الرجل والمرأة موهوبان لكن يمكنهما تقديم أداء أفضل - (ج1)

راوية رياض الصمادي
rawya1975@gmail.com

2011 / 10 / 13

من جديد الحوار القائم منذ الأزل المرأة والرجل، لغة كل زمان ومكان يرتبط بهما كل شئ، فعندما تصدم المرأة مقدمة سيارتها وهي تركنها، ليس الذنب ذنبها، بل ذنب عدم قدرتها على تحديد الأتجاهات. وحين يضيف الرجل مقداراً مفرطاً من الملح والبهار إلى سلطة أعدت باتقان، لا يفعل هذا لأنه شخص فظ، بل لأنه يشعر وكأنه يتناول التبن إن لم يفعل.

هذا ما يجعلنا نرى الأمور من منظار مختلف، فالعالم من حولنا هو هو للجميع، نساءً ورجالاً. لكننا نعلم الآن أننا لا نعيه بالطريقة نفسها.

لقد تطورت أدمغتنا بطريقة مختلفة.

وحواسنا تنقل إلينا المعلومات بطريقة مختلفة.

لذا تأتي ردات أفعالنا مختلفة.

منذ بدأ الخليقة حتى يومنا هذا أختلف الرجل والمرأة وتطور كل واحد منهما على حدا ومن طريف هذه التطورات عدد لا يحصى من حيث الفهم والإدراك حتى من خلال السلوك والأتجاهات.

- المرأة تروي بينما الرجل يقول

أثناء تناول طعام العشاء مع مجموعة من الأصدقاء، يجري الحديث عن العطلة مثلاً. وفجأة، تشرع إحدى المدعوات بالكلام قائلة: "عندما كنت في الطريق إلى البحر وبعد أن قطعنا 300 كلم، والساعة كانت قد شارفت على الخامسة، فجأة تذكرت أنني لم أحضر ملابس البحر ...." وبنفس الوقت يقطع حديثها صوت أبح ليقول: "لا أعلم إذا كانت الساعة الخامسة، إلا أنني أذكر أننا أنطلقنا عند الظهيرة، وكنا قد وصلنا شط البحر، حسب معلوماتي، على بعد 70 كلم من عمان ... " لم تنزعج المرأة من النبرة الساخرة، ولا من مقاطعته لحديثها، وإن كانت المقاطعة مزعجة في حد ذاتها، بل أنزعجت من حرمانها لذة رؤية وقع قصتها على الآخرين. لا سيما إذا عرفتم، أنها حين اتصلت بالمنزل، تبين لها أنها لم تنس لباس البحر وحسب بل نسيت جوازات السفر أيضاً ......

- لم لا يقول الرجل "أحبك"؟

نعيش مواقف كهذه كل يوم. وفي الكواليس، في طريق العودة في السيارة، يصف الرجال النساء بفاقدات الذاكرة أو بالكاذبات، أما الرجال فتنعتهم النساء بالمزعجين، لأنهم يمنعوهن من رواية القصص كما يحلو لهن. في الواقع، يعود كل هذا إلى تركيبة دماغنا وقدراتنا.

الرجل، الذي يتواجد مركز القدرة على الكلام لديه في نصف دماغه الأيسر، وهو النصف المعني بالمنطق، يستخدم الكلام ليذكر وقائع، ويعطي معلومات، وينقل معارف، ويروي تجارب.

الكلام بالنسبة للرجل هو وسيلة للتواصل.

ولهذا، لا نستغرب إن لم يقل الرجل كلمة "أحبك" إلا نادراً للمرأة التي يحبها فعلاً. لقد صرح بحبه ذات مرة، منذ وقت بعيد، وهذا يكفيه. لقد قال كلمته، أعطى المعلومات وتلقاها الشخص الآخر، فتراه يفضل الأنتقال إلى موضوع آخر.


- عندما تتحدث، المرأة تشرك الآخرين

يختلف الوضع كلياً بالنسبة للمرأة، فمركز الكلام لديها في الدماغ على نصفي الدماغ، ويتأثر بالمنطق والعواطف في آن واحد. أن تتكلم، هو أن تنشئ روابط وتبني علاقات. ويمكن للمرأة أن تستعين بقدراتها الدماغية المتعددة في الوقت نفسه: فباستطاعتها مثلاً أن تصف المشهد وأن تحسنه إذا ما دعت الحاجة وهي تتكلم.

النتيجة: عندما تستخدم المرأة الكلام، تروي، تشرك الآخرين في مشاعرها وأحاسيسها.

الكلام بالنسبة للمرأة هو طريقة للتعبير.

فما الذي يمنع المرأة من أن تضيف القليل من الملح والبهار إلى حديثها، أو أن تبسطه أو حتى تعممه، لتعطي زخماً أكبر لمشاعرها وأهمية أعظم لحججها، وطرافة أكبر لنكاتها؟

لا شئ يمنعها طبعاً باستثناء زوجها.


- نعم صحيح، المرأة تبالغ

هذا الوضع المزعج بعض الشئ، إذا حدث في وس اجتماعي، أو بين الأصدقاء، قد يتحول إلى أزمة بين الطرفين. المرأة التي تقول لزوجها: " أنا من يملأ دائماً خزان السيارة بالوقود" أو لزميلها في العمل: "أنا من يضع دائماً الأوراق لآلة التصوير ..." تحاول أن تلفت انتباهه إلى أنها تشعر وكأنها تفعل ذلك غالباً، لنقل في معظم الأحيان. لكن الرجل سيسمع ويفهم ما قالته بالتحديد: دائماً، أي من دون استثناء، وسيجد أنها تبالغ. ويكفي أن يتذكر أنه قام بهذا العمل، ولو لمرة واحدة، حتى يسمح لنفسه بأن يتهمها بسوء النية أو عدم الصدق. وها هما ينطلقان في قضية مختلفة لا علاقة لها بالسبب الرئيسي، أي ضرورة تزويد السيارة بالوقود أو آلة التصوير بالورق، لينجرفا بشكل خطير نحو اتهامات أعمق، وبالتالي أشد توريطاً، تدفعهما نحو شرك لا خلاص منه. فنسمع أحدهما يقول للآخر: "لا تكفين عن المبالغة بهدف إذلالي" وهي تعاتبه قائلة: " ألا يحق لي أن أنتقدك عندما لا تفعل ما أتوقعه منك".


- المرأة لا تجيد الطلب

تتفاقم المشكلة عندما نعلم أن المرأة لا تعبر عما تتوقعه ولا تصرح عنه، أو تكتفي بالتلميح. فتقول: " ما رأيك بالعشاء في المطعم الليلة؟" بدلاً من أن تقول: " إني متعبة، منهكة، وأكاد أفقد أعصابي. وليس لدي القوة والنشاط اللازمين لتحضير العشاء، لهذا فإن المطعم يسهل الأمور. هلا خرجنا لتناول طعام العشاء في المطعم، مراعاة لي؟".

ينبغي أن أعترف بأن من يتمكن من ترجمة ما قلته آنفاً بشكل صحيح، فهو يستحق ميدالية الجدارة. أما الآخرون، الذين يعتقدون أن النساء يسألنهم عن رأيهم، فيجيبون بصدق، بعد تفكير عميق: "لا، لا أرغب في ذلك فعلاً". وهكذا، يتملك المرأة على الفور شعور بالغيظ والحنق من عدم الإحساس الذي تزوجته.

لا تعرف المرأة أن تطلب، فالأمر بالنسبة إليها ردة فعل طبيعية. وانطلاقاً من ماضيها القديم كمسؤولة عن المؤونة، تعتقد المرأة أن عليها ألا تنتظر إلا الحد الأدني من الأخر وأن عليها أن تعطي. وبما أنها مزودة بالحساسية اللازمة، أي حواسها الخمس، لتعرف ما يتمناه الآخر، تعتبر أن على الآخر أن يتصرف مثلها إذا ما أراد أن يلبي حاجاتها. أي عليه أن يتنبأ بهذه الحاجات وأن يفك ألغازها.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة