المرأة وحقوقها



سميرة الوردي
2007 / 4 / 20


ليس غريبا على كل إنسان أن يقرأ ما كتبته وئام ملا سلمان أو سلام عبد السلام عن حقها في ارتداء الحجاب وتحت أي تبرير، أي أن تكون الغاية دينية أو قضية تساير فيه المرأة مجتمعها أو ترضخ خوفا ورهبة لسطوة أب أو جد أو أخ أو خال أو عم أو زوج أو مجموعة ارهابية ، ولكن من الغريب وهي المؤثرة والقائدة لأجيال من الفتيات المقبلات على الحياة أن تكون بهذا التعنت والإجحاف لحقوق بناتها أولاً وحقوق طالباتها ، كيف يستطيع إنسان سواء كان رجلاً أو امرأة أن يعيش ويفكر ويبدع ، وهو مقيد الفكر معصوب العين مصموم الأذن مبكوم اللسان ، الأجدى لمثل هذا الفرد أن ينتحر وينتهي من مثل هذه الحياة التي لاتمثل سوى نفق مظلم لا حياة بعده .
من المؤسف أن نسمع مثل هذه الآراء من مربيات أجيال . لماذا تربط الحرية الشخصية بالتحلل الأخلاقي ! و تربط التربية القويمة في بناء الشخصية بالإباحية! ، لماذا تفكرالسيدة وئام بالحياة من هذا الجانب اللاإنساني اتجاه المرأة ، لماذا تعكس وتفرض تجربتها الشخصية ، على بناتها وأجيال غضة تشوه فيها معالم الجمال .
التربية السليمة تبدأ من البيت وهو أمر لا جدال فيه ، والتربية السليمة هو بناء داخلي يُكتسب من البيت والمحيط سواء كان للذكر وللإنثى ، وفي مثل إسلوب الإستاذة وئام فإنها تخلق متناقضين غير سليمين فتاة مقموعة من كل حقها في حياة طبيعية ، وفتى منفلت يحق له كل شيء حتى الإغتصاب .
إن نصف من يعملن في السلك التربوي أو أكثر هن من يحملن هذه الأفكار فالحق والحقوق للذكر وهو غير مسؤول عن عفته أما الفتاة فهي عورة وعلى الكل مسؤولية دمغها وتدميرها . هذا هو المنطق الذي دفع بنسوة يدعين الثقافة الى المطالبة بالرجوع عن قانون الأحوال الشخصية الى القوانين الشرعية التي يشرعها إمام الجامع ، هنا تكمن طامتنا الكبرى ، من تستسهل العبودية تريد من غيرها من النساء أن ينضوين معها ، ولذا تفعل مع بناتها وطالباتها ما فعلته بنفسها، إنها تتعامل مع نفسها ومع بنات جنسها كجهاز للمتعة فقط ناسية أنها كائن حي ارتقى على غرائزه وكيفها كي ترتقي به الى حياة أكثر تطورًا وسعادة كم امرأة قادت وكم امرأة قُتلت على مذبح الحرية من أجل أوطانهن ، لو كن يفكرن بأنفسهن أنهن للجنس والمتعة فقط لأصبحن فتيات شوارع ، كم طبيبة وكم عالمة ساهمن في خدمة أوطانهن وناسهن، لو كن يفكرن بطريقة السيدة وئام ما استطعن من تخطي عتبة دارهن ، إنني أعجب لها كيف تمارس مهنة التدريس وبالذات لغة شكسبير وهي مازالت تلك المرأة المذعورة التي استسلمت لهذا المرض الإجتماعي الذي لم تمارسه حتى جداتنا ، من حقها أن تمنع أطفالها من مشاهدة أفلام الجنس والجريمة ولكن ليس من حقها حرمانهم كليا والى الأبد وليس من حقها الوقوف أمام مستقبل بناتها الدراسي فالعلم والثقة بالنفس هو من يحمي فتاتها من الإنحراف وليس المنع والكبت ،أذكر إحدى صديقاتي المدرسات وقد لبست النقاب تنازلا لرغبة زوجها ومنعت أطفالها من رؤية التلفاز حتى من أفلام كارتون ، فأصبح الأولاد متعطشين لمتابعة هذا الجهاز كلما أخذتهم لزيارة إحدى صديقاتها ، ولكي لا يُفتضح موقفها أمام زميلاتها امتنعت عن اصطحابهم ، أي حجر لا إنساني على هؤلاء الأولاد ، لابد أن يخرجوا يوما ويتحرروا من سطوة أهلهم ليجدوا أنفسهم في عالم غريب عنهم وغرباء عنه حينذاك ستكون طامتهم الكبرى ، أي فائدة من علم ومن تربية لاتدرك ما يحصل في العالم من تطور ونمو متسارع في ميادن الحياة وهذا التطور لم يعد بالسنين والأشهر بل بالأيام والدقائق. ما فائدة الحجاب لرائدة فضاء أو لطبيبة أو لمدرسة تحتاج أن تتنقل بين صف وآخر دون التعثر بحجابها أو لمتسوقة تحمل أكياسها، إن كان للسيدة وئام القدرة على تحمله فلتتحمله دون فرضه على غيرها ، وفرض تعاليمها التي انتهت صلاحيتها منذ بداية عصر النهضة .