النساء قادمات على الدوام

حسن مدن
madanbahrain@gmail.com

2009 / 5 / 21

كانت التجربة الديمقراطية في الكويت محطة أمل بالنسبة لنا في البحرين وفي بلدان الخليج، وفي السنوات الصعبة التي غابت فيها الحياة النيابية في بلادنا، لطالما نظرنا بغبطة لاستمرار الحياة الديمقراطية في هذا البلد، وبتوق لأن نرى مثيلاً لها في البحرين. والكويت كانت لنا مدرسة وهي تطور تجربتها الديمقراطية خطوة فخطوة نحو آفاق جديدة، وقد حدث ذلك منذ أعوام قليلة، حين نجح الكويتيون في تطوير النظام الانتخابي وإعادة توزيع الدوائر الانتخابية بصورة جذرية لتصبح خمس دوائر كبيرة، متخطية تجربة الدوائر الصغيرة على النحو القائم لدينا في البحرين حالياً. مرة أخرى، فان الكويت في انتخاباتها الأخيرة قدمت لنا درساً جديداً حري بنا أن نتعلم منه في بلادنا، فبفضل هذا النظام الانتخابي الأكثر مرونة وديمقراطية، وبفضل نضج المجتمع الكويتي وتراكم تجربته السياسية، فان الملمح الأساسي الذي ميز الانتخابات الكويتية الأخيرة هو الاختراق النوعي الذي أحدثته النساء بالفوز بمقاعد في مجلس الأمة لأول مرة في تاريخ الكويت، وهو أمر سيحسب للتجربة الديمقراطية الأعرق في منطقة الخليج. لو فازت امرأة واحدة فقط في هذه الانتخابات لنظر للأمر على انه خطوة مهمة في اتجاه كسر احتكار الرجال لمقاعد مجلس الأمة، ونجاح مهم يعبر عن دور المرأة في المجتمع الكويتي، وقدرتها على المنافسة في الانتخابات بعد ما أثبتت قدراتها في المجالات الأخرى: الإدارية والعلمية والأكاديمية.لكن فوز أربع نساء مرة واحدة كان مفاجأة حتى لأكثر الناس تفاؤلاً، وهو يقدم مؤشرات ودلالات اجتماعية في المقام الأول، دون الانتقاص من دلالته السياسية التي تظهر رسوخ واستقرار التجربة الديمقراطية في الكويت، خاصة وأن المرأة الكويتية حرمت طويلاً من حقوقها السياسية. وحتى عندما حزمت الدولة أمرها بتخطي هذه العقبة في عهد الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، فان بعض القوى المحافظة في مجلس النواب وفي المجتمع سعت جاهدة بالأظافر وحتى الأنياب للحيلولة دون أن تقف النساء الكويتيات في طابور المقترعين، ناهيك عن أن يرشحن أنفسهن للانتخابات. لكن للتطور منطقه القوي الذي ليس بوسع أحد منعه إلى ما لانهاية، خاصة في عالم اليوم المفتوح الذي باتت آليات الدمقرطة وتمكين المرأة سياسيا واجتماعيا من ثوابته، ولم يكن بوسع الكويت، وهي البلد المنفتح أساساً ويمتلك تقليدياً تراثاً من التسامح والتنوير، أن تكون بعيدة عن تأثيرات موجات التغيير التي تجتاح العالم. لم توفق المرأة في الانتخابات السابقة، ولكن الأمور تأتي بالتراكم، خاصة مع وجود روح العزيمة والمثابرة التي تسلحت بها النساء الكويتيات وهن يخضن المنافسة الانتخابية ليحققن، في نهاية المطاف، النصر الذي استحققنه بجدارة. فوز النساء الكويتيات الأربع هو نصر للمرأة الكويتية وللكويت كلها، ونصر للمرأة في بلدان الخليج قاطبة، ونصر للممارسة الديمقراطية التي لا يمكن أن تستقيم بدون إشراك المرأة وتمكينها. وليس عبثاً أن العالم كله، بما في ذلك العالم المتحضر، صار ينظر إلى نسبة النساء في الحكومات وفي المجالس المنتخبة كمعيار من معايير التطور السياسي ونضج المجتمع المعني. والمؤمل أن يشكل فوز المرأة في انتخابات الكويت مدخلاً لفوز شقيقاتهن في البحرين في انتخابات 2010 القادمة.

الدكتور حسن مدن - الأمين العام للمنبر الديمقراطي التقدمي



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة