حقوق المرأة العراقية في يوم المرأة العالمي , تحية إلى نساء العراق في يومهن العالمي

كاظم حبيب
khabib@t-online.de

2011 / 3 / 4

تشكل المرأة العراقية حوالى 52% من سكان العراق, ولكنها لا تملك من الحقوق إلا النزر اليسير الذي لا يسمح لها في أن تلعب دورها المنشود في المجتمع العراقي, وبالتالي فما لها من حقوق لا ترتقي بأي حال إلى جزءٍ ضئيلٍ من وزن ومستوى نسبتها السكانية. ولكن, من المسؤول عن هذا الواقع المزري الذي تعاني منه المرأة العراقية؟
لا شك في أن المسؤول الأول عن هذا الواقع الذي تعيش في ظله وتحت وطأته المرأة العراقية هي العلاقات الإنتاجية المتخلفة السائدة في الريف بشكل خاص وفي عموم العراق والمستوى المتخلف للقوى المنتجة, وخاصة البشرية منها. فالريف العراقي ما يزال يعيش ظروف التخلف الموروث في وسائل وادوات افنتاج والخبر والمعارف الفنية وفي الإنتاجية والإنتاج والدخل السنوي, كما لا تزال التقاليد والعادات العشائرية الموروثة هي سيدة الموقف لا في الريف فحسب, بل وفي المدينة أيضاً, وبالتالي يعيش المجتمع العراقي في واقع يؤكد غياب كبير لقيم وتقاليد المجتمع المدني الديمقراطي.
ولكن المسؤولية تقع ايضاً على نظم الحكم التي سادت في العراق خلال عقود كثيرة بل وقرون طويلة, والتي عمدت إلى إعاقة التطور والتقدم الاقتصادي والاجتماعي وحرمت بدورها المرأة من ممارسة حقوقها تحت ذرائع دينية غير متنورة وفكر ديني متكلس ومتخلف وذكور متشبثون بامتيازاتهم على حساب المرأة. والمرأة العراقية تعاني من قوانين مجحفة وتقاليد أكثر إجحافاً وضعت وكرست في فترات مختلفة من تاريخ العراق الحديث, وحين أمكن تحقيق بعض المنجزات في فترة 14 تموز 1958 جوبهت بمقاومة شديدة من جانب المؤسسات الدينية الشيعية والسنية في آن واحد وشنت حملة ظالمة ضد حكومة عبد الكريم قاسم وشخصه بالذات, وكان هذا النهج العدواني أحد العوامل التي ساهمت في تشكيل تحاول رجعي واستعماري لمحاربة حكومة عبد الكريم قاسم وإسقاط الجمهورية الأولى في المحصلة النهائية واغتياله على أيدي بعض المجرمين من قياديي حزب البعث والقوى القومية.
وخلال فترة الحرب العراقية-الإيرانية وحرب الخليج الثانية والحصار الاقتصادي الظالم غاص النظام البعثي الفاشي في العراق بقيادة صدام حسين في ما أطلق عليه بالحملة الإيمانية التي أتت على ما كان قد تبقى من حقوق للمرأة العراقية واصبح واجباً عليها السفر مع من يحميها من الذكور, لحمايتها من الذئاب المفترسة, من الذكور, في عرف القوى المتخلفة!!
واليوم تواجه المرأة مصاعب جمة في العراق, رغم اعتراف الدستور ببعض حقوقها المهمة, ومنها منح المرأة حصة قدرها 25% من أعضاء مجلس النواب ومجلس الوزراء وكل الوظائف العامة على نطاق الدولة والإقليم والمحافظات.
وإذ التزم تشكيل الحكومة الأولى بستة وزيرات من مجموع 25 حقيبة وزارية تقلصت في وزارة المالكي إلى 4 وزيرات والآن دخلت وزيرة واحدة في بنية مجلس الوزراء الجديد فقط. فأي التزام بالدستور هذا الذي تدعيه حكومة المالكي, وأي إيفاء بالوعود التي قطعها على نفسه بتنفيذ هذا الحق. ومصادرة هذا الحق لا يقع على عاتق المالكي وحده, بل وعلى عاتق كل الأحزاب المشاركة في حكومة المالكي الثانية.
إن المرأة العراقية تعاني اليوم من ظلم الدولة العراقية والسلطة السياسية ومن المؤسسات الدينية كلها دون استثناء ومن أجهزة الدولة المدنية ومن الشارع العراقي وكذلك من العائلة أو في البيت.
وهذا الواقع يستوجب استنهاض النساء في العراق لمواجهة الدولة والسلطة السياسية والمجتمع. المظاهرات الأخيرة لم ترفع شعاراً واحداً فعلياً يمس اغتصاب حقوق المرأة وحرياتها العامة والعمل من أجل استعادتها. ولهذا لا بد للمرأة أن تنتبه, أن تتحرك وأن تقرن مشاركتها برفع شعارات تعبر عن نضالها من أجل حقوقها العامة ومساواتها بالرجل أمام القانون وفي الحقوق والواجبات, وان تلتزم الحكومة العراقية بالدستور العراقي في هذا المجال أيضاً.
إن الذكرى السنوية ليوم المرأة العالمي, يوم 8 أذار 2011 يفترض ان يكون يوماً لإعلان النضال الفعلي من أجل حقوق المرأة, يجب أن تنطلق في هذا اليوم حركة نسوية ديمقراطية واعية ومسؤولة, وان تحصل على الدعم الكبير من حركة ذكورية ديمقراطية واعية وواعدة في السير المشترك لتحقيق حرية المجتمع, إذ أن حرية المرأة هي جزء حيوي من حرية المجتمع وحقوقه الأساسية.
من هنا أدعو النساء العراقيات في أن يكون احتفال هذا العام بالثامن من أذار, يوم المرأة العالمي, مناسبة نضالية استثنائية تصب في أجواء النضال الجاري في العراق من أجل الحقوق المشروعة للمجتمع وتحقيق مطالبه العادلة, من اجل أن تتمتع المرأة بالحقوق والواجبات, من أجل مساواتها بالرجل في كافة المجالات, من اجل رفض العنف ضد المرأة ومعاقبة من يمارسه, من اجل تنفيذ بنود الدستور حول حصتها في السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية, من أجل تعزيز دورها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية, من أجل رفع وصاية الرجل عنها وكأنها ناقصة العقل أو ما شاكله من إساءات يراد إلحاقها بالمرأة. لتجرب المرأة تنظيم مظاهرة نسوية كبيرة في هذا العام وبهذه المناسبة وليخرج رجال العراق الشرفاء مساندين هذه المظاهرة ومتفاعلين معها ومؤيدين أهدافها العادلة والمشروعة وإنقاذ المرأة من القهر والقمع المجتمعي والحكومي والذكوري الذي تعاني منه في المرحلة الراهنة ومن السكوت المعيب على اغتصاب حقوقها.
لتنتصر إرادة المرأة الحرة في يوم عيدها السنوي بانتزاع حقوقها كاملة غير منقوصة.
لنضع أيدينا نحن الرجال بأيدي أمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا وبناتنا وعماتنا وخالاتنا ونساء بلادنا جميعاً من أجل سيادة مبادئ الحرية والديمقراطية والمؤسسات الدستورية في بلادنا, من أجل حقوق المرأة وحريتها, لتشرق شمس الحرية والديمقراطية والحياة المدنية على نساء العراق وعلى المجتمع بأسره.
4/3/2011 كاظم حبيب



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة