تحرير المرأة التنوير أية علاقة؟.....4

محمد الحنفي
sihanafi@gmail.com

2017 / 1 / 13

الإهداء إلى:

ـ الأستاذة الفاضلة: خديجة كرومي.
ـ السيد مدير ثانوية السلام التأهيلية.
ـ تلميذات وتلاميذ ثانوية السلام التأهيلية.
ـ من أجل التمرس على تحرير المرأة.
ـ من أجل المساهمة في تنوير عقول الناشئة.
ـ من أجل تكريم الإنسان فينا وفي واقع متخلف.

محمد الحنفي

ولذلك، فتحرير المرأة، لا بد أن تتوفر له شروط محددة، حتى تتحرر المرأة من كل القيود، التي تجعلها مستعبدة من قبل النظام الحاكم، ومن قب العادات، والتقاليد، والأعراف، ومن قبل الرجل.

وهذه الشروط تتمثل في:

1 ـ شيوع التنوير في المجتمع، من خلال البرامج الثقافية، ومن خلال البرامج الدراسية، ومن خلال ما تبثه وسائل الإعلام المختلفة، في كل مجالات الحياة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومن خلال التحول المفروض حصوله، في العادات، والتقاليد، والأعراف، ومن خلال مواجهة التوجهات الظلامية، التي تجب محاصرة ظلاميتها، وعملها على نشر الظلام في الواقع، وإعدادها للظلام، والظلاميين، وللإرهابيين، في نفس الوقت، حتى يصير التنوير هو السائد، وحتى يصير الواقع الاجتماعي قابلا بتحرير المرأة، وحتى تصير العقول المتحررة مسلحة بعملية التحرير، بالمعنى العلمي لتحرير المرأة.

2 ـ العمل على إحداث تحول عميق في العادات، والتقاليد، والأعراف، التي يسود فيها الخلط بين ما هو ديني متزمت، وما هو خرافي، وما هو تاريخي، وما يتم اختلاقه، انطلاقا من الواقع، رغبة في التحكم في مكوناته المختلفة، وسعيا إلى تحديد ما يقود إلى التخلف، وما ينتج التقدم، والتطور، في أفق تطوير العادات، والتقاليد، والأعراف، والتخلص من كل العوائق، التي تجعل الواقع منغلقا على نفسه، ومكرسا للاستغلال المزدوج للمرأة، وتحول دون تحررها من كافة القيود، المعرقلة لمساهمتها في تطوير الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل أن يكتسب الواقع وجها مشرفا.

3 ـ إعادة النظر في البرامج الدراسية، في أفق تخليص التعليم من كل الفقرات التي تحول دون تقدم الواقع، ودون تطوره، وتطويره، ودون العمل على تمكين المرأة من التحرير، الذي يجعلها فاعلة في المجتمع، ومتمكنة من المساهمة في الإبداع، بالمعنى الصحيح للإبداع المطور، والمتطور، ودون التمكن من التمتع بكافة حقوقها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والمدنية، حتى تصير إنسانا، وحتى تتحمل مسؤوليتها إلى جانب الرجل، في الحياة العامة، وخلال عملية الإنتاج، وتقديم الخدمات، مناضلة إلى جانبه، وإلى جانب المسؤولين على جميع المستويات، ومهما كانت تلك المستويات، تبقى المرأة مستعبدة وخاضعة للاستغلال المزدوج، ومشلولة القدرات المختلفة. ذلك أن البرامج التعليمية، تقوم بدور رائد في الاتجاه الصحيح، أو العكس، ومن منطلق البرامج التعليمية، التي يمكن أن تكون متقدمة، ومتطورة، إذا تمت مراجعتها، نستطيع أن نعد أجيالا متقدمة، ومتطورة. وإذا لم تراجع، فإن البرامج التعليمية القائمة، لا يمكن أن تعد لنا إلا أجيالا متخلفة، ورجعية، ولا يمكن أن تساهم، أبدا، بأي شكل من أشكال التطور الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، إلا برؤيا متخلفة، لا تعكس بالضرورة، طبيعة الحياة التي نعيشها، وهو ما يقتضي ضرورة مراجعة البرامج التعليمية، حتى تنسجم مع ما عليه العصر الذي نعيشه، من تقدم، ومن تطور، حتى نتحول إلى مطورين، ومتطورين، ومساهمين بتعليمنا المتطور، في الحياة الإنسانية، وفي بناء حضارة الإنسان، التي تتساوى فيها المرأة مع الرجل، في كل ما يتعلق بالحياة العامة، والخاصة، إلى درجة استحالة التمييز بينهما، إلا فيما يتعلق بنوع المرأة، وبنوع الرجل.

4 ـ إعادة النظر في البرامج الإعلامية، التي تستهدف المجتمع ككل، ودون تمييز بين أفراده، حتى يصير الإعلام وسيلة لجعل المرأة، والرجل، متساويان في كل شيء، لا فرق بينهما في الحقوق، وفي الواجبات، تجاه المجتمع، بما في ذلك الإرث، الذي لم يعد مقبولا فيه التمييز بينهما، نظرا للتحولات القائمة في الواقع، ونظرا لدور المرأة في اقتصاد الأسرة، حتى وإن لم تكن عاملة، أو مستخدمة، ونظرا لأن الإعلام يصير وسيلة لترسيخ قيم معينة في المجتمع، ونظرا لأن الإنسان بقيمه، وبسلوكه، وبتفاعله مع ما يجري في الحياة، فإنه يمكن أن يكون نتيجة لما يبثه إعلام معين، في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ونظرا للأهمية التي يحتلها الإعلام في المجتمع، فإن إعادة النظر في البرامج، التي تحكم الخطط الإعلامية، أصبح أساسيا، وواجبا، حتى يقوم الإعلام بدوره في اتجاه تحرير المرأة من العبودية، ومن الدونية، التي تحكم النظر إليها، ومن الاستغلال المزدوج، في أفق انعتاقها من كل ما يقف وراء عمق معاناتها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تجعلها فاقدة لتوازنها النفسي في المجتمع، حتى تؤدي مراجعة البرامج الإعلامية، دورها في عملية تحرير المرأة.

5 ـ تمكين جميع أفراد المجتمع، من التمتع بكافة الحقوق الإنسانية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، من أجل إتاحة الفرصة أمام الجميع، في أفق أن تصير المرأة، والرجل معا، فاعلين، ومتفاعلين في الواقع، ومعه، ومساهمين معا، في البناء الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، من أجل ازدهار الواقع، في مختلف المجالات، وفي تحرير المجتمع من كل القيود، التي تحول دون تقدمه، وتطوره، بما فيها الحد من فعالية المرأة في المجتمع، ومهما كان هذا المجتمع.

فالتمكن من التمتع بكافة الحقوق العامة، والخاصة، تساهم بشكل كبير في تمكين المرأة، كما الرجل، من توظيف ما تتوفر عليه من قدرات إنسانية، في اتجاه البناء الحضاري الإنساني، كما يفعل الرجل المتحرر، إن لم تصر متفوقة عليه.

غير أن عدم تمتيع الجميع بكافة الحقوق الإنسانية، قد يقف وراء تكريس الحرمان من كافة الحقوق من جهة، ووراء تكريس الاستغلال المزدوج للمرأة، مع تكريس دونيتها، التي لم تعد مقبولة، من جهة أخرى، في ظل هذا التطور الذي يعرفه العصر الذي نعيشه، في جميع المجالات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بسبب انعدام الفوارق بين النساء، والرجال، في الحقوق، والواجبات، وبسبب إطلاق سراح كافة قدرات الإنسان، رجلا كان، أو امرأة، من أجل الفعل في الواقع.

6 ـ قيام دستور ديمقراطي شعبي، يتم التنصيص فيه على المساواة الكاملة، بين المرأة، والرجل، بدون وجود ثوابت، تصير ذريعة للتمييز بين المرأة، والرجل، ولتكريس أفضلية الرجل على المرأة، كما هو حاصل الآن، في ظل السيادة الشعبية، التي تضمن صيرورة الشعب مصدرا لكافة السلطات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وهذا الدستور، يصير وسيلة لإقرار الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى تصير وسيلة لجعل الشعب المغربي، يتمتع بكافة حقوقه الإنسانية، التي تخلصه من الاستعباد، ومن الفساد، والاستبداد، ومن الاستغلال، ومن امتهان الكرامة الإنسانية، التي تمكن الجميع، من امتلاك القدرة على التعبير عن الرأي، حول مجمل القضايا الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والتحرر من كل القيود، التي تحول دون التقدم، والتطور، مما يجعل المرأة تبرز كإنسان، له مكانته في المجتمع، وقادر على تحرير الإنسان فيها، حتى تصير قادرة على فرض مساواتها للرجل، وعلى دوس دونيتها، التي تصير في ذمة التاريخ، انطلاقا من الدستور الديمقراطي الشعبي، الذي يساوي بين المرأة، والرجل.

7 ـ إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، في ظل دستور ديمقراطي، شعبي، تحت إشراف هيأة مستقلة، بعد إنضاج الشروط الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تنقل الشعب من واقع التخلف، بمظاهره المختلفة، إلى واقع التقدم الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يصير مصحوبا بامتلاك الوعي بالواقع، وبتحولاته المختلفة، التي تجعل الفعل السياسي حاضرا في الممارسة اليومية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تعمل على الحد من تأثير الفساد السياسي، الذي يصير بارزا في الانتخابات، في ظل الشروط القائمة، والمتخلفة، والتي تجب مواجهتها بشروط نقيضة، تجعل الانتخابات معبرة فعلا عن إرادة الشعب المغربي، ومحققة لطموحاته في الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية. هذه الطموحات، هي التي تصير منطلقا للتخلص من الفساد الإداري، والسياسي، وكل اشكال الفساد الأخرى، التي تجعل الانتخابات، التي تجري في ظل الشروط القائمة فاسدة.

8 ـ استغلال قيام دستور ديمقراطي شعبي، وإجراء انتخابات حرة، ونزيهة، لرفع مستوى وعي الشعب المغربي، بأوضاعه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يمتلك القدرة على تغيير تلك الأوضاع، انطلاقا من التحولات القائمة في الواقع، ومن الدستور الجديد، ومن التغيير الذي تعرفه القوانين المختلفة، عن طريق ملاءمتها مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، في أفق جعل الشعب المغربي يفرض سيادته، وعن وعي تام، بما يري في الواقع، وبما يجب أن يكون عليه، حتى يصير في خدمة مصلحة الشعب المغربي، الذي يصير ملزما بإقامة مؤسسات بديلة، قائمة على أسس ديمقراطية حقيقية، بدل هذه المؤسسات القائمة على الفساد الإداري، والسياسي، الذي يزداد عمقا، وتجذرا في المجتمع.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة