حول قتل فاديمة ساهيندال



هلالة رافع
2007 / 3 / 14

اجرت مجلة النساء حواراً مع "هلالة رافع" مسؤولة لجنة الدفاع عن حقوق المراة العراقية في السويد حول قتل فاديمة ساهيندال
مجلة النساء:
كان لحادثة قتل فاديمة ساهيندال في السويد اصداء واسعة في وسائل الاعلام السويدية؛ وقد تحدثت عنه القنوات الاعلامية والشخصيات والمنظمات الكردية... هل يمكنكم ان تحدثينا عن مجريات هذه الحادثة، وان امكن ان تسردي لنا نبذة عن حياتها؟
هلالة رافع:
ان حادثة قتل فاديمة مثل حوادث قتل بيلا وسارا وصبحية و... كانت حادثة مؤسفة تهز ضمير كل انسان يمتلك ذرة من الحس الانساني. تبعث على الاسف و الحزن لانه و نحن في القرن واحد والعشرين تقتل النسال و يصبحن ضحية العادات والتقاليد المتخلفة لقسم من المجتمع, تقاليد الدينية والذكورية التي تسلب ابسط الحقوق الانسانية في الوقت الذى ليس للنساء والشباب والتحرريين اي يد في خلق هذه الاخلاقيات والتقاليد. يتم قتلهن فقط جراء كونهم دعاة تغيير هذه الاطر ويبغون العيش احرار وطبقاً لمعايرهم الخاصة.
ان فاديمة هي فتاة من اكراد تركيا ذات 26 عاماً و عاشت لاكثر من عشرين سنة في مدينة اوبسالا السويدية. قبل خمس سنوات من الحادثة وفي الوقت الذي كانت تسير في السوق مع شاب السويدي, وقعت عيني ابيها عليها وبصق عليها وهددها بالقتل. ومنذ ذلك الوقت فانها تحت تهديد وضرب ابوها واخوها وعائلتها واقاربها.
في عام 1998، تعرض رفيقها السويدي الى حادث مؤسف توفى على اثره. تحدثت فاديمة عن وضعها هذا عبر وسائل الاعلام وتصدت له بشجاعة وحثت الاخرين على التدخل وولوج الميدان. بعدها، تركت بيت ابيها لتسكن في مدينة اخرى لتدرس علم الاجتماع. بعدها تطورت قضيتها الى الشرطة والمحكمة، وقامت الشرطة بمراقبة هاتفها لحمايتها، وقد كانت هذه الفترة نشطة وفعالة بين الشباب. ولكتابة رسالتها الجامعية، كانت تنوي السفر لكينيا لتكتب عنها. وفي مساء 21 كانون الثاني، وعندما كانت في زيارة سرية لبيت اختها الكبيرة لرؤية امها واخواتها، وبعدها بفترة وجيزة جاء ابوها. لم يفتحوا الباب له. عندها شك الاب بوجود فاديمة في الدار. وما ان نزلت بعدها من البيت حتى اعترضها ابوها ليطلق عليها النار ويرديها قتيلة. ومنذ ذلك الوقت، فان موضوعها حديث الساعة في وسائل وقنوات الاعلام وحديث المنظمات والاحزاب والحكومة.

مجلة النساء:
مثلما تعلمون ان هذه ليست المرة الاولى التي يقيل فيها النساء في الخارج من قبل اخوانهن وابائهن وازواجهن. ان هذا دليل على ان النساء الكرديات او اللاجئات لسن مصونات في مجتمع اوروبا المدني ..... ماهي برايكم علت هذه الظاهرة ومن هوة المسؤل عنها؟
هلالة رافع:
في الحقيقة ان هذه ليست المرة الاولى, وباعتقادي, ليست الاخيرة. ولكن اذا تصدينا لها فمن المحتم زوالها. ان علة هذه الظاهرة امرين: ان جانب منها مرتبط مباشرة بتبني تلك الافكار المتخلفة القرووسطية التي يحملها بعض اللاجئين والذين يبغون ان يستخدموها في اوربا ويخلقوا المصائب. بيد ان ثمة سؤال يطرح نفسه هنا: كيف يمكن ان يكون ثمة مكان لمثل هذه الافكار في بلد المدنية والقوانين التقدمية؟ برايي، ان ذلك يرتبط مباشرة بالنظرات والسياسات العنصرية المكشوفة والمبطنة للسلطات قبالة اللاجئين. ان السياسة المبطنة تتمثل بفصل مناطق سكن اللاجئين عن مناطق سكن السويديين استناداً لخططها السياسية والاقتصادية, وان هذه المناطق تتمتع باقل مستوى خدمي واعلى درجات البطالة "لان مستوى تطلعات اللاجئين للحياة متدني عن المجتمع هنا، راضين بنصيبهم..." وبهذه الطريقة، توضع العوائق امام اندماجهم بالمجتمع والمشاركة بالنشاطات الاجتماعية والاقتصادية، بهدف التغيير والاخذ بهذه الانماط والعادات الانسانية الرائجة في المجتمع.
من جهة اخرى، وتحت عنوان (الحرية واحترام الاديان المختلفة وتعدد الثقافات) يفسحون المجال لانعدام الحقوق، العنف، سلب ابسط الحقوق ووصولا الى ارتكاب الجرائم الاطفال والوقوف بوجه الشباب والفتيات اللاجئات. ان الثقافة والدين الذين يكبلون بهما الاطفال في المجتمع يحول دون تطورهم البدني والروحي ويختنهم و يحجبهم لايستحق الاحترام بل ان يلقى في مزبلة التاريخ. ان الانسان واماله وامانيه هي المقدسة والجديرة بالاحترام.
ان هذا حصيلة حكم مسبق حول اللاجئين بالاخص اؤلئك القادمين من اسيا. ان هذا جعل اللاجيء والاوربي يصنفون في خانتين وضمن اطارين مختلفين، ووضع لهم، وبصورة مدونة او غير مدونة، قانونين ونمطين مختلفين ويقومون بالدعاية لها في وسائل الاعلام ليترك تاثيره على تصورات المجتمع ويغدو عائق امام اندماجهم.

مجلة النساء:
ماهي اصداء هذا الحدث في المجتمع السويدي، وماهو رد فعل الراي العام السويدي؟ كيف يرى اللاجئون الاكراد والاطراف الكردية هذا الحدث؟
هلالة رافع:
ان حادث مؤسف لهذه الدرجة قد كان مبعث سخط واحيجاج المجتمع السويدى عامةً. وقد ادانته بشدة المنظنات والاحزاب السياسية بيمينها ويسارها وشمل ذلك حتى الحكومة التي تعد احد اسباب استمرار قتل النساء, اذ ادانته بصورة مرائية. ولكن فيما يتعلق بوزارة العدل ووزارة الادغام وعموماً مجمل مراكز سن القرارات الخاصة بالاجئيين والقوانين لم يضع ولحد الان وزر هذه الجريمة على كاهل الدين ولا يقروا بان هذه الجرائم تتم تحت مضلة شرف العائلة. اذ يقول وزير العدل (القتل هو قتل انى حدث, وليس ثمت قتل اسمه قتل الشرف ان هذه المسالة مرتبطة بتصورات والمعايير المخيلفة للظواهر في المجتمع). فيما تحدثت اطراف مختلفة اخرى عن (ليس لهذا الحدث صلة بالدين واذا تم نفسير الامر على هذه الشاكلة فانه سيصب الماء في طاحونة العنصرية).
بيد ان هذه مجرد حجة لااكثر. ولكنه رغم هذا فان الحكومة تحت الضغط الشديد للجماهير عموماً والمنظمات راديكالية التحررية التي تحدثت عن (تخصيص امكانيات اكبر للنساء اللاجئات من اجل حفظ حياتهن, وضرورة مراعاة العوائل وسيرهم على القوانين السويدية طالما يعيشون هنا، يجب تغيير القوانين التي تتناقض مع حق المراة اللاجئة، الدعم الاكبر لمنظمات اللاجئين من اجل تغيير تصوراتهم ومعاييرهم بخصوص المراة، وتحدثت وزيرة الادغام عن انه كان امر مخطوءاً حتى الان ان تقول ان هذه التفسير يخدم العنصرية وتراجعت عنه)
ان مجتمع اللاجئين الاكراد وحركاتهم لهي طرزين على غرار المجتمعات الاخرى: قسم منه متقدم وعصري والاخر متخلف وذكوري تقليدي. ولكن متأسفين عموماً لما جرى وادانوه، وان يكن نسمع بعض الاحيان عبر وسائل الاعلام ( ان ابوها لم يحسن تربيتها ولهذا لم تسمع كلامه، سلمت ايادي والدها، لم يبغي ابوها ان يكون موضع خزي ولهذا قام بعمله هذا).
ان مايغضب القوميين ويريدون على اساسه التغطية على اعمال القتل هذه ويخلون كاهلهم منها، "حتى لا يثلموا سمعة الكرد في اوربا"، يقولون: (ان الدين عربي، لا يتمتع الاكراد بدولة مستقلة حتى يكون لهم ثقافتهم المستقلة، ان الثقافة السائدة في المجتمع الكردي هي ثقافة العرب، الفرس والترك، ان قتل النساء ليست مرتبطة بالاكراد انها مشكلة افراد غير قادرين على الحوار مع بعض و...) لكن ماهو ردهم على قتل الاف النساء في كردستان العراق؟ من قام بقتلهن؟ تحت سلطة من تمت هذه الجرائم الوحشية والمعادية للانسان؟ وكم من القتلة تمت محاكمته حتى الان؟!!!
ليس لهذه المسالة طابع قومي عربي او كردي او فارسي... بل توجد تقاليد واخلاقيات متقدمة واخرى رجعية في كل المجتمعات.
ليست الثقافة والعادات ظاهرة لم تاتي من فراغ وتتوغل في اذهان الناس. انها ليست اغانى و موسيقى ونمط الملابس وحسب, بل نظرة للحياة. ان النزعة الذكورية والدين في تلك المجتمعات التى لم تصبح فيها امر شخصي فانهما بوصفهما ظاهرتان مناهضتان للمراة والحرية تمثلان اساسان اصليان في بناء ثقافة المجتمع. فمن الايام الاولي لحيات الانسان وحتى الكبر, وسواء شاء ام ابى تضخ له وبطرق المختلفة سواء عبر العائلة اوالمجتمع, افكاراً وتصوراتاً للحياة استناداً الى هذه النصورات المتخلفة التي اعدها الدين, النزعة الذكورية والقانون له. في الوقت ذاته تستفاد منه الاطراف و السلطات التي ليس لها اساساً اي تناقض وعداء لهذين الاساسين وتستفاد منهما في صياغة سياساتهم ولهم مصلحة في الابقاء عليهما. في العراق صاغ النضام البعثي القوانين استناداً الى الشريعة الاسلامية والنزعة الذكورية.
بغض النظر عن المكان الذى اتت منه هذه التقاليد والاعراف فان الاحزاب القومية الحاكمة في كردستان هي التي تطبقها ومقدستاً لديها ولاتقبل قيام احد ما بتوجه النقد لها او المس بها. وانه انفسهم الذين لايرغبون بتغيير القوانين التي صيغت استناداً الى الشريعة دين العرب حسب قولهم على الرغم من وجود عداء كبير لهذه القوانين ومطالبة جدية بتغييرها.
انهم يتحفوننا بحجة عدم استقلال كردستان في الوقت الذي تتمتع فيه بلدان الشرق الاوسط وافريقيا بدولها المستقلة بيد ان هذا لم يمنع ان تسن فيها اكثر القرارات رجعية ومناهضة للانسان على المجتمع.

النساء:
بصفتكم فعال الحركة النسوية ماذا قمتم من الاعمال لحد الان تجاه قتل فاديمة والنساء الاخريات, برايكم ماذا يجب القيام به لوضع حد لهذه الظاهرة؟
هلالة رافع:
منذ البداية, لم نقف مكتوفي الايدي امام هذه الجريمة وسلكنا كل السبل من اجل ابراز هذه الوضعية وجلب انظار المجتمع لها, بهدف ان تنظر لها المجتمع بوصفها معضلة جدية واجتماعية ويمارس ضخطه لايقاف هذه الظاهرة وان يعيد النظر بخططه تجاه اللاجئات. على سبيل المثال:
- على صعيد وسائل الاعلام، اجرينا العديد من المقابلات التلفزيونية مثل القنوات الاولى والثانية والثالثة والرابعة السويدية والتلفزيون الفنلندي والنرويجي، والاذاعات السويدية مثل اذاعتي P1 و P2، والكردية والفارسية مثل راديو شبنك، انترناسيونال، هاوبشتي- التضامن، بانكواز- النداء، همبستكي- التضامن، آشتي- السلام، زريبار، صداى مردم- صوت الجماهير وغيرها.

- كما اجرت العديد من الصحف مقابلات حول هذه المسالة وابعاد حملتنا وفعاليتنا مثل: داكزني هيتر السويدية الواسعة الانتشار، اكسبرسن، افتونبلاديت، سفنسكا داك بولاديت، ميترو، يوتبوري بوستن، والجرائد الكردية مثل هاولاتي- المواطن الصادرة في كردستان العراق، اكتوبر, انترناسيونال, بوستجي, مدوسا.

- تنظيم التظاهرات، نظمنا العديد من التجمعات الاحتجاجية والتظاهرات امام مقر وزارة الخارجية، مراكز المدن في ستوكهولم، يوتوبوري، مالمو وغيرها وامام المحكمة المركزية في ستوكهولم ويوتوبوري وغيرها.

- المشاركة في الكنفرانسات والندوات والجلسات والمؤتمرات الصحفية المحلية والدولية حيث تمت بمشاركة كبار المسؤولين السويديين مثل وزيرة الادغام مونا سالين، وزير العدل، مدير عام دائرة الادغام اندرياس كارل غرين، وزيرة المساواة، وزير الهجرة ومجوعة من المحققين ونشطاء ميادين المراة والمساواة والصحفيين والكتاب السويديين وغير السويديين ناهيك عن عقد الصلة مع المنظمات والاحزاب والتنسيق معهم واعداد الوثائق بهذا الشان.

- كتابة العديد من الرسائل فيما يخص الحادثة واقتراحاتنا للحكومة ووزيرة الادغام (مونا سالين) ووزير العدل (توماس بودستروم) وقد نشرت وسائل الاعلام السويدية اغلبها.

- المشاركة النشطة والدؤوية في المحاكم المتعلقة بهذه المسائل في العديد من المدن السويدية.

وقد اثمرت هذه النضالات عن ترك تاثيرات مهمة على صعيد مسائل حماية النساء اللاجئات وقد طلبوا منا ان نكون اعضاء لجان استشارية للدولة.