هل غيّر الغرب فكر المرأة السّورية؟

نادية خلوف
nadia_khaloof@yahoo.com

2018 / 3 / 14

كلما شاهدت جريمة على الهواء سواء كانت تتعلق بالسوريين أو غيرهم، أرى العالم مظلماً. الجريمة هي جريمة، وفي الغرب من الجرائم ما تقشعر له الأبدان.
الرجل الذي يقتل زوجته أو أخته لأنّها رفضت الانصياع لرغباته مجرم لا شك، وكذلك المرأة القاتلة، لكن هل التسبّب بالإيذاء جريمة؟
نعم إنّ التسبّب بالإيذاء جريمة قد تؤدي إلى الموت أحياناً فيما لو لم يعد يحتمل المتلقي هذا الإيذاء وحاول الانتحار.
هل غيرّ الغرب من فكر المرأة السوريّة بوصولها إليه؟
أبداً. المرأة السورية كما الرّجل السوري لم ولن يغيرهما الغرب، ربما يتمّ التغيير في الجيل الثالث أو لا يتم. لكنّ النساء في سورية لا يستطعن الطلاق لأسباب كثيرة، أهمها أنّ حضانة الطفل بعد سن الحادية عشرة تصبح ولاية، والولاية للأب، وثانياً لأنّ النساء حتى لو كنّ عاملات غير قادرات على تحمّل النفقات، وهذا ما دفع الكثير من النّساء إلى الصبر، ولو كان القانون يمنح الحضانة الكاملة، ويتكفل بمصاريف الأطفال لرأيت عدد طالبات الطلاق أكبر بكثير، ومع هذا هناك تعتيم على أفعال الرجال، فالكثير من الرجال أتوا مع عائلاتهم إلى الغرب ثم عادوا إلى سورية كي يمارسوا نزواتهم، وحتى أن بعضهم مسيحيين الذين يرون أن أمر الطلاق صعب في سورية. الرّجل يدير ظهره بنعومة أمام المجتمع، ويتهم زوجته بما يشاء بينما االمجتمع يصفق له، والنساء تصفّق أكثر من الرجال.
رأيت شابة في الثلاثين من عمرها في الكنيسة المجاورة لبيتي، تحدثت لي دون معرفة بي بأنّ زوجها جلبهم من روسيا إلى السويد ومن ثم اختفى. يرسل لهم بعض الرسائل من حلب ويقول أنه لن يعود فلم تعجبه أوروبا. ومئات الحالات من الزواج المزدوج حيث الزواج القانوني والمعاشرة، والزواج الثاني على يد شيخ دون تسجيله كون لا أحد يسأل هنا من هو والد الطفل.
نحن مثل كل البشر أصناف وليس صنفاً واحداً، لكن إن لم نعترف بأنّ الاستبداد والفقر جعلا منا شعباً يسير وراء الرّكب نكون لا نقر بالواقع. نحن في الغرب ربما صنفان أو ثلاثة. صنف مصاب بمتلازمة التّفوق، لا يرى ولا يسمع إلا ما تقوله نفسه، وأغلب أفراد هذا الصنف كان لهم مراكز ووظائف وصفات في سورية، وليس بإمكانك أن تقول لكل من وصف نفسه بفنان عالمي أن الفنون الجميلة في سورية من شروط التحاق بها أن لا تفهم بالفن، وليس بإمكانك أن تقول لمن ملأ الدنيا وشغل الناس بإنجازاته الأدبية وفنونه الموسيقيّة بأنّه حتى لو كنت بتهوفن، أو فيكتور هيكو لا مكان لك في سورية إن لم يتعرف على عنصر من الأمن يوصلك بمن هو أعلى منه، وليس كل عنصر قادر على ذلك . على ذلك العنصر أن ينتمي لعائلة من ذوي النفوذ. هذه هي سورية.
الصنف الآخر هو الصنف المؤمن بالدين يحضر الله في الجلسة عندما يلزمه، وتكون نهاية الحديث بآية أو حديث، وإن كنت ابن ابيك يمكنك أن تنبس ببنت شفة فحتى لو كنت في أوروبا يمكن أن يهدر دمك.
والنساء اللواتي وصلن لم يتغيّرن. فقط بعضهن تركت زوجها لأنها بالأساس مرتبطة بعلاقة غير شرعية في سورية، فحولتها إلى شرعية، وربما كان زوجها يعلم، ولكنّه يغض الطرف مقابل علاقة مع ابنة، أو زوجة الشخص الآخر.
قبل عشر سنوات كان هناك إحصاء لبيوت الدعارة في سورية، ورغم أنها غير مرخصة غير أنها موجودة في أغلب المدن السّورية يديرها رجال الأمن حيث تحوّل لها الفتيات المسجونات بتهمة الدعارة، ويخضعون لما يشبه عبودية الجنس، بينما زوجات الكثير من رجال الأعمال الذين لهم شراكة مع رجال الأمن يمارسون الجنس مع الضّباط تحت اسم العلاقة العامة المنفتحة. وفي الإحصاء. تحدثوا عن المساكنة التي ارتفعت نسبتها.
ربما موضوع العلاقة الجنسية معقد في سورية أكثر منه في السّعودية، والفتاة تعيش في حالة عبودية، والزوجة المثالية هي الزوجة التي تقبل أن يأتي زوجها بعشيقته إلى المنزل وترحب بها، وإن أمكن تصرف عليه وعليها. لقد آمن الرجل السوري" مع عدم التعميم" أن تقديسه فرض عين، وآمن المرأة أنها سوف تنتقم منه . هذه هي المعادلة، وهناك جيل من العاملين في السياسة لا يعرف بيته وأولاده فهو في مجالس عزاء، وتأبين ،وتدوين وخطابات، فأمر المنزل ثانوي أمام القضيّة. أما في هذه الحرب، فكل الأشياء في تراجع، وبات أغلب السوريين يعتقدون أن الدنيا غابة.
خلاصة الكلام بأن قلّة من السّوريين لديهم نية السعي تجاه العلم والعمل في الغرب، والأغلبية ربما ترى نفسها متفوّقة على الغرب، وأن وجودها لديه هو من باب كرم الأخلاق. لذا يمكننا القول أنّ فكر المرأة السّورية، والرجل السوري لازالا على القيم الأسدية.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة