ألمرأة ألعراقية وأمنيات ألدكتور كاظم حبيب .

حامد حمودي عباس

2009 / 3 / 10

كتب ألدكتور الاستاذ كاظم حبيب في العدد 2579 من ألحوار المتمدن مقالا بعنوان ( ألمرأة ألعراقية في يومها ألعالمي ) .. حيث يشكل مقاله ذاك واحدة من المساهمات القيمة للاستاذ حبيب وهو يسعى مخلصا لخلق وعي تقدمي يرى في ألمرأة كيانا انسانيا متكاملا له ذات الحقوق التي يتمتع بها زميلها الرجل وعلى كل المستويات .
وقد أمعن الكاتب وبجهد ملحوظ في عملية ألسرد ألتاريخي المفعم بالانحياز لقضية ألمرأة في العراق منطلقا في رحلته السردية المكثفة منذ عهد الدولة العثمانية الى أن بلغ به المطاف لان يتناول حال المرأة في العهد ألحالي .. ولم يفته خلال رحلته تلك أن يلفت الانتباه الى عدد غير قليل من الشخصيات النسوية العراقية المناضله واللواتي تركن أثرا بالغا في تاريخ الحركة النسوية وعلى مر العهود التي مرت بالحياة السياسية في بلاد الرافدين .
لقد كانت مساهمة الاستاذ كاظم حبيب شأنها في ذلك شان الكثير من المساهمات الفكرية الرامية لنصرة قضية المراة ، لا تحمل في ثناياها اسهابا في وضع ألحلول المنطقية لمعضلة المرأة في العراق .. فهو وبعد الانتهاء من عملية تبيان التواتر التاريخي للحركة النضالية من أجل حقوق النساء العراقيات وذكر الرائدات ضمن تلك الحركة ، اختصر الموضوع برمته في كون أن حال المرأة الان قد أرتد قرابة الخمسين عاما والى عشرينات ألقرن ألماضي تحديدا . ولي كمتابع أن أسأل .. أين اذن نتائج كل تلك ألنضالات الميمونة للحركات النسوية التقدمية في البلاد منذ العهد الملكي ونزوع الملك فيصل الاول لمناصرة السفور ، ومرورا بالحركة المدنية التي قادها الرصافي والزهاوي في شعرهما .. وأين حصيلة العذابات التي تحملتها قائدات عملية النضال النسوي وما قدمنه من تضحيات جسام في السجون عبر تاريخ ليس بالقصير؟
ماذا يعني وحال المرأة العراقية في الوقت الراهن اذا علمنا بأن هذه الحال أصبحت تشير الى أنها وباقرار من الاستاذ حبيب تعيش عصر جاهلية عمياء يجري رمي مقدراتها وكل حقوقها في ترعة آسنة من المفاهيم المتخلفة ، ماذا يعني لها استذكار أمجاد الماضي دون أن نفلح بأن نضع لها الحلول بدل أن نفخر أمامها بما فعلناه لها وكانت نتيجته النهائية هي الارتداد الى خمسين عام ؟.
ثم كيف لنا أن نطالبها بالتظاهر والاضراب وتقديم الاحتجاجات وهي لا تجيد ألعد للثمانيه ولا تعرف الفرق بين آذار ورمضان كما يقول ألكاتب ابراهيم ألبهرزي ؟ ..
ان قضية المرأة عموما ومنها قضية المرأة العراقية تتطلب منا مسك مبضع جراح لكي ندمي جسد المشكلة و استأصال ألدمل المتخفي في الاعماق ، لا أن نضع مراهم سطحية على ألسطح حيث يبقى ذات المرض مزمنا متخفيا ومتواصل التأثير . .. ألمرأة العراقية أيها ألساده أصبحت اليوم في حال يجعلها في قاع مرجل الغليان السياسي وهي تنوء باثقال الحرمان والمرض والجهل .. المرأة في العراق استباحها العهر السياسي وجعلها رقما لا يعتد باهميته وانعدم صوتها فاصبح لا يسمع الا في مشاريع النخاسة البرلمانية لتكون مكملة للعدد المرغوب به حتى تمرر مشاريع سرقة أموال الشعب بكل حرية .. ألمرأة في العراق هي الآن مبعث سهل المنال لزواج المتعه سيء الصيت وهي عاملة المسطر الجاثمة على ارصفة الشوارع وهي ( مله ) تحيي المآتم و( مطوعه ) تقرأ الطالع و ( سبية ) تنشد من ينقذها من ذلة الحصول على لقمة العيش ، أطفالها يجوبون الاشارات الضوئية بعد ان تركوا مقاعد دراستهم ليبيعوا الخرده ، المرأة العراقية اليوم تسير مئات الكيلومترات حافية القدمين كي تطلب ما تريد من قبور الاولياء بعد أن عجزت كل الديباجات المكتوبة والمسموعة والمرئية من تلبية حاجاتها الانسانية وانقاذها من مصابها ألجلل ، المرأة العراقية اليوم لا تفهم ما نكتبه لبعضنا البعض ونحن نستذكر أمجاد ماضينا ألميت ، ولا تعي ماذا يعني لها التاريخ غير انه عبارة عن فصول من موت الابناء .. وبطالة الاحياء منهم .. وفقدان الزوج المعيل .. والتشرد من خلال التهجير القسري والهروب من رصاص المتنازعين على المال والسلطة ، وهي بالتالي غير معنية باحياء المناسبات العالمية وتسميتها اعيادا لها رغما عنها في حين لا تعرف أساسا بأن لها أعياد بل تعرف بأن لها طقوس للحزن فقط ، كل هذا ونحن نسرح ونمرح وسط حيزنا الذي يشبع رغباتنا لنعبر للمرأة عن حبنا لها من خلال تقديم التهاني بعيد المرأة العالمي ، ونعرض عليها تمنياتنا بأن يعود التاريخ القهقرى ليبرز أمامها صور أمجاد سطرت في الماضي وعليها أن تكتفي بهذا ألزاد .
انني أعود ثانية لاقول .. بأن قضية المرأة في العراق أوسع مما نتخيل بكونها قضية مشابهة لقضية أية أمراة في العالم ، وعلينا أن نتوقف جميعا لدراسة ماهية السبل التي من الواجب السير على هداها من أجل انقاذ النساء في العراق من واقعهن المتأزم على الدوام ، على أن تكون هذه الدراسة مجردة من أية روح للمزايدة المعتمدة على اظهار صور عافها الزمن خلفه وليس لنا الا الاسترشاد بها فقط ومن ثم صقلها بما هو جديد لا الوقوف عندها على سبيل المفاخره وحسب ، ولابد من الاعتراف ايضا بأن أي من الحركات النسوية التقدمية الحالية في البلاد هي قاصرة عن احداث أي تأثير ايجابي ومنظور باتجاه التقدم في مسألة نيل المرأة لحقوقها ، وهذا القصور سببه هو ما بلغته النساء العراقيات وعبر تاريخ طويل من ويلات الانظمة المتعاقبة من تدني في كل النواحي الانسانيه ، وليس من المعقول اعتبار أن ما يظهر لنا من تحركات تبدو فتية مصدرها عدد قليل من النائبات المتحررات في البرلمان لا حول لهن ولاقوه ، وكذلك ما يظهر هنا وهناك من فعاليات احتفالية تمجد دور المرأة هي السبيل الامثل لتحقيق ما تصبو اليه .
ويبقى الاستاذ كاظم حبيب واحد من الذين تطمع القضية العراقية برمتها لا النساء فقط أن يستمربمساهماته الوطنية من أجل خير العراق ، كما كان يفعل على الدوام عبر تاريخه المجيد كمصدر من مصادر الثقافة الهادفة لبناء وطن يعمه الخير وتغمر شعبه السعاده .



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة