كيف نساوي المراة مع الرجل في المجتمعات العربية والاسلامية ؟



غازي الجبوري
2007 / 6 / 10

لم يكن الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ينطق عن الهوى عندما وصف النساء بالقوارير وهو يوصي الرجال بهن خيرا فقد خلقها الله تعالى لتؤنس الرجل في وحدته ووحشته وتقاسمه السراء والضراء إلا أن ضعفها العضلي جعلها واهنة أمام الرجل كما أوقع عليها ما لا يقل عن 99,99 % من معاناة الحياة فهي مسئولة عن الحمل والولادة وتربية الأطفال وتنفيذ طلبات وأوامر الرجل والقيام بواجباته عند غيابه لأي سبب من الأسباب وعلى الرغم من ذلك فهو يستخدم قوته العضلية بشكل غاشم في التعامل معها حتى من قبل أكثرهم علما وتحضرا وحبا وقربا لها . قد يقول قائل أن الله سبحانه وتعالى خلقها هكذا وجعلها تتقبل هذا الوضع برحابة صدر وهذا شيء واقعي نلمسه جميعا. إلا أن المشكلة التي تعاني منها المرأة هي تعسف الرجل في التعامل معها وتقييد حريتها ومصادرة حقوقها شأنه في ذلك شأن كل الكائنات الحية الأخرى التي تخضع لشريعة الغا ب والقائمة على أساس "القوي يأكل الضعيف" وهذه الشريعة حري بنا أن نسميها "شريعة الإنسان" لأنه يمارسها بطريقة أكثر قسوة ووحشية وعنفا وأكثر تدميرا من الحيوان ، على الرغم من امتلاكه عقل ومشاعر ووازع أخلاقي .فنجد أن هناك أولياء أمور مثلا يزوجون بناتهم زواج مصالح دون الالتفات إلى رأيهن أو الاهتمام بمشاعرهن كأن يزوجوها لأقربائها أو للأثرياء أو المسئولين أو الشيوخ والوجهاء أو الذين يبادلونه بزوجة مقابلة بصرف النظر عن التكافؤ بينهما .وهذا يعد جريمة كبرى بحق إنسانية المرأة وانتهاكا صارخا لأبسط حقوقها من وجهة نظر الشرع الإلهي ومن وجهة نظر العقل والمنطق لان الزواج بين البشر ليس فقط للتكاثر كما يحصل بين الحيوانات وإنما لتكوين أسرة تشد علاقاتها وتربطها أواصر الحب والمودة والعشرة بين الرجل والمرأة مدى الحياة . وقد أثبتت الوقائع فشل اغلب هذه الأنواع من الزيجات وانتهت بمشاكل وتداعيات انعكست على حياة المرأة وأطفالها وأهلها، أما حياتها الخاصة فهي في وضع لا نستطيع وصفه إلا بما يسمى ب"الإقامة الجبرية" فهي لا يحق لها ممارسة حقوقها أسوة بالرجل خوفا من إساءة استخدامها بالشكل الذي يؤذيها ويسيء لها ولذويها بل وحتى لعشيرتها . وقد نشطت منذ عشرات السنين العديد من النساء بمساعدة الكثير من المنظمات لإطلاق حرياتهن ومساواتهن بالرجل ولكن بعض هذه المنظمات غرضها الإساءة إلى المرأة العربية والمسلمة لإشاعة الفاحشة تحت غطاء هذه الشعارات الإنسانية لان مجتمعاتنا تعتز بطهارة المرأة وعفتها والبعض الآخر لضمان حقوقها وحرياتها المشروعة فعلا... ولكن هل يجوز أن نساوي المرأة مع الرجل في كل شيء؟ ولكي نجيب على هذا التساؤل نأتي ببعض الأمثلة . فلو أخذنا على سبيل المثال موضوع منح جواز السفر للمرأة دون موافقة ولي أمرها أو السفر بدون زوجها أو احد محارمها وفرضنا أن جميع النساء معصومات من الخطأ ويتصرفن بعقلانية ومنحن جواز السفر بدون موافقة ولي الأمر وسمح لهن بالسفر خارج القطر لوحدهن أو حتى داخل القطر ألا يجوز أن يحدث لهن حادث؟ ابسط شيء مثلا فقدان أو سرقة أو نفاذ نقودها أو وثائقها الرسمية .أو مثلا كانت تقود سيارتها في الطريق بين مدينتين وحدث لسيارتها عطل ما فماذا تفعل؟وكم ستعرضها هذه المواقف إلى مشاكل قد تصل حد اغتصابها أو مساومتها على شرفها مقابل حل مشكلتها؟ فكيف سيكون الأمر عليه لو كانت غير ذلك وقد رأينا وسمعنا وقرانا في وسائل الإعلام عن حالات إساءة ممارسة الحرية التي منحت لهن في الدراسة والعمل والسفر. ومن هذه الحالات ارتباط نساء بعلاقات حب أو زواج مع أجانب والسفر معهم دون علم أو موافقة ذويهن وحصل أن تخلوا عنهن وتركوهن في حيرة من أمرهن لا يعرفن ماذا يفعلن فاضطر قسم منهن للانزلاق إلى طرق منحرفة لأنهن لا يستطعن العودة إلى أهلهن إما خوفا من عقابهم أو لعدم توفر المبالغ اللازمة لعودتهن.ولهذا السبب اشترط المشرع في العراق وفي دول عربية وإسلامية أخرى حصول موافقة ولي الأمر على منح جواز السفر للمرأة والسفر برفقة الزوج أو احد المحارم .وهذا التشريع باعتقادنا هو لصالح المرأة قبل كل شيء وليس ضدها ولصالح سمعتها وسمعة ذويها وعشيرتها في مجتمعنا العربي والإسلامي الذي يقدس الشرف والسمعة فهو إذن لحمايتها من نفسها ومن الأشرار وإذا هناك من يقول عكس ذلك أي أن المرأة موضع ثقة تامة ولا يرقى الشك إلى سلوكها ، فإنني أطالبه بان يقسم بأنه لا يعرف أكثر من قصة عن علاقات غير شرعية بين نساء ورجال عاز بين أو متزوجين وعندها سأقر له إنني على خطأ .أما إذا كان الأمر كذلك فمن أين يأتين هؤلاء النساء؟ أليس من بيننا ومن مجتمعنا حتى ولو كانت نسبتهن لاتتعدى1%؟ وقد تتساءل امرأة وتقول إن الرجال هم الأسوأ وهم الذين يعتدون وهم الذين يضللون النساء بالكذب والتحايل لتحقيق مآربهم فنقول كل ذلك وارد وقد يكون صحيح مئة بالمئة ولكن على من يقع الضرر؟ ومن الذي يلحق به الأذى ؟إنها المرأة في جميع الأحوال. كما إن هناك أمور أخرى يجب أن نأخذها بعين الاعتبار فمثلا هل يجوز شمولها بقانون خدمة العلم؟ أو هل يجوز التعامل معها أسوة بالرجل عند تطبيق قانون أصول المحاكمات والعقوبات عليها؟ هذا قطعا لا يجوز... فلا يجوز شمولها بخدمة العلم ،كما يجب تعديل القوانين بحيث لا تجيز اعتقالها من قبل الرجال و تجيز أن يحل محلها الرجل تطوعا في جميع مراحل الاعتقال والتوقيف والتحقيق وتنفيذ الأحكام كافة لما لها من قدر وقيمة وما تحمله من أعباء وما يلحق بها وبعائلتها وبذويها من إساءة من جراء ذلك وهناك حالات تعرضت بها النساء إلى الاعتداء في مراكز التوقيف والاعتقال والسجن ولذلك فإننا يجب أن نقدم لها كل الرعاية والاهتمام عرفانا بجميلها علينا وان نوفر ونامن كل ما يكفل حريتها وحقوقها باستثناء ما يؤذيها من مطالب لان الحياة لا تستقيم بدونها وليس لها لون أو طعم أو رائحة فهي الأم والأخت والعمة والخالة وهي في النهاية الحبيبة والزوجة.