المرأه المعاصره.والاذاعه الالمانيه القسم العربي



فواز فرحان
2007 / 5 / 12

في اللقاء الذي اجرته معي في الامس الاذاعه الالمانيه القسم العربي(دويتشه فيله)في برنامج المرأه المعاصره طرحت مقدمة البرنامج السيده سمر كرم سؤالا ربما أثار في داخلي العوده للبحث من جديد والسؤال كان من ضمن مجموعه من الاسئله وهو ..هل تعتقد ان بأمكان المثقفين احداث تاثير معين من المنافي على مجتمعاتهم الاصليه وخاصة في موضوعات كتلك التي تخص المرأه؟؟ اجبت طبعا بالايجاب واسندت اجابتي ببعض الامثله التي عشتها شخصيا من خلال متابعتي المستمره لما كان تكتبه الكثير من الشخصيات في برلين وبون ولندن,ولكن المثير فعلا هو ان هناك العديد من الشخصيات التي كانت تناصر حقوق المراه والطفل وحريه اختيار شريك الحياة تحولت بعد وصولها الى المنافي الى شخصيات مهتمه بالشؤون الدينيه وراحت تتزمت في التمسك في الاعراف والتقاليد الدينيه ابعد ربما بكثير من تلك التي يتحلى بها رجال الدين انفسهم في موطننا الاصلي ..ان معظم هذه الشخصيات كانت محسوبه على التيار العلماني واليسار لكنها اليوم قفزت نحو الضفه الاخرى وغيرت اتجاهها كما يقال ب180 درجه دفعه واحده وراحت تفتي وتنظر في امور الدين بطريقه تبعث في نفوسنا اسئله كثيره بصدد الحاله النفسيه لمثل هؤلاء..حتى التأثير والنفوذ الذي اكتسبوه في السابق بفضل شخصياتهم العلمانيه بدأؤا يفقدوه تدريجيا او بالاحرى فقدوه تماما ,كان تصورهم يذهب بأتجاه ان بأمكانهم قياده الناس الى المكان الذي يرغبوا به وكما يشاؤون لكن التجربه اكدت لهم انهم كانوا مخطئين والناس لا تعول على العوده الى الظلام كما اختاروا هم لانفسهم هكذا طريق وتصوروا ان الجماهير التي ناصرتهم اثناء اعتناقهم للشيوعيه واليسار ستناصرهم ايضا اذا ما اسسوا مراكز دينيه واتجهوا نحو الدين....واثناء متابعتي للثقل التي تمتلكه شخصيات كهذه على الساحه في العراق اكتشفت انها خسرت كل الثقه التي نالتها من الجماهير لانها اقدمت على التحول بهذا الشكل من افكار متنوره الى اخرى تريد بالمجتمع العوده الى الظلام وتطبيق شريعته..واثبتت التجربه ان الناس محصنين فعلا ضد تصرفات هوجاء كهذه حتى وان صدرت من شخصيات كان لها ثقلها في الماضي وقررت التخلي عن امتلاك هذا التأثير بمحض ارادتها,حتى اثناء استفساري من بعض الاصدقاء في الداخل عن تحول من هذا النوع اجاب بان الناس تتطلع دائما الى الذين يعيشون في المنافي من زاويه الاستفاده من تجاربهم لاغناء مجتمعاتنا بالقيم المتحضره لا العوده بها الى الملابس الطويله والالتزام بقيم نريد فعلا الخلاص منها لانها لم تجلب لنا الا الجهل والتخلف والمشاكل الاجتماعيه باستمرار دون ان نتمكن من الخروج من دوامتها ...واضاف اننا نتوق الى الذين يعيشون في المنافي كي يعملوا على احداث التغييرات في حياتنا حتى وان كان ذلك عن طريق الصدمه..فعلا ان تلك المجتمعات مليئه بالمتدينين وهي ليست بحاجه الى رصيد جديد خاصة من تلك النماذج التي حاربت الدين طويلا واكتشفت نفسها كما تقول في المنفى...انا اعلم ان شخصيات كهذه خرجت الينا باعداد كثيره بعد انسحاب الاتحاد السوفيتي من الساحه الدوليه لانها لم تتمكن من التعاطي مع الوضع الجديد وتحديد المكان الذي يمكن ان تقف فيه بعد هذه الهزه كما انها اثبتت ان استيعابها للفكر كان قاصرا وعقيما ولم يقم على دراسه واعيه ومستفيضه تجعلهم يشخصوا طبيعة المرحله التي نعيشها.في بعض الاحيان افكر بالعوده لمراجعه كل كتب علم النفس التي قراتها علها تقودني لاكتشاف الحاله التي تعيشها شخصيات كهذه حتى حدوث الفراغ الفكري لا يقود بالضروره الى استبداله باخر يعارضه في الاتجاه تماما ويناقضه.الماركسيه كما نعلم جميعا هي علم وهذا العلم لا يمكن دحضه لانه يقوم على تحليل المراحل التي مر بها المجتمع وتحديد الطابع الاقتصادي لكل مرحله من هذه المراحل اي ان تخلي اي فرد عن الاعتقاد بها لا يعني بتاتا فشلها او تراجعها ...ان العوده لدراسة حالة التأثير التي يمكن ان يحدثها المرء من خلال حياته في المنفي تمر عبر استفادته من الواقع الذي يعيش فيه وتحويل هذه الاستفاده الى افكار ومبادئ تجعله قادرا على احداث هذا النوع من التأثير في مجتمعه الام لا ان تكون المجتمعات الاصليه ارضا خصبه للامراض التي يسطرها البعض الى هناك بحجه اكتشاف الذات او محاوله خلق نوع جديد من التأثير في البسطاء..والشئ الذي يثير الاستغراب هو محاوله هذا النوع من البشر الاستفاده من الثقافه التي سلحه بها اليسار في احداث التأثير في المجال الديني ويطلق مشروعا عظيما لادخال الظواهر الدينيه في قوالب فلسفيه علها تحدث ذلك التأثير الذ يطمح اليه..حاله لابد من التوقف عندها وابراز تلك الجوانب المضيئه في العمليه التي تقف خلف الاعتقاد باننا يمكننا احالة افكارنا الى واقع عملي على ارض المجتمع الذي قدمنا منه طالما انه يزخر بالعقول النيره القابله لاستيعاب ظواهر التطور باشكالها المختلفه ووضع تلك التي تحاول العوده بنا الى الوراء في زاويه..واسئله كثيره اخرى طرحتها الاذاعه الالمانيه والتي وضعت موضوع الفتاة دعاء تحت الضوء ربما بطريقه تختلف عن تلك التي شاهدناها عبر وسائل الاعلام المختلفه وهي مشكوره طبعا لانها ابرزت لنا الجديد في التعاطي مع قضايا المرأه في بلداننا..وسيدفعنا بالتاكيد للمضئ في هذا الطريق الذي من شأنه تحرير اجيالنا من الافكار المظلمه التي تحاول بعض الفئات فرضها علينا حتى في بعض الاحيان بالتهديد والوعيد دون ان تدرك ان عجله التاريخ تسير الى امام ولا يمكننا العوده بها الى الوراء لان اجيالنا المقبله لن تسامحنا في اي تهاون من هذا القبيل..ربما سيظهر من سيحمل هذه الافكار باندفاع اكبر اذا ما تاكد من تصميمنا على عدم الانصياع للجهل والاصوات القادمه منه فحرية المرأه وحقوق الطفل وعدم استخدام العنف في المدارس ضدهم او تشغيلهم في عز طفولتهم ورفض عقوبة الاعدام او الرجم بالحجاره كلها مبادئ يجب ان تشكل الاطار الذي نتحرك من خلاله للتاثير في مجتمعاتنا اذا ما رغبنا في مواكبه التطور وتحقيق التقدم في القضايا الاجتماعيه..والا فأن الافكار تبقى محصوره في اطار الصحافه الغير مؤثره طالما انها لا تلقى صدى لدى الاجيال..ان وجود هذه العقليات التي تحدثت عنها يجعل من جهودنا تتحفز اكثر فأثر نحو القيام بعمل جدي من شأنه احداث نقله في طبيعة تفكير الفئات المثقفه الموجوده في وطننا الام...