة التي أثيرت حول محاولة تعيين امرأه في مدينة النجف بصفة قاضي ,والاعتراضات التي انطلقت من بعض الجهات على تعيينها ليس بسبب نقص في كفائتها وأهليتها, بل فقط لانها امرأه وتعيينها حسب ادعائهم يشكل اهانة للاسلام. من وجهة نظري ان هذه الادعائات هي التي تمثل بحد ذاتها اساءة واهانة للاسلام, وهي تستدعي ذاكرتنا التاريخية لما كان للمرأة من دور بناء في عصر صدر الاسلام وماعاناه الرسول (ص) في مسعاه لتوعية الناس بحقوق جديدة للنساء ماكن يعرفنها من قبل , كحق المشورة والرأي والارث وغير ذلك فضلا عن تثبيت حقوق المرأة كأنسان بصرف النظر عن عدم مساهمتها  بالجهد الحربي الذي تمثل بالغزو والقدرة على جلب المغانم . لقد كان مؤسسو الاسلام الى جانب محمد رجل وامرأة , الرجل هو ابو بكر والمرأة هي خديجة بنت خويلد زوجة محمد الاولى , التي قال عنها النبي ( امنت اذ كفر الناس, وصدقتني اذ كذبني الناس , وواستني بمالها اذ حرمني الناس) ومايعنينا في ذكر هذا , أن يعلم القارئ أن للمراة ثلث الحصة في هذا التأسيس المعجز لاحدى أخطر الحركات في تاريخ العالم. وقد مارست النساء المسلمات السلطة السياسية الى جانب المرجعية الادبية , صرن ملكات ومحاربات وشاعرات وناقدات أدب . وكان للكثيرات منهن صيت بالبسالة في القتال واثنى عليهن النبي واتباعه , فقد لعبن دورا فعالا في الدفاع عن قبيلتهن وقضيتهن. وكانت عصمت الدين (شجرة الدر) أول امرأة مسلمة تعتلي العرش كحق مشروع لها بعد مقتل زوجها الملك صلاح الدين اثناء الغزو الصليبي لمصر. وقد عرفت بأنها كانت ملكة عاقلة لبيبة ولم تكن حكومتها استبدادية, ولاتشرع في عمل من الاعمال حتى تعقد مجلس المشاورة ولاتصدر قراراتها الابعد الرجوع الى رأي وزرائها ومستشاريها. كما حكمت النساء في بلدان اسلامية أخرى , وقد ظهرت أكثر من ملكة في اليمن بعد القرن الخامس للهجرة واشهرهن الملكة أوروفا التي مارست السلطة السياسية كاملة واشتمل ذلك على التخطيط للحروب وشنها. وفي القرن الثالث عشر كانت نساء كثيرات في مراكز مرموقة في بلدان اسلامية . بينهن السلطانة راضية في دلهي...الخ. لقد بينت الكثير من الدراسات العلمية أن الاسلام ليس هو السبب في تدني المكانة التي وضعت فيها المرأة , والسبب الاساس هو تفسير النص القرأني القائم على النظرة المتحيزة ضد المرأة والذي قدمه بعض الفقهاء والمتأثرين بمفاهيم الجاهلية عن المرأة ودونيتها وبمفاهيم المجتمعات غير المسلمة التي اختلط العرب بها بعد الفتح , التي كانت تنظر الى المرأة وتعاملها بدونية , وكذلك هناك تأثر بالمدسوس من التراث التوراني الذي يشدد على ضعف المرأة. فالشريعة الاسلامية ليست مايقوله  هذا الفقيه أو ذاك وأن أعظم الفقهاء من أمثال البيضاوي والتسوفي والطبري لم يتفقوا على معنى الاية القرأنية نفسها حول مسائل عديدة ومن ضمنها مايتعلق بموضوع النساء, وهذا يستوجب العودة الى القرأن الكريم والسنة النبوية للتوصل الى المعرفة في الشؤون الدينية. وتشير الباحثة المسلمة نظيره زين الدين , ليس هناك أساس في النص القرأني لفكرة أن الرجال أفضل من النساء , ان الله سبحانه يفضل المتقين بغض النظر عن جنسهم.(( ياأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم , ان الله عليم خبير, . وأكد الله تعالى في القرأن الكريم (( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا (النساء-1) . ومرة أخرى جاء في القرأن الكريم (( وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة)).وتعزو زين الدين قكرة ان الرجال متفوقون على النساء الى مرتبة الخدمة التي أنزلت المرأة اليها عبر العصور. وهي ترى المسافة مشابهة للرق . ذلك حال كل أمة مستعبدة ,  ولم يسمع عن رقيق انه أفلح قبل أن يتحرر, لماذا لان الظلم كان ينهك قوى عقله ويمنع أثارها من الظهور. ويتفق معها أيضا عالم أخر هو عبد الحليم ابو شقة على أن المتأسلمين قد اخترعوا أقوالا نسبوها الى النبي (ص) مثل النساء ناقصات عقل ودين , وفي كثير من الحالات كانوا يرددون أقوالا لايعول عليها اطلاقا ويطلقونها بين المسلمين حتى صارت جزء من الثقافة الاسلامية, ويكشف ايضا انه في بلدان كثيرة يتم ابتكار أقوال ضعيفة جدا ولايعول عليها , واحالات تراثية ثم تعتبر جزء من الشريعة*. لذا نرى أن الفتاوي العديدة التي تتعلق بعمل المرأة في القضاء والمجالات الاخرى ليس لها أي سند حقيقي في الشريعة الاسلامية. فالمرأة التي لديها المؤهلات والامكانيات العلمية والشخصية لها الحق قي تولي المناصب المختلفة , فكم من قيادات نسائية ارتقت بمجتمعاتها ونهضت بها وكم من قيادات من الرجال خربت بلادها ونذكر في هذا المجال مافعله صدام حسين بشعبنا ووطننا وبشعوب أخرى مجاورة . أن مايثير الغضب حقا أن الرجال يظلمون المرأة ثم يتخذوا من الشريعة ستارا لهذا الظلم . فالشريعة لاتمنع المرأة أن تكون قاضية وأن تتولى الولاية العظمى وكل من الرجل والمرأة له مقوماته الصالحة وعلى ذلك أقول ليس هناك من داعي كلما أرادوا أن يظلموا المرأة أن يشهروا سلاح الفتاوي الشرعية , فالشرع الاسلامي بريء من ذلك , فالشريعة الاسلامية أجازت للمرأة أن تتولى مثل هذه المناصب ,شأنها في ذلك شأن الرجل ,مادامت لديها القدرات والامكانيات ومادامت تستطيع اداء مهام هذه المناصب بشكل منضبط ووفقا لمقتضيات الشرع وهذه امور يطالب بها الرجل كما تطالب بها المرأة.  ختاما أشير الى انه ، لن  تصل المرأة الى حقوقها وتتساوى والرجل اذا لم تصل الى الحكم . أن طريق المساواة تمر بالسلطة, فما دامت المراة بعيدة عن السلطة فأنها ستبقى في حالة دنيا , وبقدر ماتقترب من السلطة  بقدر ماتقترب من  حقوقها والمساواة. من هذا المنطلق يطالب بعض المعنيين بشؤون المرأة بضرورة ادخال تعديل نوعي وجذري في طبيعة الحركات النسائية وتفكيرها ومنهجيتها بحيث لايعود التركيز منصبا فقط على مطالبة الرجل بأحقاق حقوق المرأة , بل يصبح الهدف الرئيسي وصول المرأة الى الحكم الى جانب الرجل مما يكفل لها احقاق حقوقها مباشرة. ونرى أن تركيز الحركات النسائية على المشاركة السياسية ينبغي أن يكون المطلب المحوري في الفترة القادمة  

      * انظر بثينه شعبان- المرأة العربية في القرن العشرين ص184

6/8/2003

الطريق