اهنئكم جميعا نساءا و رجالا بمناسبة يوم الثامن من اذار، رمز النضال من اجل احقاق حقوق المرأة.

نادية محمود
nadia64uk@yahoo.com

2009 / 3 / 10

نفخر نحن الشيوعيين، باننا جعلنا من يوم الثامن من اذار، يوما للمرأة العالمي، قبل 99 عاما، حين اقترحت المناضلة الشيوعية، الرفيقة كلارا زيتكين، بان يكون هذا اليوم يوما للاحتفاء بنضال النساء. و منذ ذلك العام، لحد يومنا هذا، يحتفل العالم اجمع بهذا اليوم. تنظم التظاهرات، و التجمعات، و المؤتمرات، و الندوات، و الاحتفالات، و البيانات في كل انحاء العالم، بكل لغات العالم، نساء من اسيا و افريقيا الى امريكا و استراليا، من العراق الى لندن، العالم كله يحتفل بهذا اليوم. تلك اسهامة الشيوعيين في دفع قضية المساواة بين البشر، المساواة بين الجنسين. ان هذا يظهر بان بامكان الشيوعيين ان يخطون مسار جديدا للبشرية.

انه لعالم مخجل ان يجري التفريق بين البشر، يعطى لقسم من البشر حقوقا اكثر من غيرهم فقط لان احدهم ولد ابيض و الاخر اسودا، او لان احدهم ولد انثي و الاخر ذكر. امر غير مقبول.

السؤال هو لماذا تحيي النساء في كل دولة من دول العالم هذا اليوم؟

لانه لم تحقق حقوق المرأة بعد في اية بقعة من العالم.،و لا في اية دولة من العالم. ان قضيتنا واحدة، نضالنا واحد، في الغرب و الشرق في الشمال او جنوب الكرة الارضية. المرأة هي الحلقة الاضعف، المرأة تتعرض للاضطهاد في كل مكان ، الاختلاف فقط في درجة و في نوع الاضطهاد الذي تتعرض له المرأة، حيث ان التمييز ضد المرأة فقط لانها امرأة، في جوهرها واحد في العالم اليوم، العالم الراسمالي.

أنظروا ماذا يحدث الان للنساء في الازمة الاقتصادية العالمية، لقد بدأت تاثيراتها و قبل اي كان على النساء، في العالم المتقدم، الذي حققت فيه النساء شوطا من التقدم في الحقوق، انظروا الى التراجع الذي بدأ يفرض على النساء:

- النساء اللواتي يعملن بارت تايم، هن اولى النساء اللواتي اخرجن من العمل،جرت التضحية بهن والقين الى الشارع.
- يقولون يجب ان تخلي النساء اماكن عملهن للرجال. تلام النساء على انهن اخذن فرص العمل من الرجال. هذا ما يجري الان في بريطانيا، في ظل الازمة الاقتصادية العالمية، الا يذكركم هذا باي شيء؟ الايذكركم بما قام به نظام صدام حسين، حين انتهت الحرب العراقية الايرانية، و عاد مئات الاف الجنود من الجبهات الى المدن باحثين عن عمل. اخرجت النساء من العمل تحت ما يسمى "فائض عن الانتاج". علما ان النساء المسؤولات عن اعالة اسرهن و اطفالهن، النساء الارامل اليوم يبلغن 3 ملايين امرأة.

- الشركات والمصانع التي تشغل النساء، تحت اسم الازمة الاقتصادية تكثف من استغلال النساء، تسعى الى تشغيلهن ساعات اطول و بظروف عمل اسوأ، و التهديد بالتسريح من العمل يلجم افواههن.

- بدأ بعض الرأسماليون بالحديث عن الغاء عدد من القوانين التي وصلت اليها النساء بنضالهن، مثل ساعات العمل المتغيرة، و اجازات الحمل و الولادة، تحت شعار" ان هذه القوانين لاتصلح لايام الازمة الاقتصادية" و يسعون الى ايقاف كل مشاريع القرارات التي تجري مناقشتها الان.

- لحد اليوم، في بريطانيا، الامهات اللواتي لديهن اطفال تحت سن السادسة عشر، لا يجبرن على العمل، اليوم يدرسون قانونا جديدا، يفرض على الامهات اللواتي يربين اطفالا صغارا ان يتركن اطفالهن ويذهبن للعمل. هذا ما يطلقوا عليه بتغيير قانون الاصلاح.

- لماذا لا تتزوج الكثير من الشابات في بريطانيا، ان احد الاسباب، لانهن يجدن وجود اطفالا بحياتهن، يؤثر على حياتهن المهنية، و قد يفقدهن اعمالهن، اي يضحين بالرغبة في ان يكون لديهن اطفالا من اجل معيشتهن.

- ان القانون الذي يريدون تمريره يفرض على الامهات الوحيدات يعشن على الدعم الاجتماعي، ان يعملن في مشاريع للانتفاع بشكل تطوعي.

ان الازمة الاقتصادية يريدون حلها بتكسيرها على رؤوس العمال، و بالاخص النساء. حيث بين العمال، تجري مقاضلة و اعطاء الاولية للرجال عن النساء. و من اجل ان يخرج الرأسماليون منها بسلام، دون ان تمس شعرة من رؤوسهم. الا ان اثارها على النساء و الاطفال، المشاكل الاجتماعية ازدادت، زيادة نسب الطلاق، بسبب فقدان العمل، فقدان الامان الاقتصادي، زيادة العنف المنزلي،و اثار ذلك على الاطفال.

ان كانت المرأة في الغرب حرة في بيع قوة عملها، و حرة في استخدام جسدها، و مع هذا تتعرض للاستغلال في ظل النظام الرأسمالي، الذي يابى ان يقلص الفجوة في الرواتب التي تبلغ نسبة 30% للنساء اقل من الرجال، في الاوضاع الاعتيادية و ليس في الازمة الاقتصادية، ، ونسب العنف المنزلي تبلغ ضحاياها 1/ 4 من النساء.

واذا كان هذا ما تتعرض له النساء في العالم المتقدم، في العالم الذي تمكنت فيه النساء بقرن من النضال لنيل حقوقها، ما هو وضع النساء في الشرق الاوسط اذن؟

دعوني انقل لكم ما قرأت من نتائج اظهرتها احصائية تقوم بها صفحة الحوار المتمدن، هنالك جدول يسأل قراء صفحة الحوار، عن المساواة بين المرأة و الرجل في كافة المستويات يقولون الموصوتون: نعم و ذلك بنسبة 68 %، و نسبة 27% تقول لا.

ثم يسأل الجدول القراء فيما اذا يوافقون على اعتبار ان من حق المرأة، كشان خاص بها اقامة العلاقات الجنسية قبل الزواج، يتراجع نصف المصوتون الذي اقروا "بالمساواة الكاملة" ليبقى 31% منهم يقول بنعم، انهم يعتبرون هذا الامر امرا شخصيا.

تخيلوا هذا في اوساط اليسار، الذي افترض انه متقدم ومناصر لقضايا المرأة، لكنه لازال ينظر الى ان جسد المرأة على انه ليس ملكها الشخصي، بل ملكا للاخرين، قد يكون هذا الاخر، الاسرة، المجتمع، الزوج، اي تكون مملوكة لقيم " الشرف".

ان وضع المرأة و وفقا لتصويت "الطبقة المتمدنة" في المجتمع يجب ان يكون خاضعا لسيطرة الرجال، المرأة ليست حرة، المرأة ليست انسانا مستقلا، و لا زالت الطبقة التي تستنكر قول الاسلاميين، بان المرأة "ناقصة عقل و دين"، تقول، يجب ان تكون المرأة خاضعة و تحت السيطرة، نحن نقرر لها ما هو مسموح لها به، و ما هي الخطوط الحمراء التي عليها ان لا تتجاوزها، كم ابتعدت، هذه الطبقة" المتمدنة" عن مبدأ " المرأة ناقصة عقل و دين".

و القائمة تعرفونها كاملة، تحدثنا عنها في ندواتنا و مؤتمراتنا خلال العشرة سنوات الاخيرة، فرض الحجاب الاجباري، قتل النساء تحت ذريعة الشرف، تعدد الزوجات، و شيوع اشكال من الاتجار بالنساء، انواع من الزيجات، الحرمان من التعليم و العمل، و الحبس في البيوت، و الختان الذي ازداد في السنوات الاخيرة، ان النساء يعشن حياة عبودية. اذا اختلفت اسرتين حول قضية تجري تسويتها بتقديم امرأة. و كانها شيء،و كانها سلعة. الدول الوحيدة في العالم، حين تغتصب النساء، يطلق سراح المجرم، و تعاقب الضحية، الدول الوحيدة في العالم، اذا اختطفت ابنتهم، بدلا من ان يبلغوا الشرطة و يبحثوا عن ابنتهم المفقودة، يتجاهلوا على الاطلاق وجودها، خوفا على " شرفهم". اذا ما قتلت النساء، و القيت اجسادهن في مزبلة، لا يذهب الاهل احتراما لابنتهم التي قتلت، ليدفنوها بكرامة بل يتركوها تنهشها جثتها الكلاب. ليس هنالك وضعا في منتهي العبودية و في منتهى اللاكرامة للنساء كما تشهده بلداننا.

اذا كانت اوضاع النساء في الغرب سيئة، هنالك على الاقل قوانينا يمكن لك مناقشتها، و الوقوف ضدها، هنالك حكومة يمكن ان تنظر في الامر، و لكن حين يقوم اب او اخ بقتل اخته. ضد من ستتظاهر؟

الوضع بحاجة الى تغيير،و الى تغيير جذري.

و الخبر السعيد هو ان النساء تعترض. يوم امس، حضرت مؤتمرا نظمته منظمة حرية المرأة في العراق- ممثلية الخارج، كانت هنالك فتاة من اسرائيل في العشرين من عمرها، كانت تتحدث في المؤتمر بخجل بالغ، عن تجربتها كيف انها رفضت ان تجند في الجيش الاسرائيلي، رغم ان مجتمعها واسرتها كانوا قد وضعوا امامها الدخول الى الجيش كجندية منذ كانت في السادسة عشر من العمر، الا انها رفضت، رفضت ما كان يجري، كانت تقول: ذهبت الى المناطق المحتلة،و عرفت كيف يعيشون، وعملت معهم متطوعة لمدة سنة، لا يمكن لي ان ادخل الجيش الاسرائيلي، سجنوها عدة مرات، كل مرة تدخل للسجن فيه، و تخرج منه، املين انهم كسروا ارادتها، تقول لم يتمكنوا من كسر ارادتي، واخيرا خرجت من السجن بدعوى أنها " مصابة بمرض عقلي" لتنظم تنظيما من سبعة شابات وثلاثة شبان يعلنون الرفض للتجند في الجيش الاسرائيلي،وكانت تطلب من الحضور، ان يفرقوا بين حكومة اسرائيل، وبينهم كمواطنين حيث ان لا يد لهم في ما يحدث.

الخبر السعيد هو احتلال العاملات و العمال لمصانعهم في مصنع في داندي رفضا لتسريحهم من العمل. في كوريا الجنوبية حولت النساء المصانع الى محل سكن لهن حين قرر المصنع اخراجهن بالقوة، جلبن اطفالهن و رتبن المكان للعيش فيه مع اطفالهن.

في الولايات المتحدة، في سياتل، العاملات المهاجرات اعلن و للشهر السادس على التوالي اضرابا احتجاجا على قطع الرواتب بنسبة 25%،و اعتراضا على منعهن من حق التنظيم في النقابات العمالية. النساء يقاومن قانون الاصلاح الجديد، الذي يستهدف الى تخريب وليس اصلاح حياتهن، حيث سيدفع بالتعليم و العناية الصحية، و الرفاه الى درجاتها الدنيا، من اجل ان تبقى جيوب الرأسماليين عامرة.

استطيع القول، ان هنالك ظاهرة جديدة، هي ظاهرة " احتلال المصانع" قاموا بهذا في اسكتلندا، في داندي، في كوريا، و في الولايات المتحدة، و ايضا في العراق، حين اصدر حمير صالح رئيس نقابات المزارعين في الكوت بان لم يجري تشغيل العمال الزراعيين في الكوت فانهم سيحتلون الاراضي الزراعية لتشغيلها. يبدو ان الاستراتيجية القادمة هي استراتيجية ( احتل و فاوض) و قد شرعت النساء عملا بتنفيذها.

الهجمة شرسة على النساء، في الغرب.
و الهجمة اكثر شراسة و بربرية على النساء في الشرق.
الا ان النساء ترفض و تقاوم.
تحية للمقاومة الحية للنساء.

لنعمل من اجل الانتصار، لنبني على ما بدأنا، و لنحتفل بهذا اليوم.
شكرا لكم.

لندن 7-3-2009










https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة