عن التنمية والمرأة والثقافة



دنيا الأمل إسماعيل
2007 / 5 / 21

شهدت السنوات الأخيرة منذ دخول السلطة الوطنية انحسارا كبيرا في ألوان ومكونات متعددة من الثقافة وقد كان للمؤسسات الرسمية دور في هذا الانحسار عبر موافقتها الضمنية أو تبنيها الصريح لتهميش جوانب محددة من المكون الثقافي للمجتمع خاصة في الفنون المختلفة ( الأدبية والمسرحية والسينمائية )، ناهيك عن المجال الفكري الذي شهد حالات من الصعود والهبوط البراجماتي، الذي أفقده ذلك الزخم المعرفي الذي كان من الممكن أن يضيفه إلى التجربة الفلسطينية عامة وفي المجالين النضالي والتنموي على وجه التحديد0
إن التجارب التنموية المتعددة التي شهدتها الأراضي الفلسطينية خلال السنوات الماضية تشير إلى أن مظاهر الفشل في تحقيق أهدافها كانت أكبر بكثير من مظاهر النجاح وأنّ الحلم بالتحديث والتنمية لم يتحقق في الواقع على النحو الذي كان متوقعا، ما يستدعي مراجعة ما تم إنجازه في الواقع وحساب المكاسب والخسائر والبحث عن أساليب ونماذج جديدة تتضاف إلى النمو الاقتصادي " الأكثر شهرة في مقياس مؤشرات التنمية " أو تراجعه على نحو أو آخر.
من هنا برزت أهمية الثقافة كضرورة تنموية توفر للمواطنات والمواطنين الوجود الروحي والأخلاقي والعقلي والوجدان المتميز0 ومن هنا أيضا ظهرت الحاجة إلى خلق تعريفات جديدة للتنمية الشاملة أو المستدامة تتأسس على فهم للتنمية يستهدف تغيير عالم الإنسان ووجوده؛ وإزالة العقبات التي تعترض نهوض هذا الوجود وتصدّيه لأشكال التخلف المتنامية.
إن اعتماد مدخلاً ثقافياً للتنمية؛ يهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق التكامل في عمليات التنمية، لأنه يوفر الظروف التي تساعد الجماعات والمجتمعات على أن تكون قادرة على أن تنظر في ثقافتها وأن تعيد اكتشاف هذه الثقافة وأن تذلل ما فيها من عقبات تقف حائلاً أمام تحقيق عملية التنمية، بالقدر نفسه الذي تستغل امكانات هذه الثقافة لتحقيق الاندفاع نحو الأمام والعمل على تنمية الإنسان ( أداة التنمية وهدفها الأول ) بحيث يمتلك من القدرات ما يجعله قادراً على تغيير محيطه الاجتماعي وظروفه الاقتصادية نحو الأفضل

إنّ الممارسات اليومية للديموقراطية تعكس ثقافة مضادة للديموقراطية ويكاد وضع المرأة أن يكون نموذجاً فاضحاً على هذه الممارسات، حيث ترتفع وتيرة الخطاب عن ضرورة مشاركة المرأة، بينما لا يزال حجم هذه المشاركة ونوعيتها ونطاقها ضئيلاً للغاية. يتكرر هذا في المجالات كافة وفي الأزمنة والاتجاهات جميعها بدرجات متفاوتة0
لذلك فإنّ المدخل الثقافي للتنمية يٌبنى على فكرة مؤداها أن لا ديموقراطية دون ثقافة ديمقراطية تنتشر في البيت والمدرسة والجامعة وفي مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة، بحيث تصبح الثقافة المدنية وتطويرها، جزءاً لا يتجزأ من حركة تغيير المجتمع، ومن ثم تأسيس علاقات مواطنة تقوم على فهم الحقوق والواجبات والتعامل الاجتماعي على أسس من المساواة والاحترام، بغض النظر عن الجنس أو الطبقة، وصولاً إلى العدالة الاجتماعية في مجتمع ديموقراطي تحظى المرأة فيه بكامل كينونتها كإنسان له حقوق وعليه واجبات0