القفز في الفراغ

حنان محمد السعيد
hanan.hikal13@gmail.com

2018 / 6 / 15

عادة ما يثير الإنسان القوي القادر على التحمل والمثابرة إنتباه المحيطين به، فهو يحفز بداخلهم تلك البؤرة التي تسعى لجني المصالح الشخصية، فيعتقد هذا أنه قد يدافع عنه إذا ما استلزم الأمر، ويعتقد أخر أنه يمكنه أن يرتكن عليه للقيام ببعض واجباته التي يعجز هو عن القيام بها، وينتظر أخر منه أن يقوم له بأعمال يعجز عنها الأشخاص العاديين.
ولذلك يكون الإنسان القوي بصفة عامة محط إهتمام ومهما حاول تجنب ذلك وشق طريقه في الحياة في صمت.
وبالإضافة إلى تحفيز الإنسان القوي لبؤرة المصلحة الشخصية لدى الأخرين، فهو يحفز لديهم العديد من البؤر الأخرى مثل الغيرة ولذا ومهما قدم هو من خدمات للأخرين لا يخفي أحد شماتته به عند أول عثرة يقع فيها.
وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد، فبعض الناس لن ينتظروا تعثره، ولكنهم يحرصون على وضع العثرات في طريقه وإنهاكه بمعارك جانبية غير ذات جدوى، فالإنسان القوي المجتهد يجعلهم يبدون أمام أنفسهم صغارا عاجزين.
إن أكثر شخص يثير حفيظة الكسالى ومطأطئي الرأس هو ذلك الذي يعمل ويكافح ويجاهد تحت كل الظروف والذي يولي كرامته وعزّة نفسه أهمية كبيرة ويقدمهما حتى على الحياة ذاتها.
ومآساة هذا الإنسان أنه وسط إنشغاله بتحقيق أهدافه والعمل عليها لا يلتفت أبدا إلى ما يحاك له من مؤامرات وما يعمل في صدور من حوله من غيرة وحسد، فهو يصدق إبتساماتهم الزائفة، ويظن أن الناس جميعا على شاكلته منشغلون بتحقيق أهدافهم لا بعرقلة الأخرين ممن شذوا عن القاعدة لإبقائهم ضمن القطيع.
ولذلك وعلى الرغم مما يتمتع به هذا الإنسان من قوة وذكاء وقدرة على العمل يكون أكثر شخص عرضة للسقوط وخاصة إذا علا نجمه وتألق ووضع قدمه بثبات على الطريق.
فكلما علا كلما كان عرضة للسقوط أسرع لأنه سيلقى مقاومة شديدة من هؤلاء الذين أدمنوا البقاء في القاع، ومن هؤلاء الذين ارتفعوا على حساب الأخرين سواء بالوراثة أو بالطرق الملتوية والغير مشروعة.
سيجد هو المقاومة من أعلى والشد من أسفل حتى تخور قواه ولا يمكنه التمسك بأحلامه وأهدافه أكثر من ذلك، وبعدها سيهوي إلى القاع في صمت وحتى عندها لن يرحمه أحد.
ان التمرد على الواقع والاجتهاد والتفوق أمور لن يغفرها لك أحد .. وخاصة لو كنت امرأة!



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة