{{ الراصد }} الامر بقتل النساء والنهي عن الحرية

علي عرمش شوكت
aashokat@hotmail.com

2007 / 12 / 10

تتواتر الانباء المقلقة عن الحملة الجاهلية لقتل النساء العراقيات في محافظة البصرة ، كما تؤكد معلومات عن ظهور علامة عدوى مماثلة في بعض مناطق كردستان ، ان هذا المشهد التراجيدي المرعب يؤكد دون اي لبس ارتكاب جريمة منظمة في هذا البلد (المعوق ) منذ اربعة عقود مضت ، تستهدف القضاء على نصف المجتمع العراقي ، ويبدو بأن هذا استكمالا لعملية ابادة مخططة ومحبوكة للحلقات المحركة للتطور ، مثل العلماء ، والاطباء ، واساتذة الجامعات ، وكافة الكفاءات الاخرى ، وهي في حقيقة الامر محاولة لارساء الاحوال في العراق على قاعدة الجهل والتخلف ، ومن ابرز تجلياتها حجب المرأة ، بل قتلها بواسطة عصابات لا هوية وطنية لها ، وتدعي تطبيق ( الامربالمعروف والنهي عن المنكر ) !! ، ولكن الوقع يكشف عن جوهر فعلهم هذا الذي يصح تسميته – الامر بالقتل والنهي عن الحرية – لقد مضى على هذه الجماعات وقت طويل وهي تجوب شوارع البصرة واسواقها وجامعاتها على وجه الخصوص ، وحتى الدوائر الرسمية فيها لفرض قوانينها واصدار احكامها بالموت على النساء السافرات جهارا نهارا دون اي رادع ، علما ان السفور لم يعد محرما في معظم الدول الاسلامية المتحضرة .
كانت ترمى مسؤولية تلك الجرائم على التيار الصدري ، لحين ان ظهر بالامس على (القناة العربية) مسؤول هذا التيار الاسلامي السياسي في البصرة الشيخ (حارث الاعذاري ) الذي وضع النقاط على الحروف وتبرأ من هذه الاعمال المنكرة.وابدى استعداد التيارالصدري لحماية النساء وحماية حتى المتبرجات منهن حسب تعبيره ، واهم ما اكده بقوله ( ان قتل النساء جريمة وان ذلك ما هو الا اجندة لمخابرات اجنبية ) ، وبعد هذا الافصاح عن حقيقة هذه العصابات المخابراتية الواردة عبر الحدود ، فلابد ان تعتبر ارهابا من طراز مبرقع ، وهو متخصص بقتل النساء ، ويختفي خلف فتاوى ومقولات دينية زائفة ،مهمته استكمال تفريغ العراق من الكفاءات التي لاتقتصر على رجال العراق وانما كانت المرأة العراقية متقدمة في مختلف المجالات العلمية والادبية وغيرها ، هذا وناهيك عن كون المرأة تشكل نصف المجتمع الفاعل حتى وان كان قسما منهن غير متعلمات، ولكن يتجلى فعلهن في صناعة الاجيال الصالحة ، تلك المهمة الاساسية لتطور اي مجتمع طامح للسمو والتقدم ، ان تصريحات رجل الدين الصدري الشيخ الاعذاري تعزز الطلب المقدم الى المرجعيات الدينية بضرورة اقتران اقوالهم المستنكرة لجريمة قتل النساء ، بافعال ملموسة وذلك باصدار فتاوى تحرم ليس القتل فحسب بل حتى اي عمل من شأنه الحاق الضرر بالنساء ، او الحد من فاعلياتهن في الحياة العامة ، اوالمساس بالحريات الشخصية ، والمقصود هنا بالدرجة الاساس هو التيار الصدري لكونه يحظى بالقدر الاكبر من الاتهام بالمسؤولية عن هذه الجريمة ، ومن ناحية اخرى بأعتباره يمتلك تأثيرا اوسع من غيره من احزاب الاسلام السياسي في الشارع العراقي ، ولكون هذا العمل المنكر تجاه النساء يقوم خلف دعاوى دينية ، بل ويدعي بعض القائمين به بكونهم من التيار الصدري تحديدا، وعليه ينبغي ان تتحرك المرجعيات الدينية دون استثناء لتحريم اكبر جريمة ترتكب بحق نساء العراق اليوم ، والتي تذكر بجريمة النظام الدكتاتوري المباد ، والتي ارتكبها بحق النساء ،وكانت بذات التوجه وان كان وضعها خلف ادعاء اكثر خساسة ونفذها باسلوب اكثر صلافة ، وهوشنق النساء بأبوب دورهم وامام الملأ وبدعاوى ما انزل الله بها من سلطان .
ان الظروف التي تعيشها النساء العراقيات في هذا الزمن يمكن وصفها بألاستثنائية والخطيرة ، فتداعيات الحروب السابقة التي خلفت منهن مليوني ارملة تعاني من فقدان مستلزمات الحياة الضرورية لتربية اطفالهن والعيش الكريم ، وكذلك ملايين اخرى بلا معيل تركن يتلظين بشظف العيش وقسوة فقدان الاحبة من الابناء والاشقاء والازواج ، يضاف الى ذلك ما استجد بعد سقوط النظام من ارهاب يمنع المرأة من فرص العمل والدراسة وفقدان فسحة اختيار شريك حياتها بحرية ، وتأتي فوق هذه الهموم مصيبة اكبر واخطر ، الا وهي عصابات التكفيرالمكلفة بتطبيق ( الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ) من خارج البلاد ، لتطبيق اجندة اجنبية ، على حد قول ممثل مكتب الشهيد الصدر في محافظة البصرة الشيخ ( حارث الاعذاري ) ، والتي هي في الحقيقة محاولة لتصدير نمط نظام شمولي اقليمي الى العراق ويمكن عبره الى باقي دول المنطقة الاخرى ، وهذه البداية بفرض الحجاب على النساء ، ويقينا ستلحق ذلك شروط اخرى ستفرض على الرجال وان لم يتم تنفيذها سيكون جزاء ذلك القتل ايضا ، منها عدم اطالة اللحى ، و ارتداء سراويل الجنز، وقائمة الممنوعات تطول لامجال لذكرها لانها مخجلة حقا ، ويسأل سائل : لماذا البداية من النساء ؟ ، فكما يبدو تتم هذه الجريمة على طريقة عنتر ابن شداد حيث سئل يوما كيف اصبحت مسيطرا في القتال ويهرب امامك الفرسان ؟ اجاب : كنت اسدد ضرباتي الى الضعفاء وعندما اصرعهم بسهولة يخشاني الاقوياء .
وخلاصة القول انها ثقافة جاهلية قد الغاها الدين الاسلامي ، ففي صدر نزوله حرم وأد البنات ، وكان الحجاب حاجة اجتماعية اخذت طريقها آنذاك بقناعة ، ولم يصاحبه العقاب بالموت لمن لاترغب في ارتدائه من النساء ، غير ان اساليب فرضه هذه الايام وباسم الدين الغاية منها السيطرة واخضاع المجتمع للقبول بنمط نظام سياسي شمولي غارق في التخلف والجاهلية ويحاول انقاذ حاله بصبغة دينية زائفة لاتمت للدين الاسلامي باية صلة، وكلمة اخيرة نقولها ، ان مسؤولية ايقاف هذه الجريمة الخطيرة التي ترتكب بحق النساء تقع اولا على عاتق المرجعيات الدينية من دون استثناء ، كما ان المرجعيات الحكومية والقضائية تتحمل المسؤولية المباشرة عن استمرار وتواصل المجرمين بارتكاب افعالهم الخطيرة هذه من دون اي رادع .



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة