ماذا لو خطبت فتاة شاباً !!



محمد أبوعبيد
2007 / 6 / 5

في الغالب تتولى العادات والتقاليد قيادة السلوك والتفكير وحتى المزاج نيابة عن الدين في مجتمعاتنا العربية , فهي تحرم ما يحله الدين آونة , والعكس آناً . لو أوغل المرء في مسألة من يتقدم لخِطبة الآخر , فلن يجد مناصاً من الإجابة أن الشاب هو صاحب المبادرة في هذا الصدد ,هو الذي يطرق باب دار الفتاة . لكن ماذا لو كان العكس .!!!


ليس ضرورياً أن تلمس كف الفتاة باب دار الشاب لخطبته . لو ألمحت لسعيد الحظ رغبتها في الارتباط به على سنة الله ورسوله ,لا يعني ذلك أنها تحط من منزلتها وتخدش أنوثتها , ولا تخالف في ذلك تعاليم الدين , وإن كانت تغايرما جرت عليه العادة أو سار وفقه العرف أو التقليد .؟
لا خلاف على أن كبرياء الفتاة جزء هام من أنوثتها التي يسعى صوبها " الذكر " , لا العكس .ولا جدال في أن كثيرا من الشباب يجدون متعة في مشقة مهمة الوصول إلى أفئدة من يحبون . النقطة المثارة هي : ماذا لو تخطت إحداهن هذا العرف .!! أو ماذا لو عرض أبٌ ابنته على شاب للزواج منها , وللأب كبرياؤه أيضاً في هذه المسألة , مع التشديد هنا على أن يكون عرضاً بموافقتها ورغبتها , فمحاربة الإكراه على الزواج أظنها لازمة . رُب أحد يتعجب : ومن تلك التي تقدم نفسها شرعاً للآخر!! . ببساطة : قد تكون فتاة أو امرأة فارقها زوجها وفاة أو طلاقاً , وهي ميسورة الحال من حسب ونسب , وتدرك أن المرغوب فيه من مستوى أقل بكثير ولا يجرؤ على التقدم لها , فتتقدم هي له . قصص كهذه حدثت وما انفكت تحدث .
القرآن الكريم ضرب لنا أكثر من مثل – وواحد يكفي – على جوازذلك . وعلماء الدين يقولون : " الأصل في الأشياء الأباحة ما لم يرد تحريم بنص صحيح صريح من كتاب الله أو سنة رسوله أو إجماع ثابت متيقن " . الآيات (23 – 28 ) من سورة القصص تتحدث عن قصة سيدنا موسى , عليه السلام , عندما عرض عليه سيدنا شعيب , عليه السلام , الزواج من إحدى ابنتيه من دون الانتقاص من مكانتيهما , لحيثيات تمكن معرفتها من خلال الرجوع إلى التفاسير . وللتذكير , فإن السيدة خديجة بنت خويلد (رض) خطبت الرسول محمداً ( ًص) . وورد أن عمر بن الخطاب (رض) عرض ابنته حفصة بعد وفاة زوجها , خنيس بن حذافة السهمي , على عثمان بن عفان (رض) و على أبي بكر الصديق (رض) ولم يقل شيئا ً , فخطبها الرسول (ص) , وكان أبو بكر على علم بنية الرسول (ًص) ,لذا لزم الصمت .
لعل في الأمثلة ما يكفي للدليل على أنه لا حرج في أن تعلن الفتاة رغبتها في الزواج من فلان , أو أن يعرض أب ابنته , برضاها , على من يرى فيه الصلاح والأهل ليكون زوجا لابنته . ولا تحمل هذه الأسطر القليلة دعوة لتغيير السائد منذ زمن موغل في القدم . الدعوة فقط هي أنه إذا حصل مثل هذا الأمر , فحري أن يكون من دون أت تخدش الفتاة حياءها وتمس كبرياءها . و حري أيضا أن لا تهمز أو تلمز الأفواه المحكومة بالعادة والتقليد والتي تتربص دائماً للفتاة في مجتمعاتنا وتنسى آونة ما لا يمنعه الدين .