ثورة امرأة

صاحب الربيعي
sahib.al-rabi@spray.se

2005 / 11 / 12

حينما تتوقف ينابيع العاطفة عن تدفق المشاعر والأحاسيس، تتصحر الذات وتجدب مساحات الروح وتعطش النفوس، فتتوقف عن العطاء وتهب رياح المصالح الذاتية لتفعل فعلها في التنافس لتحقيق الذات. والتنافس غير المشروع ما هو إلا التعدي على حقوق الآخرين، فيصبح مجرى الحياة باتجاه واحد يأخذ ولايعطي!. فكل منابع الحياة تعطي لأخر قطرة منها إلا منابع العاطفة لاتنفجر إلا عندما تنهل من المشاعر والأحاسيس فتزيد بعطائها وتفيض منابعها في الفصول العجاف.
علاقة الحب، هي الاعتراف المتبادل بالذات ومراعاة حقوق الآخر. وقد تكون تنازلاً عن (حقوق موروثة ومكتسبة!) لإنصاف الأخر. وحين تنحو تجاه تكريس الحقوق المورثة، وامتلاك الآخر تعني السعي لاحتواء الأخر في منظومة جديدة أسمى من أن تؤطرها مفردات الاستغلال والإخضاع عبر استغلال شروط العلاقة العاطفية.
هكذا علاقة لايمكنها أن تستمر تحت شعار (الحب مجرد عطاء!) فالحب متبادل ينهل مفرداته من الروح المصادقة على عقد علاقة الحب، لا من متطلبات الجسد الذي تأسره مفردات الحياة، فتدفع الآخر نحو إعلان الثورة للإخلال بشروط العلاقة الروحية.
تقول ((زينات نصار))"كل ما أعرفه أن في أعماقي أثنى قد تثور ذات يوم، قد تخرج من سجنها لتكون امرأة ككل النساء ولكني حتى ذلك اليوم سأكون كما تريدني، وأبقى على قناعة بأن الحب مجرد عطاء".
عند شعور أحد طرفي علاقة الحب بأن حقوقه أصبحت تنتهك من الطرف الأخر دون مراعاة لمشاعره وأحاسيسه، تتسلل لذاته الهواجس لتحدث شرخاً في العلاقة ما لم يتم إصلاحه في الوقت المناسب ينهار جزءً أساسياً من بناءها في الوجدان.
حينها لاتسعفها عمليات الترميم التي يسعى إليه الطرف الآخر لكنها قد توقف تداعي العلاقة لفترة من الزمن......فالشرخ بناء علاقة الوجدان يتسع مع كل أزمة أو خلاف عابر تفرضه شروط الحياة لأنها تصبح من خاصة منظومة العقل التي تعيد قراءة تفاصيل ومفردات العلاقة منذ البدء وتضعها في ميزان الحياة لتقارن بين كفتيه. في حين أن ميزان العاطفة يرجح كفة الأخر في الميزان ليزيد من عطائه، وبذات الوقت ينتابه الشعور بالتقصير في الإيفاء بشروط علاقة الحب.
تعبر ((زينات نصار)) عن تلك الحالة قائلةً:"أحياناً استيقظ من غفوة حبي لك، أرى الحقائق عارية من الأقنعة واتخذ قرارات وأخطط للمطالبة بحقوقي لكني حين أفكر بوعي اكتشف أن لاشيء يقيدني! شوقي إليك يسد كل الطرق التي لاتوصل إليك، وأنا التي اخترت هذا النوع من الحب".
يتنافس الرجال على المرأة التي يعشقها كل الرجال، وتتنافس المرأة على الرجل الذي تعشقه كل النساء، فكلاهما يسعى لنشوة (الانتصار!) على أبناء جنسه مستجيباً بنداء الذات: لا انتصار دون منافسة، ولا منافسة إلا لنيل الأفضل!.
إن الرجل يسعى للفوز بالمرأة التي يعشقها كل الرجال، ولا تمنح نفسها في الحب إلا لرجل واحد. وتسعى المرأة للفوز بالرجل الذي تعشقه كل النساء وتصبح المرأة الوحيدة في حياته بدافع تحقيق الذات أمام المجتمع وفقاً لتصورات علم النفس!.
هذا التنافس يفرض شروطه على الرجل والمرأة، فالأول يسعى إلى المرأة التي تختلف عن كل النساء، والثانية تسعى إلى الرجل الذي يختلف عن كل الرجال. إنه مسعى لإسقاط الذات على الآخر، مسعى لامتلاك الآخر. إن تحقق شروط اللقاء والعلاقة في لحظة شاردة من الزمن، لايكتب لها النجاح في ساعات العمر القادمة لأنها تصادق منذ البدء على حالة التنافس للفوز بالآخر.
تناقش ((زينات نصار)) تلك الحالة قائلةً:"أن أنانية الرجل وتعجيزه في طلب المرأة تختلف عن كل النساء (تتجسد فيك!) وأنانية المرأة ولهفتها على أن تكون المرأة الوحيدة في حياة حبيبها (تتجسد فيَّ أنا)".
من شروط اندلاع الثورة في عالم الحب، هو انتهاك حقوق أحد طرفي العلاقة للآخر. وهو سعي في اللاوعي لإخضاع الآخر عبر منظومة العاطفة إلى المنظومة الشخصية للتوحد وفقاً لشروط أحد طرفي العلاقة دون النظر لشروط ورؤية الأخر بهذا التوحد مما يؤدي لشعور الطرف الآخر بحالة الانتهاك لحقوقه في عملية التوحد التي تتطلب مراعاةً لحقوق المشتركة!.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة