المرأة والازدراء المركب (5)

عبدالحكيم الفيتوري
dr_elfitouri@yahoo.co.uk

2008 / 7 / 19

المرأة والازدراء المركب(5)

الخلاصة

لا يخفى أن منهج(الاسنادية والحذفية) في تشخيص الحقائق منهجا يزود اتباعه بمعيارية معينة تبقى ملازمة لهم ، سواء في مقاسات التفاضل،أو مستويات التعامل مع الأخر. ولا يمكن تغير هذه المعيارية إلا من خلال إعادة النظر في قيم تلك المنهجية(الاسنادية والحذفية)برؤية قرآنية قصدية سهمية تسعى لتشكيل منظومة قيمية جديدة على أنقاض النسق القيمي القديم، تجعل المساواة مرجعية قيمية تلغي فيها الفوراق والخصوصيات المصطنعة بين الذكر والأنثى، وعلى أساسها يتم التعامل مع المرأة لكونها انسانة بقيم رسالة القرآن الانسانية، فتتخلص الحقيقة من نسبيتها في هذا المجال استنادا إلى أمر حقيقي متفق عليه وهو انسانية الانسان الذي يحتم على جميع البشر مبدأ المساواة وقيم العدل .

وبذلك يمكن الخروج من شرنقة المجتمع الذكوري الذي ينظر للمرأة بأنها عورة غير مؤتمنة على شرفه، ولها قابلية السقوط أمام الرجل بمجرد الانفراد والخلوة بها. ولعل ظروف البيئة العربية الذكورية، وحضور قضايا الشرف في ثقافتها وأعرافها وآدابها كانت السبب الرئيسي وراء هذا الكم الهائل من الروايات والاسانيد التي صورت المرأة أقل من الرجل في كل شيء، وأعطت للرجل حق الحجب والحجز والحجر عليها. ويبدو أن أغلب ما جاء في هذه الروايات في التقليل من مكانة المرأة في العقيقة وغيرها لا تنتمي لقيم القرآن ورسالته الانسانية، وتجافى العقل والحس السليم،وبالتالي فهي على أحسن الأحوال وليدة ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية أريد بها التدرج من أعراف جاهلية إلى قيم رسالية، ولكن بسبب القراءة السهمية المعكوسة لقصدية القرآن، والمنهجية الحذفية(حذف السياق التاريخ والنسيج الاجتماعي) تجذرت هذه الروايات وتم أعلان الجهل المسلح ضد قصدية القرآن وقرأته قراءة سهمية ، تحت شعار :

فالخير كل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف !!

ومما يعني أن الخطوة الأولى على طريق إعادة إنسانية المرأة هي تفكيك القيم المغلوطة عن المرأة الرابضة في اللاوعي ، التي تعمل على ترسيخ وتجذير دونية المرأة ونقصانها كضرورة حياتية، وإعادة تشكيل العقل ضمن سياقات قصدية وسهمية تؤسس لوعي جديد تتمرد على تلك القيم المغلوطة، وسلطة التاريخ ورواته العتيدة التي ظلت تحاصر العقل وقصدية القرآن، وتضغط باتجاه قبول دونية المرأة وأفضلية الرجل .

وأحسب بتلك الخطوات الجادة نحرر قيم القرآن وقصديته في العدل والمساواة والكرامة(ولقد كرمنا بنى آدم)ونطق مداها الرسالي من إكراهات ثقافة الرواة، والذي بمقتضاها-يفترض- أن تقود الرجل إلى تجاوز كل الانانيات، والعصبيات، والعنصريات التي تفضي إلى العسف والجور والدونية وتحقير المرأة كأنثى. أيضا ينبغي أن يصون العقلاء عقولهم من الخوض مع الخائضين في تشويه صورته عليه الصلاة والسلام بأثبات تلك الروايات المنسوبة إليه !!

وهكذا تعي المرأة ذاتها،أو بهذه الطريقة يستبين لها سبيل الانعتاق من تداعيات ثقافة دينية مغلوطة قد عانت منها ردحا من الزمان، وما زالت ترزخ تحت وطأتها لدرجة أكسبتها قابلية لقبول الدونية تدينا !!

_______________

1-مسند الإمام أحمد ، سنن الترمذي،المصنف في الأحاديث والآثار لابن أبي شيبة

2- انظر مقالي:فلسفة تطور العقل وتدرج الشرع.

3- تفسير سفر اللاوبيين،أنواع الذبائح.

4- المرجع السابق:تفسير سفر اللاوبيين.

5-انظر: المحلى بالأثار، لابن حزم .

6-قال كعب الأحبار في أبي هريرة:ما رأيت أحدا لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من أبي هريرة. (انظر:الذهبي طبقات الحفاظ،وأعلام النبلاء.والأصابة لابن حجر)

7- رواه الترمذي في سننه .

8- الحاوي الكبير ،للماوردي .

9-انظر:عون المعبود شرح سنن أبي داود .

10-للمزيد انظر المحلى بالآثار لابن حزم.

11- نموذج لذلك انظر إن شئت دراستي لحديث النساء ناقصات عقل،منشور في موقعي http://www.a-znaqd.com

12-التفسير والمفسرون،لحسين الذهبي.

13- انظر:فتح الباري لابن حجر، والسيل الجرار للشوكاني.

14-زاد المعاد لابن القيم.

15-تحفة المودود، لابن القيم.

16-المحلى بالأثار،لابن حزم.

17-الرجع السابق، المحلى بالآثار.

18-انظر:المصنف في الأحاديث والأثار، لابن أبي شيبة .

19-انظر:فتح الباري لابن حجر،والسيل الجرارالمتدفق على حدائق الأزهار للشوكاني.

20-انظر: المحلى لابن حزم .

21--انظر:المصنف، لابن أبي شيبة .

22- انظر:المحلى لابن حزم،والمصنف لابن أبي شيبة.

23-سبق تخريجه .

24-فتح الباري شرح صحيح البخاري، لابن حجر.

25-انظر فتاوى اسحاق الحويني .

26- عدم قبول الانثى والفرح بها رؤية جاهلية ،كما صورها القرآن:إذا بشر أحدهم بالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم،يتوراى من القوم من سوء ما بشر به، أيمسكه على هون أن يدسه في التراب.

27-جاء في العهد: أن حواء خلقت من ضلع آدم، وأن المرأة خلقت من ضلع أعوج. كذلك جاء في الانجيل:خلق الله آدم ومن ضلع من ضلوعه بنى حواء وكان لهما مجد وبهاء عظيمان.








https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة