ميسون المثقفة , الكفاءة , الديمقراطية والأنثى..

كاظم حبيب
khabib@t-online.de

2009 / 2 / 1

بغض النظر عن النتيجة التي ستظهر في الرابع من شهر شباط/فبراير 2009 بشأن من يُنتخب لرئاسة مجلس النواب العراقي , سواء أفازت أم فشلت في الحصول على الموقع , فأن ترشيح نفسها إلى هذا الموقع السياسي المهم على أنقاض رئيس سابق مرغ الموقع بالسوء والبؤس الفكري والسياسي يعني سعيها لإعادة الاعتبار لهذا المركز أولاً , ووعيها الناضج والعميق بأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية العراقية ثانياً , ويعني استعدادها لتحمل هذه المسئولية الكبيرة والمهمة بعد خراب وإيذاء لحق بالموقع ثالثاً , ويعني تحدياً للمحاصصة الطائفية التي عمت العراق في غفلة من الزمن وعبر وعي مزيف ساد المجتمع بعد سقوط النظام رابعاً , ويعني أخيراً وليس آخراً ثقتها بنفسها ورغبتها بأن تكون نموذجاً يحتذى به من جانب النسوة في العراق , وأنها تريد أن تقدم الخدمة للمجتمع من هذا الموقع التشريعي المهم.
ورغم رغبتي الجامحة في أن تفوز هذه المرأة الجريئة والمقدامة بالموقع , فأن ميزان القوى في المجلس النيابي والتحالفات السياسية التوافقية التي لا تزال قائمة والتي ألحقت أضراراً كثيرة بالمجتمع والقوى الديمقراطية العراقية , يمنح الإنسان رؤية واقعية عن نتائج التصويت في 4/2/2009 , إن تحققَ التصويتُ ولم يؤجل كما أجل أكثر من مرة حتى الآن.
اهتمامي إذن لا يذهب إلى نتائج التصويت , بل إلى أهمية هذا الترشيح لتحريك المجتمع والقوى الديمقراطية التي تقف إلى جانب حقوق المرأة ومساواتها بالرجل وإلى انتزاع تدريجي للذكورية المستفحلة والبائسة التي يعاني منها المجتمع العراقي حالياً لصالح موقع جديد للمرأة مساوٍ لموقع الرجل. لقد صدر أكثر من بيان لصالح ترشيح ميسون الدملوجي من جانب شبكة المرأة وبعض الصحفيين الديمقراطيين وجمهرة من النسوة المثقفات والمثقين في الداخل والخارج , ولكن لا زلنا بعيدين عن تحريك جمهرة النسوة والقوى الديمقراطية لتنشط الدعاية لها ومن خلال ذلك إعادة تثقيف الإنسان العراقي بدور المرأة وشخصيتها التي يفترض أن تكون مستقلة وقادرة على الفعل في المجتمع كالرجل , وأن المجتمع يفقد الكثير من المزايا بسبب فقر دور المرأة وهامشيته في المرحلة الراهنة. ولا شك في أن الأحزاب الإسلامية السياسية وقوى أخرى تشارك في الحد من انطلاق المرأة صوب فضاءات جديدة وممارسة حقوقها كاملة غير منقوصة.
لدي القناعة التامة بأن هذا الترشيح لن يكون دون أثر كبير على المرأة العراقية وعلى مواقفها لاحقاً وعلى بدء عملية جديدة ضد كبت دور المرأة وتهميشها المتعمد من جانب الكثير والكثير جداً من رجال العراق والمؤسسات الدينية , شيعية كانت أم سنية أو حتى من أديان ومذاهب أخرى , ومؤسسات أخرى غير قليلة.
حين وصلني قرار النائبة العراقية ميسون الدملوجي ترشيح نفسها لرئاسة مجلس النواب , وجهت لها الرسالة الشخصية التالية:
برلين في 15/1/2009
الأخت الفاضلة والعزيزة ميسون الدملوجي المحترمة
تحية ودٍ واحترام
أعبر بهذه الرسالة عن سعادتي واعتزازي في أن أجد امرأة عراقية مقدامة مثلك ترشح نفسها للفوز برئاسة مجلس النواب العراقي, بغض النظر عن بنية وتكوين هذا المجلس وممارساته خلال الفترة المنصرمة.
أنتِ قادرة بحق على لعب دور حر وديمقراطي ومستقل وفعال ومثير للارتياح في رئاسة مجلس النواب بهدوئك وموضوعيتك وقدرتك على التحكم بعواطفك لصالح عقلك, فالعقل بارد ومفكر والقلب دافئ ومحب للشعب , في التعامل مع القضايا العراقية والتعامل مع جميع الكتل النيابية وبرنامجك الجيد والهادف يجسد ما كانت عليه حالة رئيس مجلس النواب البائسة من جهة, وما يفترض أن يكون عليه رئيس المجلس من جهة أخرى.
أتمنى من كل قلبي أن تقتنع الأكثرية البرلمانية العراقية بصواب ترشيحك وانتخابك ومساهمتك كمواطنة وكعضو في المجلس النيابي وكأنسانة مثقفة ثقافة عالية ومتميزة وتدرك بحق أهمية ممارسة حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق القوميات وحقوق أتباع الديانات والمذاهب الدينية في العراق وضد كل أشكال التمييز والكراهية بين الناس وفي أجهزة الدولة ومن أجل عدالة اجتماعية ترسي دعائم السلم الاجتماعي والتعاون بين فئات المجتمع في العراق.
أتمنى لك من كل قلبي النجاح والتوفيق والسلامة الشخصية.
مع خالص المودة والتقدير.
كاظم حبيب
ورغم واقع الحال , اتمنى للأخت ميسون الدملوجي النجاح في ما تسعى إليه والذي هو ابعد بكثير من مجرد الوصول إلى رئاسة المجلس لأن همها هو المرأة العراقية ودورها , هو الشعب ودوره في الحياة السياسية العراقية.
31/1/2009 كاظم حبيب







https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة