المرأه..والحريه..والمصير المجهول



فواز فرحان
2007 / 5 / 9

تثير الظواهر التي تتعرض لها المرأه في المجتمعات العربيه اهتمام الكثير من المهتمين بالشأنين الاجتماعي والسياسي نظرا لترابط موضوعها بالقوانين الوضعيه التي تتحكم بحركة المجتمعات,ومن ضمن هذه الموضوعات التي تلقى اليوم تعتيما متعمدا عليها هي تلك التي تخص حياتها في المجتمعات الغربيه التي تنتقل للعيش فيها مع زوجها او مع اسرتها ..ففي السنين العشر الماضيه تمت اكثر من جريمه في الساحه الاروربيه قام الزوج فيها او الاخ بدور البطل واستدراج الزوجه الى موطنها الاصلي وذبحها هناك أو أعادتها الى اهلها مع تمزيق اوراقها الثبوتيه التي حصلت عليها في البلدان الاوربيه كي لا تستطيع العوده ثانية..وهذه الجرائم عادة ما تحدث دون علم السلطات الاوربيه ويعود الرجل بعدها ليتزوج من جديد ويدخل العش الزوجي ثانية دون ان يؤنبه ضميره وفي معظم الحالات التي تم تسليط الضوء عليها اظهرت ان الحقيقه لم تكن سوى شكوك تعبئ رأس الرجل دون ان يتأكد حتى من صحتها وفي احدى الحالات التي كنت قريبا منها سألت الرجل لماذا لم تتأكد من شكوكك ربما تكون اوهام ....قال ان مجرد وجود هذه الشكوك يعطيني الحق في القيام بذلك وهذه الحالات في الواقع حدثت على نطاق واسع في كل من السويد والمانيا وارتكبها رجال لازال معظمهم يستنشقون هواء الحريه بينما قضية ضحاياهم لم تعرف النور ,في هذه الحاله لا تتحمل الحكومات الاوربيه اية مسؤوليه طالما انها لا تعلم شيئا عن هذه المواضيع بل هي من اختصاص الذين يعتقدون انهم يحملون مسؤوليه الدفاع عن حقوق المرأه وحقها في الحياة...ان انتقال المرأه للعيش في المجتمعات الغربيه بلا ادنى شك يجعلها في غايه السعاده لانها تتمكن من التعبير عن نفسها بشكل يفوق كثيرا الحاله التي كانت تعيشها في موطنها الاصلي لاسيما الفارق في المراحل الاجتماعيه التي تفصل بين الحالتين ويجعلها تعيش حاله من الحريه والشعور بالوجود لم يكن متوفرا لها في السابق وهنا يلعب الرجل دورا حاسما في اغناء تجربه زوجته او بناته من خلال التعريف بطبيعة المجتمع والاسس التي يقوم عليها بالمقارنه مع المجتمع الذي قدموا منه ان توضيح الفوارق التي تفصل بين المجتمعين يشكل اساسا متينا لمعرفة المرأه بالمجتمع الذي تعيش فيه والمكان الذي تقف فيه وتتحرك منه..وهذا بالتالي يوفر لها مناخا يجعلها واثقه من قدراتها على مواجهة المصاعب التي تحيط بها وبأسرتها والتعامل معها بشكل حضاري يسهل عليها ايجاد الحلول التي من شأنها ان تبعد عنها شر العاداة والتقاليد وجهل المؤسسات الدينيه التي تجعل منها كبش الفداء في جميع الحالات دون استثناء..ان المرأه التي تعيش في المجتمعات الغربيه والقادمه من البلدان العربيه والاسلاميه تواجه ضغوطات قلما تتحملها في حالاتها الطبيعيه فكيف يكون الحال في ظروف تتعرض فيها للتهديد في كل لحظه لاعادتها الى اهلها او توجيه اتهام معين لها دون ان تمتلك الوسيله التي تستطيع من خلالها الدفاع عن نفسها وهنا يتجسد الدور الضعيف لتلك المنظمات التي تحمل على عاتقها الدفاع عن حقوق المرأه ووقف او على الاقل الحد من تلك التجاوزات التي تحدث بحقها..ان الكثير من هذه الحالات تحدث امام مرأى ومسمع المنظمات الحكوميه دون ان تتمكن من فعل شئ,في السنوات الماضيه في كردستان وحدها تم قتل العشرات من النساء والفتيات اللائي يعشن في اوربا بعد ان تم استدراجهن الى هناك ليلقوا حتفهن,ان هذه الظاهره بحد ذاتها تشكل محورا لموضوع لا نستطيع ان نفيه حقه لانه يتصل باشكال متعدده مع العيش في هذه البلدان والاسباب التي تؤدي الى المجئ اليها رغم اننا نعلم سلفا انها تسبقنا بمراحل عديده في التطور والنظر الى الظواهر الاجتماعيه..الا يعلم الذين يأتون للمعيشه في اوربا ان هناك مدارس ومعاهد وجامعات واماكن عمل تفرض علينا التعاطي معها بشكل يومي والتعبير عن حضارتنا من خلال هذا الاحتكاك اليومي الذي يثمر في اغلب الاحيان الى اكتساب عادات وتقاليد وربما افكار جديده تصب في مجرى التجربه الانسانيه للفرد داخل هذه المجتمعات..نحن لا نستطيع فرض عاداتنا وتقاليدنا على المجتمعات التي نحن ضيوف فيها الى مرحله معينه كما لا نسمح اليوم للولايات المتحده ان تفرض نمط الحياة الامريكيه على مجتمعنا العراقي بعد ان احتلت البلاد على سبيل المثال ..والمرحله التي نستطيع فيها التاثير تاتي بعد قرار الذين يرغبون في العيش في هذه المجتمعات الى الابد وقرارهم الاندماج بتلك المجتمعات ساعتئذ يستطيع المرء التعبير عن اراءه بمنتهى الحريه واحداث التأثير كما يشاء ان كان يحمل في جعبته افكار واراء يعتقد انها صحيحه وتستحق المجاهره بها والدفاع عنها...وغالبا ما ينظر البعض بخوف وحذر الى الحقوق التي حصلت عليها المرأه في اوربا والذهاب في الاعتقاد ان هذه الحقوق لا تتلائم وعاداتنا وتقاليدنا او حياة المجتمع الذي نحن قادمون منه,وهذا السيف غالبا ما يسلط على المرأه في هذه المجتمعات التي لا تتحمل هي بالتحديد قرار العيش فيه في اي وقت من الاوقات....ان المهمه الاساسيه التي تقع على عاتق المنظمات النسائيه تكمن في الاستفاده من الثوره التكنولوجيه والصحافه الالكترونيه لتعريف المرأه بشكل عميق حقوقها وواجباتها وتقديم النصائح لها كي لا تذهب ضحيه للسلوك السادي الذي يتبعه بعض الرجال معها..ان امراض مجتمعنا بلا ادنى شك يتحمل مسؤوليتها الرجال الذين يمتلكون القرار والقادرين على صياغة قوانين جديده تجعل من حقوق المرأه انجازا يصب في الجهود المبذوله لتحقيق المجتمعات المتحضره القادره على مجاراة العصر ...ان الوقوف عند هذه الحالات يشكل واجبا اخلاقيا للدفاع عن النساء اللواتي يؤخذن بالغدر الى قبورهم في العراق دون ان يعلموا الى اين هن ذاهبن,وقد سلطت الصحافه الاوربيه الاضواء على مواضيع الاختلاف الجذري بين المجتمعين العربي والغربي وخاصة ذلك الذي يتعلق بكيفية جعل المرأه الاجنبيه تتفهم طبيعة الحياة في الغرب والتفاعل معها بشكل صحيح..لقد تعودت المجتمعات العربيه والاسلاميه دائما النظر الى المواضيع بنظره يشوبها الحذر وخاصة تلك التي تتعلق بموضوع المرأه ان دراسة الاسباب التي تؤدي الى احداث الخلل في الحياة العائليه والوقوف عندها ونشر مفاهيم قادره على استيعاب كل الضغوطات التي تتعرض لها الاسره التي تعيش في المجتمعات الاوربيه والقادمه من العالم الثالث هو الكفيل بجعل افراد تلك الاسره مؤثرين في محيطهم الجديد اكثر من يكونوا واقعين تحت تأثيرات المجتمع الجديد التي كثيرا ما لا تروق لهم..نعم ان الوقايه خير من العلاج وان هذه المجتمعات لم تصل الى هذه المراحل من التطور دون صدمات تعرضت لها من المتشبثين بنمط الحياة القديمه وفي نفس الوقت دون تضحيات قدمتها النخبه المثقفه التي قادت المجتمع الى ما هو عليه اليوم..وهذه الدول بكل تأكيد لن تسمح لاحد بأن يفرض نمط حياته عليها لانها تعلم جيدا انها تشكل اساسا في الجانب الحضاري الذي تتمتع به الاجيال من هذه الحياة..والوسيله الفعاله التي تجعل الاجانب يتفهموا الحياة الاوربيه هي دراستهم للخلفيات التي قامت على اساسها تلك المجتمعات حتى تتوضح الصوره,ان تشجيع المرأه على التعلم والتعبير عن نفسها يجب ان يأخذ حيزا اكبر من اهتمام الرجال لان اي رجل متعلم ويمتلك ضميرا متفتحا لا يقبل ان تعاني زوجته من مرض الجهل فالاسباب التي جعلت من اجدادنا جهله قد زالت اليوم واصبح بامكان الجميع ان يتناولوا من هذا المنهل العظيم الا وهو ...العلم..