المرأة العظيمة في العراق العظيم 0



عايد سعيد السراج
2007 / 6 / 6

المرأة أجمل وأعظم مخلوق , على هذه الأرض , والذي لا يكرِّم المرأة , ولا يعترف بأحقيتها في كل مجالات الحياة , إما ناكر , أو ضاحك على نفسه , أو حاقد عليها , وهذا شيء طبيعي أن يوجد في عالم الرجال من يحقد على المرأة , ويريد تصغيرها وجعلها تابعة لعالمه , ولكن أي رجل هذا الذي يريد ذلك , لاشك أنه الرجل منقوص السيادة , الذي يشعر بضعفه الداخلي , والذي يريد أن يسيطر على عالم المرأة , حيث أنه يعرف أنه ضعيف أمامها وأمام قدراتها , ولكن يظل السؤال الأكثر جوهرية هو : ما دور المرأة في ذلك ؟ أي كيف تكون المرأة سيدة نفسها لا تابعة ولا خانعة لعالم الرجال , ونحن نقصد هنا الرجال المتخلفين الموتورين الذين لا هم لهم سوى قضية المرأة , أي جعلها أكثر انحطاطاً وتجهيلاً , فمن هنا يكمن دور المرأة في امتلاك زمام أمورها , لتكون سيدة نفسها , وبانية لأسرتها ومجتمعها , فمن أهم واجبات المرأة في هكذا مجتمعات هو أن تكون في طليعة المتعلمين , وأن تجعل العلم والمعرفة رسالة لها , لأن العلم عندما تمتلكه المرأة تكون طاردة للجهل والمجَهِّلين , فالمرأة العراقية , وعبر تاريخها الطويل قامت بأهم الأدوار في التاريخ القديم وكانت رمزاً للخصب والعطاء , وقائدة لمجتمعاتها وشعوبها ولم تكن رمزاً أسطورياً فقط , بل كانت رمزاً حقيقياً للعيش والحياة والمحبة , وما على المرأة العراقية في هذا الزمن إلا أن تكمل مسيرتها النضالية , رافعة لواء الوعي ومتحدية كل أشكال الجهل والتجهيل والظلم الذي يحيط بها وبوطنها , فالكل يريد منها أن تكون بجانبه فريسة طيعة متخلفة , نَدّابة بكاءة على المقابر والجثث , فعلى المرأة العراقية العظيمة أن تتحدى , وتكون سيدة للوعي وللوطنية , وأن تتشبث بتراب العراق العظيم , وأن ترضع أبناءها من حليب الرافدين دجلة والفرات , لا الفرات وحده يكفي ولا دجلة أيضاً , كلاهما ثديان لأم واحدة اسمها الأم العراقية , هذه الأم المرأة , التي طهّر الله حليبها بالإباء والشموخ والتحدي , وجعلها مثالاً لا أمثولة , وسيدة لا أمَة , وحرّة تكسر كلّ القيود التي كبلوها بها , فالمرأة العراقية عانت ما عانت عبر الأزمان الماضية , فهي أكثر الناس تكتوي من الفقر , وكذلك من الذل والاستغلال لأنها عامود البيت , والقلب النابض للأسرة , فالذين يعانون هم أبناؤها وأخوتها , والذين يموتون في الحروب وفي الصراعات كذلك , لذا فهذه الأم التي تشد من عضد أبنائها وقت الشدائد , وتتجرع الآلام بصمت الكبار , لهي جديرة بأن تقف اليوم ضد كل أشكال الطائفية , والصراعات المذهبية , الدينية والفئوية والقومية منها , لأن العراق هو وطن الجميع , وطن الكرد والعرب والآشوريين والكلدان , والتركمان والصابئة الأزيديين وكذلك المسيحيين وكل المذاهب , العراق جنة الله في الأرض هكذا خلق للجميع وعلى الجميع أن يعترف بذلك, فالمرأة التي تربي أبناءها على الحب والتسامح واحترام الأديان, تستطيع أن تخلق وطناً مسالماً يعيش فيه الجميع بسلام , وهذه المرأة ذاتها هي التي تساهم في خلق القانون الذي يكفل ويضمن للجميع حقوقهم , فالجهل والطائفية والتعصب هي السلاح الأمضى لكل أنواع الشرور , فآن للمرأة العراقية أن تعرف أنها عراقية أولاً , وفي الدرجة الثانية تأتي الانتماءات الأخرى , فالدور الأكثر أهمية للمرأة العراقية , هو إيمانها بالعدالة والحرية والديمقراطية وهي قادرة أن تحقق لنفسها كياناً خاصاً بها , بحيث لاتكون تابعة لا للملالي , ولا لغيرهم لأنّ رمز كرامتها هو العراق , وجوهر إنسانيتها هو العيش الكريم , وتحقيق الحرية الكريمة التي لا يوجد فيها مستغل ولا مستَغَل , والكل سواء في المواطنة وحكم القانون , فالحياة المدنية هي الضمانة للجميع , هذه هي بلاد الرافدين , العراق العظيم , لن ينتصر فيها نظام طاغية , ولا نظام إرهاب , ولا تطرف ديني أو قومي أو طائفي ولا استعمار , لأنّ العراق أخيراً سينتصر , رغم كل الذي يجري , لأنه بدم أبنائه يفتح أبواب الحرية , إن جوهر كل ما ذكر من قيم ومفاهيم , هو قائم إما على الخرافة أو الإرث الاجتماعي المتخلف , أو على الاستغلال , وهذا كله لا يصب في مصلحة المرأة , إذ أن كل ذلك يقف ضد إنسانية المرأة لأنه قائم على الاستغلال والرياء الكاذب, وهذا يلغي دور المرأة أو على الأقل يضعفه , فمن هنا على النساء أن يناضلن من أجل مجتمع أكثر عدالة وإنسانية , فالمساواة الحقيقية للمرأة مع الرجل هي الحل الوحيد , وذلك يحتاج إلى نضالات شاقة وطويلة , وعلى رأس ذلك التعليم والعمل , لأن المجتمعات القائمة على الاستغلال لا تنتصر لحق المرأة , لذى عليها أن تعي دورها , وتكون أكثر ريادة , وطليعية في سبيل قيادة مجتمع خال من الظلم والاستغلال , ونوره العلم والمعرفة , والعراق هو من أكثر دول المنطقة , إنجاباً للعالمات , والأديبات , والشاعرات , والكادحات ومن أجل مجتمع تسوده العدالة , وقد ضحّت المرأة العراقية في سبيل ذلك , ودخلت السجون وتحملت التعذيب في جميع أزمنة الاضطهاد , وهي من ضحت بنفسها للخلاص من الديكتاتوريات, ومن الاستعمار, وذلك منذ بدء ثورة العشرين في العراق وإلى الآن , فالمرأة العراقية تمثل نموذج المرأة في العالم العربي والمنطقة من حيث القدرة الكبيرة على العطاء ,
* فتحية إلى المرأة العراقية وهي تحاول رسم خارطة وطن جديد , عراق ٍ مسور ٍ بالأمن والسعادة , ومن أجل الخلاص وإلى الأبد من كل أشكال الظلم والاستغلال , والجهل , الذي غالباً ما يصدّره إلى أدمغتهن رجال متخلفون أو انتهازيون أو أصحاب زمن عفا عليه الزمن 0