هجرة مواطني جنوب الصحراء نحو المغرب -الجيل الجديد- فاس نموذجا

عزيز باكوش
azziz_bakouch@yahoo.fr

2016 / 2 / 17

هجرة مواطني جنوب الصحراء نحو المغرب "الجيل الجديد" فاس نموذجا
عزيز باكوش

مع هذا التدفق الكبير لهجرة" النوع" من دول جنوب الصحراء نحو المغرب ، أسئلة كبيرة تفرض نفسها ، تدعو الدولة المغربية إلى تعزيز القدرات في مجال القوانين الوطنية والدولية ،ذات الصلة ، وكذا إبراز أنشطة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين " والمهاجرين " بالمغرب . وبأدوارها في حماية المهاجرين ومناقشة إشكالية الحماية على الحدود واستراتيجية الإدماج والإندماج للمهاجرين واللاجئين ..بصوت تشاركي مسموع
===
لا يتفق المحامي غسان باحو أمرسال مطلقا مع اعتبار المهاجرين القادمين من الدول الإفريقية بالمهاجرين السريين ، فهذا التوصيف برأيه بات متجاوزا ولتوضيح الصورة أكثر يقدم كرجل قانون المبررات الكافية لذلك، فهم برأيه انتقلوا من المرحلة التي كانوا فيها قبل سنوات يعبرون عبر الجبال و الغابات ، ويختبؤون فيها ، ويحاولون التسلل لهوامش المدن من أجل اقتناء مستلزماتهم ، وتطاردهم أجهزة الأمن من أجل ترحيلهم بعد محاكمتهم ، إلى مرحلة جديدة" يضيف المحامي بهيئة فاس "حيث تحولوا فيها إلى مهاجريين غير شرعيين علنيين ، يتحركون بحرية في المدن، و يحتلون مفترقات كبريات الشوارع إلى جانب نساء و أطفال و شباب يحترفون التسول و بيع المناديل الورقية إلى درجة التعايش في بعض الأحيان ".
إن مقاربة ظاهرة الهجرة غير الشرعية،بشكل عام تبدو من القضايا التي أخذت حقها من الاستهلاك الإعلامي ، لكن عندما ترتبط النساء تصبح قضايا الاغتصاب و أعمال منافية للمواثيق والقوانين الدولية مصدرا للتأمل والتألم ، فالأمر جريمة لا يمكن السكوت عنها ، ليس لما لها من تداعيات مجتمعية كإفراز طفولة هجينة بآثار نفسية صعبة ، نتيجة العلاقات الجنسية غير السليمة التي قد تكون سببا رئيسيا في نقل وانتشار العديد من الأمراض كالسيدا، وغيرها ، ولعل ما حدث في أحد الزوايا غير المحروسة بالعاصمة العلمية للمملكة ، ذات ليلة ، يشكل حالة صارخة لهذه المأساة، حيث وصل الأمر إلى حد ولادة مهاجرة أفريقية في مكان عمومي. ولأن هؤلاء الإفريقيات المتسولات تعشن وأطفالهن وبناتهن على الممرات وفوق الأرصفة فلا أحد يهتم بوضعهن خلال حلول الظلام. حيث كل الأمكنة غير آمنة ، باستثناء وسط المدينة الجديدة ، وبالقرب من المحلات التجارية الكبرى ودوائر الشرطة ، أما الباقي فهي معاقل للانحراف ليس إلا .
ويستشهد المحامي بهيئة فاس بتقارير صحفية إسبانية على الشبكة ، تؤكد أن المغرب تمكن من إنقاد 2723 مهاجرا غير قانوني عام 2015 كانوا على متن قوارب في طريقهم إلى السواحل الإسبانية ، فيما أنقدت فرق الإنقاد الإسبانية ما مجموعه 4232 حيث ارتفع العدد بألف شخص عن سنة 2014 . هذه الأرقام تسائلنا يوضح أمرسال كمجتمع كما تسائل مؤسساتنا عن الظاهرة في بعدها الإجتماعي أولا ، و تأثير ذلك على بنياتنا الاجتماعية في المستقبل . خصوصا في ظل أوضاع الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بلادنا و التحولات البنيوية و المتسارعة التي أصبح يعرفها المجتمع المغربي بتعدد و تعقد مشاكلها الراهنة .
من ناحية ثانية ، يرجع المتحدث ذاته أسباب هذا التدفق من المهاجرين من دول جنوب الصحراء إلى مشاكل الفقر و المجاعة و النزاعات المسلحة التي تعرفها القارة السمراء جنوب الصحراء ، لكن حرص الاتحاد الأوروبي بدوره على إغلاق حدوده في وجه هؤلاء المهاجرين، و تطوير آليات منع نفاذيتهم باعتماد الأسلاك الشائكة و الرادارات و طائرات المراقبة و الكاميرات الثابتة على الحدود و أمام مرونة تعامل الجانب المغربي مع هذه الفئات من خلال مراعاة الجانب الحقوقي و احترام المقتضيات الدستورية و الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن . يستحضر أمرسال مضمون إعلان مشترك للإطلاق الرسمي لمشروع تعزيز إدماج المهاجرين الاجانب بالمغرب والممول من قبل الاتحاد الاوروبي الذي وقع عليه المغرب بتاريخ 17 أبريل 2015 و ذلك من قبل الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج و شؤون الهجرة مع المفوض الأوروبي للهجرة و الشؤون الداخلية و المواطنة Dimitris avramopouos بغلاف مالي يقدر ب10 ملايين أورو في إطار برنامج الشراكة من أجل التنقل (الاتحاد الاوروبي /المغرب )

ولعل صباح اليوم الثلاثاء الماضي سيشكل ظاهرة لافتة بفاس ، حيث ستعرف مدارة حي النرجس طريق صفرو وحدها توافد أكثر من 20 مهاجرا من جنوب الصحراء من بينهم نساء بأطفال، بينهن لاجئات سوريات ، فيما توزع العشرات أفرادا في مختلف نقاط العبور بالمنطقة في أكبر ائتلاف للتسول بالعاصمة العلمية ، التي تعرف تدفقا غير مسبوق لهؤلاء بمعدل يناهز مابين 40 و50 مهاجرا يوميا ، لا مجال للحديث عن تردي حالهن ، وبؤس مظهرهن : السؤال الى متى سيظل المغرب فاتحا حدوده على مصراعيها؟ وهل تدرك الدولة المغربية انه سيأتي يوما يكون فيه الوضع خارج نطاق السيطرة !! نشفق لحال هؤلاء وأولئك ، ولكن الخطر قادم والأسوأ لا محالة



لكن يجدر طرح سؤال مركزي ، سيما أن هناك ما يجعل هؤلاء المهاجرين يعتبرون و بفهم خاطئ بأن لهم حقوقا اتجاه المواطنين المغاربة ، و بأن المواطنين المغاربة ملزمون بتقديم المساعدة لهم ، والإعانة لهم قد تشكل في بعض الأحيان مظهر الاستفزاز في حال عدم تقديم المعونة، في هذا السياق ، يوضح الأستاذ أمرسال انطلاقا من أمثلة صارخة لهذا الفهم ، مستشهدا بما وقع بطنجة خلال سنة 2015 حيث احتلوا اقامات سكنية في طور البناء هذا من جهة . ويرى المتحدث أن على الحكومة اتخاد تدابير و اعتماد استراتيجية حقيقية وواضحة من أجل حماية هذه الفئات ضد كل أشكال العنف التي من الممكن التعرض لها ، و كذا الحق في التطبيب و الخضوع الإجباري للمراقبة الطبية لتطويق الحالات التي من الممكن أن تحمل من بلدانها أمراضا و أوبئة قد تؤدي لكوارث لا تحمد عقباها. كما يجب حمايتهم ضد ظاهرة الاتجار في البشر و تقديم المساعدة للحوامل و المرضعات و النساء منهم و توفير الإيواء اللائق في انتظار تسوية أوضاعهم أو ترحيلهم بالإضافة إلى منحهم الحق في اللجوء إلى العدالة متى تعرضوا لأي نوع من انواع الاعتداء . ويرى أن الظاهر ناقوس الخطر يستعجل الحكومة للمبادرة ، و اتخاذ ما يلزم خصوصا و أن بعض الدول الإفريقية تعرف نشاطا للخلايا الإرهابية و جماعات التطرف ، كما أن الأمن الصحي للمواطنين المغاربة يستعجل ذلك تجنبا لانتقال الأمراض و الأوبئة التي تعج بها بعض مناطق إفريقيا. إذن فدواعي التدخل و الحماية هي ثنائية القطبين، من جهة حماية المهاجرين غير الشرعيين وحماية المواطنين المغاربة في ظل أرض تتسع للجميع ، و عرفت عبر التاريخ بأنها ملتقى التعدد و الانصهار الهوياتي و الثقافي من أجل مغرب إنساني منسجم مع مبادئه و تطلعاته".



الحسناوات الإفريقيات المهاجرات الواقفات على الرصيف من الجانبين يتهامسن ويتجاذبن الحديث فيما بينهن دون عقد ، كما لو كن في بلدانهن الأصل ، وخلال 50 ثانية وقوفا أمام الشارة الحمراء ، كنت أتأمل ابتساماتِهن الحذرةِ الملغّمة .. كنت أستطيع التمييز بين تلك الكيدية المصطنعة والخبيثةَ، وهناك على الجانب الآخر من الرصيف ثمة فوج نسائي قادم ، كانتْ خطواتُهن عريضة ومثقلة ، حتى وهي سريعة و مرفقة بتمائم و همهمات خافتة وأحيانا مرتفعةً . إن رصد سمات الخجل المفتعل الذي يمكن إنتاجه على ملامح هذا الجيل الجديد من الأمهات الإفريقيات المهاجرات ، وهنّ يجتهدن في ترميم ظهورهن التي قصمها وهن المسافات ، وسحناتهن التي لوحتها شموس الصحاري الرجيمة وتعديلها لتناسب ضيق الرصيف ، لا يحتاج إلى كبير عناء .
في الطريق إلى الأكاديمية هذا الصباح كان رذاذ المطر يستكشف بوهن مساحات الأرض العطشى، ويزرعها تفاؤلا ضدا على سياسة الحكومة الفاشلة . ورغم أن إيقاع السير على الشارع كان متوسط السرعة ، إلا أنه ظل يسمح بالتقاط كلمات وجمل مفككة للعابرين ، كما يغري برصد ابتساماتِ الشابات الإفريقيات بأسنانهن القوية الناصعة البياض وبملابسهن المزخرفة اتساخا ، وهن يتكدسن على جانبيْ الممرات الممحوة ، ومدارات العاصمة العلمية المخبولة هذه الأيام ، شابات مابين 16 ربيعا والثلاثين ، تحولن فجأة إلى أمهات رغم أنفهن . أطفالهن فوق ظهورهن ، أو يتسلقن قامتهن ببراءة وعيونهن ممتلئة بالأمل القاتم ، ورغم أني لم أكن على مقدرة لتفكيك دلالات ورموز كلماتهن المبعثرة ، لكنّي بالمقابل كنت استطيع التمييز أن قاسمها المشترك هي الحرمان و" التسول" . و بين اللحظة العابرة و تلك الضحكات الخبيثةَ التي كن يدورنها بينهن ، وهن في وضعية يحسدن عليها ، كان البؤس الإفريقي ونموذجه الصارخ جنوب الصحراء محور تفكيري ومركز الأزمات في ذاكرتي المشتعلة .
حينما سألت إحداهن عن اسم رضيعها الذي تحضنه فوق ظهرها بحنان غريزي ككل أمهات الأرض ، ترددت لحظات قبل أن يفتر ثغرها عن ابتسامة خبث مضمخ بكبرياء نازل و كما لو كانت تنقب عن أسم لأول مرة ،تاهت لحظة ، لكنها سرعان ما قفزت بفرح وهي تقول" ما كمبا .. إنه صغيري ما كمبا ..نعم إنه كذلك ...وقررت لحظتها أن لا أزرع الملح في الجرح بسؤالي عن أبيه ، لكني سرعان ما سألتها عن موطنها وفيما إذا كانت على صلة بوالد طفلها ، هنا آظلمت الدنيا أمام أم ماكمبا ، وانهارت الشابة الكامرونية ذي الخامسة والعشرين من عمرها ، وكادت تسقط أرضا ، وبدت ملامها أكثر يأسا ولم يعد يربطها بالعالم سوى احتقان مشروخ وذكريات يابسة ..
ولعل البحث عن الاستقرار خارج الحدود لدى المهاجرين الأفارقة عموما ، والنساء منهم على نحو خاص مأساة حقيقية، بريئات يسقطن فرائس سهلة في أحضان ذئاب بشرية لا ترحم ، ولا معنى للكرامة والإنسانية في قاموس حياتها ، اغتصابات بالجملة ودماء تسيح ، تحرش واعتداءات بكل البشاعات الممكنة ، يتعرضن لها عبر مسار رحلتهن التي ابتدأت من دون أن تعرف لها نهاية ، ولم يكن المعتدون سوى فئة من قطاع الطرق والصعاليك وأفراد العصابات من شبكات الترويج لكافة أنواع المخدرات . والنتيجة طفولة بلا أفق رحيم . وعلى الرغم من كونهن متسولات ، فإنهن يتسمن بقدر من المعرفة والجمال ، ما يجعلهن عرضة للتحرش الدائم دونما حماية من جهة ما ، فلا تسلمن عبر تنقلهن من عمليات الاغتصاب الفردي و الجماعي في مختلف محلات الإقامة والمعابر ليلا ونهارا ، إذ في ظل هذه الظروف الصحية واللإنسانية الصعبة التي تتخبط فيها هؤلاء المهاجرات يبدو تغاضي المسؤولين واضح وجلي في إيجاد الحد الأدنى من الحماية وتوفير الحد الأدنى من الكرامة التي تليق بالبشر .
من ناحية ثانية ، تعد هذه الحالات مناسبة سانحة للمنحرفين وذوي السوابق وأبناء الليل لتحقيق رغباتهم الجنسية مستعملين كافة الوسائل بما في ذلك القوة، حيث يكون الاغتصاب جماعيا و بالتناوب، في مشاهد غير إنسانية وغريبة، وهنا لا يمكن الحديث عن العلاقة الجنسية المهزوزة والمرتبكة ، بل عن الأضرار الصحية التي تنجم جراء هذه العلاقات غير السليمة والخالية من أبسط شروط الصحة والسلامة. و لكون معظم هذه الحالات تظل خارج إطارالتبليغ،فلا وجود لإحصائيات رسمية حول عدد الشكايات المرفوعة للدوائر الأمنية وغيرها ، إلى ذلك ،بات مشهد نساء مرفوقات بفتيات صغيرات بأبرز نقط العبور بشوارع المدينة ديكورا يوميا، فكل المدارات والشوارع الكبيرة شاهدة على هذه المأساة الإنسانية التي لا تقلق أحدا، حيث التسول نهارا والاغتصاب ليلا .
ويخشى سكان العمارات بوسط المدينة ممن استقت جريدة الاتحاد الاشتراكي آراءهم حول الظاهرة من اتساع وخطورة هذا النوع من الدعارة ويناشدون السلطات مراقبة هؤلاء أو ترحيلهن إلى بلدانهم الأصلية إذا اقتضى الأمر ذلك حفاظاعلى صحتهم وسلامة المواطنين المغاربة من أي خطرمحتمل

شيئان يوحدان جموع المهاجرات والمهاجرين الأفارقة اللون الأسمر والتسول . ولأن مشاكل العاصمة العلمية تستعصي على الإمساك ، مختلفة متعددة ومتباينة ، فإن ما أفاض الكأس هذه الفئة من المهاجرين الأفارقة من مختلف الجنسيات الذين يتدفقون يوميا عبر الطريق السيار قادمين من الجهة الشرقية ، يتجمعون في معسكرات جماعية ،في المعابر والممرات المدارات والشوارع ، ويحتلون أراض كما لو كانت في ملك أجدادهم ، سواء في محطة القطار أو في مختلف الزوايا والركنات الظليلة ، على أعتاب المساجد وأرصفة العبور ، هناك إفريقيا العميقة حاضرة بكل تاريخها الأخضر واليابس أجساد قوية مفتولة وأخرى هدها السفر
من أين أتيت ؟ سألتها عبر نافذة سيارتي . ابتسمت بخجل أنثوي ككل جميلات الكون ثم أجابت " من الكامرون .. واو .. كل هذه المسافة ... من الكامرون الى فاس ؟ وكيف قطعتها ؟ ترد بكبرياء أوتوسطوب أقدام...ثم تغادرني ، من دون أن تأخذ شيئا تفاديا لتفاصيل قد تكون موجعة ..
في أقوى تحد للسلطات المحلية ، هناك جانب غير مأهول من محطة القطار بفاس ، افترشوا أرضا عراء ، ونصبوا خيامهم العشوائية مستقرين عنوة فيما المصالح الأمنية والسلطات تكتفي بمعاينة الوضع ولا تقرر التدخل إلا لفض النزاعات التي تندلع بين الأفارقة من الجنسيات المختلفة من جهة و بين هؤلاء والمشردين الذين احتلوا جنبات محطة القطار وشارع الموحدين حيث يبيتون بصفة اعتيادية، الشيء الذي يضر بجمالية المدينة ، ويسبب الإزعاج الدائم للسكان الذين أصبح الخطر يحدق بهم في أي لحظة، وحين ناهيك عن الشعور بعدم الأمن الذي بات يراود أهل فاس في غياب خطة أمنية محكمة للحد من هذه الظاهرة، إذ رغم التحرك الأخير لولاية الأمن بعد الاعتداء على السياح الأجانب ، و اعتقال العديد من المشتبه فيهم في وقت قياسي، فإن الوضع يحتاج إلى حلول جذرية تعيد للعاصمة العلمية صورتها الهادئة ولسكانها الهدوء المطلوب ." يقول فاعل مدني .
وبخصوص وضعية المهاجرين الغير الشرعيون بالمغرب ، يتساءل رجل القانون غسان باحو أمرسال عن أية استراتيجية للتعاطي مع الظاهرة ؟ سيما وقد أصبحنا نطالع تقريبا نفس الوجوه في نفس الفضاءات ولشهورعدة ، بل لسنوات دون أن يتعرضوا للإعتقال أو حتى المسائلة و تحقيق الهوية على بعد أمتار من شرطة تنظيم المرور. بل وهناك من من هؤلاء المهاجرين من تجدهم يعملون بأوراش البناء و أسواق الجملة كيد عملة رخيصة ، و غير محصنة بقانون الشغل في استغلال سافر لوضعيتهم غير النظامية اتجاه القانون . بل أصبحنا يضيف الأستاذ غسان باحو أمرسال "نجد فيهم نساء حوامل أو مرضعات أو مرفوقات بأطفال صغار ، مما يدل من وجهة نظر قانونية واجتماعية على بداية تشكل بنيات اجتماعية جديدة خارجة عن آليات المراقبة و الضبط الاجتماعي ، حيث تحول المغرب إلى بلد إقامة وليس عبور فقط"

أما أستاذة الفلسفة ابتسام هاشمي فتورد كيف أضحت مدينة الدار البيضاء موطنا جديدا للمهاجرين الأفارقة غير الشرعيين، فالمار من شوارع وسط المدينة سيلاحظ حتما التزايد الفجائي لهؤلاء، خاصة العنصر النسوي الذي أصبح يحتكر فضاءات تجارية و ساحات عمومية مستغلا إياها في التجارة ومستحدثا مهنا جديدة لم يألفها السوق المغربي من قبل كتزيين الفتيات في الشارع العام ، وتسجل ابتسام النشاط الحيوي لهن في ممارسة الدعارة بشكل واسع في سبيل كسب الرزق و توفير قوت الأبناء الذين حملنهم في أحضانهن أو في أحشائهن وهن في طريقهن إلى المغرب الذي كان من المفترض أن يكون معبرا سريعا، فأصبح مستقرا قسرا بعد أغلاق أوروبا أبوابها في وجوهن . في ظل التزايد المستمر للمهاجرين ، يسعى الجانب الرسمي كما القانوني إلى التعاطي بشكل إيجابي مع وضعية هؤلاء المهاجرين ، وخاصة النساء منهم بمختلف جنسياتهن و أعمارهن ، فبعد بلورة سياسة تسوية الوضع القانوني بتوصية ملكية و بتعاون مع المجلس القومي لحقوق الإنسان ، قامت العديد من المنظمات الحقوقية المغربية بالعمل على توفير الرعاية اللازمة كواجب انساني من حيث منح حق الإقامة في البلد و الاستفادة من الخدمات الصحية .إلا أن التسوية القانونية لم تشمل جميع المهاجرين الإفريقيين مما يعيق اندماجهم المهني و الاجتماعي داخل المجتمع المغربي ، الشيء الذي يكون له امتدادات سلبية على مستقبل أطفالهن الذين من حقهم الرعاية الصحية والتأهيل المدرسي مثلهم مثل باقي الأطفال وترى ذة ابتسام هاشمي أنه . لا يمكن أبدا التنكر للسياسة الفعلية التي قام بها المغرب إزاء تسوية أوضاع الآلاف من المهاجرين، إلا أنه و في المقابل لا يمكن تجاهل سوء معاملة السلطات لبعضهم والإقصاء الممارس عليهم من طرف المدنيين في الشارع العام بمختلف مظاهره كالاحتقار و السب بألفاظ عنصرية و ذلك ما عاينته شخصيا قبل يومين في ساحة مراكش بالدار البيضاء."

موضوع هجرة الأفارقة جنوب الصحراء في اتجاه أوروبا مرورا بالمغرب باعتبارها أحد أكبر التحديات التي باتت تواجه المغرب الذي تحول من بلد للعبور إلى بلد استقبال، يقاربها الدكتور عياد أبلال باعتبارها ظاهرة خاصة سيما مع صعوبة اختراق المدينتين السليبتين سبتة ومليلة، وصعوبة العبور عبر قوارب الموت، أو الشاحنات وبواخر الصيد نظراً للمراقبة الأوروبية والمغربية على حد سواء على البحر الأبيض المتوسط. ويكمن التحدي الكبير الذي يواجهه المغرب حسب الباحث في السوسيولوجيا في كون المغرب قد سبق له وصادق على عدد من الاتفاقيات الدولية التي تجعله ملزماً بتدبير ملف المهاجرين الأفارقة وفق مقتضيات القانون الدولي وحقوق الإنسان، وهو ما جعله في السنة المنصرمة يعمل على تسوية عدد من وضعيات هؤلاء قانونياً، في حين يواجه خطورة الوضع المتفاقم خاصة في مدن الشمال لهؤلاء المهاجرين.
ويرى الدكتور أبلال أنه من الصعب جداً العناية بهم صحيا واجتماعياً في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المغرب. ومن ضمن الصعوبات والمخاطر هو اختلاط هؤلاء مع الساكنة بهذه المدن، خاصة وأن امكانية حمل عدد من المهاجرين والمهاجرات لأمراض خطيرة قائمة بشكل كبير، خاصة منها الجنسية، ناهيك عن وضعيات المهاجرات اللواتي يحملن معهن أطفال رضع، أو اللائي يلدن بالمغرب، بسبب وقوعهن في الحمل لطول مدة الانتظار التي باتت تتجاوز السنتين والثلاث سنوات، وهو الانتظار الذي جعل عددا منهن يرتبطن بمهاجرين آخرين، مما يضخم من التحديات الصحية المفروضة على المغرب. ودعا المتحدث ذاته السلطات إلى وجوب إخضاع هؤلاء للفحص الطبي والتحليلات التي تتطلبها العناية الإنسانية بهؤلاء، منعا لكل خطر يتهددهم، كما يتهدد كل علاقات جنسية يمكن أن تتم مع المغاربة من الجنسين.
ولإغناء الحوار حول الظاهرة أجرى الإعلامي محمد حداد سلسلة حوارات مع بعض المهاجرين ، رصدها بقوله " رغم التوجس من اللقاء، ما أن تبدأ الحديث مع بعض المهاجرين هن جنوب الصحراء حتى تكتشف أنهم منفتحون بشكل كبير ، مبتسمون، لا يرفضون الإجابة عن الأسئلة وبدون أي تحفظ يذكر. مسجلا أن كل المهاجرين الذين التقينا هم شباب يتراوح سنهم ما بين 15 و30 سنة جاؤوا من مختلف الدول السنغال،مالي الكامرون النيجر تشاد بوركينا.يأتون إلى المغرب راجلين متحملين كل المعاناة والمصاريف والحوادث... ومنهم من قضى ما يقرب من السنتين للوصول إلى المغرب. الذي يعتبرونه مجرد محطة في اتجاه الوصول إلى الهدف أوروبا.
محمد حداد التقى بعض النساء اللائي صرحن له بمنتهى الصدق أنهن هاجرن صحبة رفاقهن بحثا عن حياة أفضل، وهروبا من البؤس في بلادهن. بعضهن لهن أطفال صغار أو رضع. ولكنهن أكدن أن الأطفال ليسوا نتيجة اغتصاب ما ، ولكن نتيجة علاقاتهن مع رفاقهن ويعيشون معا أسرة واحدة. هناك أطفال ولدوا في الطريق وآخرون عند التواجد بالمغرب. وحسب التصريحات الأطفال مسجلون عند المؤسسات المكلفة بالهجرة ، ولكنها متواجدة بالربط والدار البيضاء.
المهاجرون وأطفالهم حسب التصريحات يمكنهم الاستفادة من التتبع الصحي في المستشفيات العمومية. ولكن ظروف العيش صعبة وما يحصل عليه المهاجرون من التسول لا يكفي مطلقا.كما أنهم لا يتلقون أية مساعدات ولا حتى زيارات من طرف الجمعيات المعنية بالمهاجرين. ولكن هناك مساعدات على شكل ألبسة وأغذية يتصدق عليهم بها بعض المواطنين المغاربة.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة