اعتراضات انثوية على فتاوى ذكورية



جلنار صالح
2007 / 6 / 5

هل من المعقول إن يطلب النبي من امرأة مسلمة متزوجة إن ترضع رجلا كبيرا بلحية ليصبح ابنها وبذلك يزيل حليبها الغضب من صدر زوجها الذي صار يغضب لرؤية متبناه في بيته ؟! ليست المصيبة في التصديق أو عدمه فحتى لو فرضنا إن الحديث صحيح فهذا يعني إن الحادثة لم يكن لها سابقة قبل الإسلام وإلا لما التجأت هذه المرأة للنبي ليعطيها حل للمشكلة أو على الأقل – لو كان فعل إرضاع الكبير موجود ودارج في ذلك الزمان – لكان طلبها محدودا بجواز الاستمرار فيه بعد الإسلام أم لا .. والمدهش أكثر في الموضوع هو استغراب المرأة من حل النبي وردها عليه بتعجب واضح : إن متبناها رجل بلحية فكيف ترضعه, وهذا يعني إن عقل المرأة ( الناقص ) أدرك شذوذ الحل وخروجه عن المألوف بشكل غير مقبول لإنسان يعرف معنى الكرامة , وسبب الدهشة يأتي من استطاعة ( ناقصة العقل والدين) من إدراك فظاعة وشناعة الحل والفعل وعدم إدراكه من قبل صاحب الرسالة !!
وربما نتساءل عن رأي وموقف الصحابة وإتباع محمد من هذا الحكم وهل قبلوه دون جدال وهم المعروف عنهم ومن خلال الكثير من الروايات أنهم كانوا يناقشوه ويجادلوه ويعترضون أحيانا على إحكامه , فكيف قبلوا هذا الحل دون جدال أم أنهم لم يسمعوا به إلا بعد وفاة الرسول وعن لسان عائشة ؟؟ أو ربما عرفوا وسكتوا وفي هذه الحالة يجب على كل ذي عقل إن يعتذر أو على الأقل إن يرد الاعتبار والاحترام لأبي جهل وأبي سفيان وكل المعارضين لدين محمد وإتباعه ,لأنهم العقلاء بلا شك !!
كل هذه الأسئلة والعشرات غيرها يمكن إن تدور في رأس كل ذي عقل اطلع على فتوى إرضاع الكبير والمحصلة النهائية لهذا الجدل العقلي هي إن المسلم وغير المسلم سيرسم صورة مشوهه لنبي الإسلام سواء كان هذا الأمر حقيقة أم لا ولا ادري هل سنشهد بعد فتوى مسيئة للرسول من هذا النوع حملة استنكار ومقاطعة على شاكلة ماحصل مع الدنمارك اثر نشر صور الكاريكاتير المسيئة للرسول ؟! وضد من نستنكر ومن نقاطع ؟
هل المطلوب بعد هذه الفتوى حقا إن تقوم كل امرأة تعمل مع رجل في غرفة مقفلة بإرضاع الرجل الذي معها !.. الجواب لايحتاج إلى كثير من التفكير ولكن غير المفكر فيه فعلا من قبل من اصدر الفتوى هو اعتراض المرأة على الفتوى أو امتلاكها فعلا لحق الاعتراض بل وتصويرها بهيئة بقرة معدة للحلب لا كانسان يمتلك عقل وكرامة وإدراك ورفض .. وحتى مع اعتراض المثقفين من الرجال على الفتوى وبيان استنكارهم وامتعاضهم منها تبقى المصيبة في البقية التي تتقبل هذه السفاسف على علاتها بل وتطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية كحل لمصائبنا (الأسلام هو الحل).. وهذا يقودنا تطبيق هذه الفتوى إلى الغرض الأساسي للفتوى وهو ليس فقط إلغاء عقل المرأة ودورها وكتم صوتها حتى في شأن يخصها ويمس كرامتها بل وتهميش عقل الرجل ودفعة نحو التفكير بما يثير الغرائز وكأن حجاب المرأة لم يعد كافيا لدفع أنظار الرجال عنها فصار المطلوب فرض حجاب جديد على عقل الرجل والمرأة هو الأخطر كما وصفته الدكتورة نوال السعدواي
إن مايحصل هو انهيار السد الهش بين الفكر المتشدد المغلق وبين فكر المؤسسات الدينية أو الأشخاص الذين يمثلوها الأكثر عقلانية واعتدالا باتجاه التشدد والتطرف في الفتاوى وبعدها في أسلوب التطبيق ..وبدل إن تلقى الأصوات التي تدعو إلى فتح الأضابير التاريخية وتجديد الفكر الأسلامي بشكل جذري صدا واهتماما يليقان بعقل القرن الواحد والعشرين , صارت الأصوات التي تدعو إلى مزيد من التخلف واللاعقلانية تعلو وتكتسح ,بما يشبه التيار الجارف , من يقف في طريقها, وإلا ما الداعي والمبرر لفتوى من هذا النوع وبهذا الشكل المخزي ؟! حتى لمن يدعي إن الذي اصدر الفتوى غير مسئول إلا عن نقل فكر موجود أصلا في مؤسسة الأزهر التعليمية .