من أجل تغير الأدوار والعلاقات مقاربة النوع تشتغل بفاس

عزيز باكوش
azziz_bakouch@yahoo.fr

2013 / 5 / 9

شكل موضوع مقاربة النوع كأحد مرتكزات الإنصاف في الفضاء المدرسي وأحد أهم أسباب التعثر الدراسي محورا للاشتغال الورشي في إطار الدورة التكوينية الأولى لتقوية قدرات أعضاء الفرق الجهوية المكلفة بتدبير النوع أيام 6 الى 10 من ماي الجاري بفاس حيث اجتهدت كل أكاديمية من الأكاديميات الأربع المستفيدة من الدورة في ترصيد عوامل التعثر الدراسي و أسبابه محددة انعكاساته السلبية على الحياة الاجتماعية للأسرة و المجتمع .
وحصر المشاركون تحت تأطير ومراقبة الخبيرة الدولية خديجة الرباح المسببات الاجتماعية للتعثر بدء بالطلاق والانفصال الأسري الناتج عن مشاكل عائلية نتيجة الفقر وقلة ذات اليد ثم بعد المسافة بين البيت والمدرسة فضلا عن الفقر انعدام النقل والأمن الاجتماعي وعمل الفتاة أو الولد إلى جانب الأسرة في الحقل أو ممارسة نشاط تجاري بسيط إلى جانب عوامل سوسيو ثقافية وأخرى ذات صلة بالمنهاج الدراسي أو النموذج التربوي من أهم العوامل المسببة لهذه الظاهرة
وكانت أشغال الدورة انطلقت الأربعاء 8 ماي 2013 وهو اليوم الثالث من الدورة التكوينية بعرض أعمال المجموعات في محور تحديد العوامل الثلاث الأساسية للتعثر الدراسي حيث حدد كل متدخل أسباب التعثر الدراسي مبرزا العناصر المانعة لالتحاق الفتاة القروية بالمدرسة
وبعد ملامستهم-ن- لأسباب التعثر الدراسي بالوسطين القروي والحضري في طبيعتها البنيوية أو السوسيوثقافية في أفق أيجاد حلول عملية لها قارب المتدخلون تداعيات التعثر الدراسي على المديين القريب والمتوسط أو البعيد وشخصوا الوضعيات عبر منهاج تشخيصي" شجرة المشاكل " راصدين ارتفاع مؤشرات الهدر المدرسي والحرمان من حق التمدرس ما يسمح بتكريس نسبة الجهل والأمية وإحداث أثر سلبي على مؤشر التنمية و سوء تنشئة أجيال المستقبل
واستهدف المتدخلون - ات - عبر هذه المقاربات امتلاك استراتيجية للاشتغال تسمح بتملك أدوات مساعدة في البحث عن استراتيجية بديلة واقتراح الحلول وتطرقوا بالمقابل إلى تفعيل دور العديد من المتدخلين مثل الجماعات المحلية قطاع الصحة العمومية قطاع التجهيز في إطار مقاربة تشاركية تسمح بإيجاد الحلول الكفيلة بالحد من آفة الهدر وانعكاساته السلبية ليس على الأسر والمجتمع ولكن على التنمية المجتمعية كذلك
واعتبر المتدخلون ان الدولة تصرف على الانحراف وارتفاع معدلات الإجرام اليوم بفعل سوء التدبير أكثر مما يمكن أن تصرفه على تدابير عملية ناجحة علما ان تفعيل النوادي التربوية والشراكات المنتجة والفاعلة هي اقصر طريق لإحداث التغيير المنشود نحو تنمية حقيقية
ولاحظ المتدخلون ما تطيحه شجرة الحلول كأداة تشخيص علمية من إمكانية حقيقة دالة لتحويل الأسباب إلى مؤشرات عمل وكذا وضع مشاريع لحلحلة المشاكل ذات العلاقة بالمجال التربوي مستحضرين تحليل التعثر الدراسي وربطه بالنوع
وعلى امتداد مراحل النقاش نبه المتدخلون إلى أهمية توحيد الخطاب والمرجعيات خاصة أن للمغرب مجموعة من الالتزامات الدولية التي يتعين على البلد ملائمة قوانينه وتشريعاته معها ،سيما وأن مقاربة النوع الاجتماعي مقاربة حقوقية تنموية تدرس طبيعة الأدوار والعلاقات وتسعى إلى إعادة إنتاج أدوار - رجل امرأة - فتاة ولد - في سياق محاور ثلاثية الأبعاد تتراوح بين الانجابي والانتاجي والجماعي في أفق الوصول الى مجتمع أكثر عدالة بين رجاله ونسائه
وذكر المؤطرة بتبني الوزارة لاستراتيجية مقاربة النوع مستعرضة كرونولوجيا اندماج المغرب في إطار مقاربة شمولية مبرزة أن مقاربة النوع تهدف إلى طرح موضوع العلاقة بين الجنسين على مستوى العلاقات و الأدوار الاجتماعية بموضوعية علمية تهدف إلى تجاوز عنصر التمييز موضحة أن إقصاء المرأة عن الإسهام بدور اجتماعي مماثل للرجل في تنمية المجتمع و تقدمه له تأثير سلبي على المرأة كنصف المجتمع الإنساني
من جانب آخر وبهد ف الاستئناس والاطلاع على تجارب مختلف الدول استعرضت الخبيرة الدولية في مقاربة النوع تجارب كل من فرنسا وإنجلترا والدول الاسكندنافية والافريقية مؤكدة أن هذه الأخيرة اشتغلت بأدوات أكثر تطور وايجابية
وأبرزت خديجة الرباحي أن الوصول إلى الحق ليس هدفا في حد ذاته بل الوصول إلى الحق بطرق عادلة هو المطلوب اليوم مستلهمة صورة معبرة "لابن آوى والكلب" وفي السياق ذاته استعرضت المؤطرة سيرورة الاصلاحات التي عرفها المغرب منذ 92 حتى 2011 مؤكدة أن البلاد تسير في الاتجاه السليم مستشهدة بالتطور الذي يشهده المغرب في مجال السياسة العمومية وهي تدابير نوعية من شأن تفعيلها على نحو مندمج وتحصينها ومأسستها إعادة النظر في طبيعة العلاقات والأدوار
و في محور الحاجيات العملية المرتبطة بالتدبير اليومي قارب المتدخلون موضوع أهمية تقريب كل من مؤسستي الإدارة الحضانة من المواطن مع تكثيف تنظيم حملات تحسيسية وتوعوية في مجال الصحة والمطالبة بتأهيل البنيات التحتية وتزويدها بالمرافق الصحية وكذا مختلف الوسائل المساعدة على تكريس مبدأ المساواة
وبالإضافة إلى تحديد الحاجيات العملية استعرض المشاركون كذلك المصالح الاستراتيجية لتعزيزها وتحصينها مثل قانون الأسرة وإجبارية الزواج إلى غاية 18 سنة ثم قانون إجبارية التعليم بوصفه يساهم في تعديل العلاقات والأدوار ويؤدي إلى المساواة بين الجنسين ومواكبته بحملات تحسيسية انطلاقا من مقررات دراسية حاملة مبدإ تكافئ الفرص و قيم المساواة . وأكد الجميع أن من شأن تحديد الحاجيات العملية التي لتدبيرها امتدادات في الاستراتيجية أن تمكن من الوصول إلى الحق ، وتساهم في إنتاج قيم المواطنة كما تساعد على إنتاج أدوار حقيقية أكثر جودة تساهم في تغيير الأدوار وتحسن وضعية النساء
وفي السياق ذاته أجمع المشاركون على ضرورة تحويل القانون إلى الطبقات الاجتماعية بمعنى النزول إلى الواقع لتفعيل النصوص القانونية وفي هذا الصدد أسفر تحليل مستويات المشاركة وتحديد لائحة المتدخلين عبر المستويات الأربع عن الحاجة الماسة إلى التشخيص المبني على الواقعية المنتجة
و تداول المشاركون في كيفية وسبل إشراك الشركاء والمتدخلين في كافة المجالات الحيوية المرتبطة بالقطاع ودعوا إلى تجاوز منطق الاستماع إليهم وتقاسم الآراء بينهم الى التطبيق الفعلي لتشخيص المشاكل التي تعترض وتبني نهج الاستشارة والإشراك بدل الإخبار والحضور في إطار تعبئة تواصلية لتحقيق الأهداف المرسومة
وتبين بعد عرض الإنجازات ومناقشتها اختلاف وتباين واضح في توطين الشركاء والمتدخلين في مقاربة النوع حسب المستويات الأربع وقدم ممثل كل أكاديمية مبررات تصنيفه للشريك في هذا المستوى أو ذك انطلاقا من الحاجيات التي يراها ملائمة حيث تحدث الجميع لغة واحدة . وبدا جليا أن المطلوب ليس استدعاء الشريك والاستئناس بحضوره بعد تناول وجبة غذاء وكفى وعرض المشكل بل المطلوب هو التشخيص التشاركي بمعنى أن نشخص معا ونفكر معا ونتقاسم الاقتراحات والحلول ، لأن مقاربة النوع ليس عمل الوزارة وحدها بل يحتاج إلى تظافر جهود العديد من الشركاء
ولأن حلم الجميع هو الوصول إلى المستوى الرابع حيث يساهم الجميع في تشخيص المشكل واقتراح الحلول الناجعة لتدبيره فإن ذلك يتطلب ذلك جهدا واشتغالا حثيثا ومتواصلا . من هنا خلص الجميع إلى أن الحديث عن مستوى مقاربة النوع لا بد أن تقترن بمشاركة الجميع ليس في التشخيص فحسب بل بصياغة وبلورة حلول واقعية عبر منطق الكل يشارك الكل يعمل الكل يقرر
وخلص الجميع إلى أن مؤسسة تعليمية تشتغل في محيط غير منفتح وغير منفتحة على جميع الفاعلين لا يمكن أن تنتج ثقافة تقبل المساواة داعين المؤسسة التعليمية إلى المزيد من الانفتاح على الشركاء وهي في وضع الحامل لمشروع التغيير الذي ينبغي تعميمه بشكل عرضاني . و اختتم المجزوء الأول لتشخيص مقاربة النوع بسؤال ماذا تعني مؤسسة

وللتدليل على أن جميع المؤسسات ترسم بنفس أدوات التحليل والتشخيص وأن كل مقاربة تبدأ بالتشخيص ، وانطلاقا من عرض تقدم به ذ قدوري استعرض من خلاله مراحل التخطيط بدء بالتشخيص ورسم الأهداف وتحديد الوسائل والمتدخلين ثم رسم خطة التمويل مرورا بالتنفيذ وصولا إلى التقويم ، أوضحت المؤطرة أوجه الاختلاف والتطابق بين التخطيط والتشخيص في مقاربة النوع إن على مستوى الأهداف العادية أوالاستراتيجية

ليتضح للجميع أن الإنصاف بين الجنسين لا يمكن أن يتحقق دون استحضار إشكالية النوع الاجتماعي ليس في الخطاب والواقع التربويين أي في النصوص الرسمية التي توجه المنظومة التربوية ، وإنما في المقررات و الكتب المدرسية وفي توفير الإمكانيات اللوجستية اللازمة من أطر وفضاءات ومرافق...وأخيرا تدبير وأجرأة الخطاب على مستوى الممارسة الصفية و التفاعلات بين المتعلمين و المتعلمات في الفصول الدراسية و الفضاء المدرسي بشكل عام من قبل النخبة التي يشكل قطاع التعليم أحد أبرز رهانتها في التطوير وإعادة إنتاج العلاقات والأدوار .



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة