ابتسم: أنت في حضن الحبيب!

نادية خلوف
nadia_khaloof@yahoo.com

2018 / 8 / 24

في المجتمع الذي يهان فيه الرّجل لا كرامة فيه للمرأة.
ليس الأمر سهلاً أن تكون رجلاً حقيقيّاً دافئاً. سوف يقف لك المجتمع بالمرصاد لأنّك تنتقص من قدسية الذكورة، لكن بعض الرّجال يفهمون معنى الذّكورة، ويحاولون أن يتجاوزوها إلى التّعود على الرّجولة أي العطاء، نرى الكثيرين منهم يعتني بأمّه وأخواته لو فقد والده بالموت، أو لسبب آخر.
وضع الرجل السوري اليوم في الحضيض حيث أنّه رب أسرة لا يستطيع إعالتها، أو تلاحقه عيون النظام، أو مجبر في الذهاب إلى الخدمة العسكرية، وفي المسلخ السّوري ذُبح الرّجال كما تذبح الأغنام، ولا زالت فئة متحزّبة في سورية تقول : إنها الحرب على الإرهاب، وأن الإسلام هو السّبب، وكأنّ العالم كان خال من الحروب والظلم قبل طهور الإسلام ! هم يقولون نصف الحقيقة ويعرفون في عقلهم الباطن أنهم يساندون الجلاد، وعندما ينتهي أمره سوف يقولون كلاماً آخر وينقلبون عليه.
منذ أيام كان بشار الأسد في مطعم في باب توما، وقد تشرف صاحب المطعم بحضوره المتواضع. نعم قد يأتي يوم ينتهي فيه الأسد من أوراق الطابو وتصبح المطاعم والملاعب له، ويذهب الشّعب إلى المسلخ، أو إلى دول الجوار حيث يذوق الرجال الذّل ّ، وتتعلم النساء الدّعارة من أجل العيش، وبخاصة أن ثقافة النّخبة المرتبطة بالسّلطة تعتبر أن الدعارة هي التي تمثل الحرية ، وهنا لا نعترض على حرية من يرغب في الدّعارة، لأنّ لها أنواعاً، ولو تم تصنيف كلّ من يعملون بها لظهر لك منظمات وأفراد ، مخطئ من يظن أن الدّعارة تعني بيع جسد المرأة لرجل لساعات، فهذه أشرف أنواع الدعارة فهي تعطيه السّعادة وهو يعطيها المال. أما تلك الدّعارة التي تختفي تحت أسماء سياسيّة فهي السبب في بيع النساء لأجسادهن، ولن يتم محاربتها بالرّجم والّذّبح. سوف تستمرّ مادام هناك من يسيطر حتى على خلجات الفلوب. ولديّ تعقيب على زيارة- ما يسمى بالرّئيس السّوري إلى مطعم في باب توما، وصورة زوجته معه وهي تتلاشى، لكنها تبتسم كلزوم الصنعة- فكرت بأن هؤلاء الذين ينتمون للذكورة يرمون نساؤهم بعد سن الأربعين، ويعودون لحضن بيئتهم، وبعضهم لا يتورع عن قتل زوجته، وهذا ما فعله طبيب مع زوجته الطبيبة في كندا وأصوله من تلك الطّوائف المهاجرة ، وهناك آلاف الحالات بعد الثورة السّورية حيث كشّرت الطائفيّة عن أنيابها غير مهتمّة بالطّفولة لذا أسأل: هل يصفّي الأسد زوجته . لا أستغرب لو ماتت أسماء الأسد، فربما الرئيس مغروم، لم لا؟
الرجل أيضاً ابن بيئته، وربما لا يستطيع سلخ جلده. القانون في صفّه. لو استطعنا وضع قانون عادل لالتزمت الأغلبية به.
سوف أتحدّث عن غريزة الأمومة والأبوة. الغريزة التي تنشأ مع الإنسان، بينما العواطف تربى تربية، فقد يعادي الأب أو الأم أولاده عندما يكبرون لأسباب مختلفة ، وقد ينسى هذا أو ذاك مسؤوليته، لكن غريزة الأمومة ربما أقوى حسب علماء النفس، وتضعف عندما يكبر الأولاد ليحلّ محلّها حبّ البقاء، والاستمرار من خلال الأولاد، وهنا تبدأ تربية جديدة على حبّ الأولاد على علاّتهم، والأخذ بيدهم. وهنا يتبادر لذهني سؤال: هل يحبّ الأب الذي يتزوج بغير زوجته أولاده حقيقة؟
خلال سؤالي للرجال والنساء كان هناك أجوبة متفاوتة. قال لي زوجي، والذي عانى مع أخوته من زواج أبيه من غير أمه:" الرجل يحب أولاد المرأة التي يحبّها فقط حتى لو لم يكونوا أولاده" أضاف:" أبي كان أغنى رجل في الجزيرة السّورية، وكنت أتحايل عليه لأخذ مصروفي، وبسببه لم أذهب إلى المدرسة، وتعلّمت شرب الكحول في سن 12."
وقالت لي جارتي التي تزوّج أبوها وسحبها من أمّها عندما كانت في عمر ال13 إلى ولايته. قالت: " عشت في بيت جدّي أهل أمّي حيث كانت أمي تعمل كخادمة لديهم، وكلّما تحرّكت يصفونني بالمختلّة لأنني ابنة ذلك الرّجل، وعندما أخذني أبي فرحت لأنّني قد أنقذ أمي فيما لو درست، لكنّني للأسف لم أدرس ، وكنت خادمة في في بيت أبي أخدم زوجته وأعتني بأولاده، وعندما كانت تسحبني زوجته من شعري كان يقول لي أن أتأدّب. لم أحقد على زوجته، لكنّني حقدت عليه،وهذا الحقد يكاد يقتلني. لكنني لست قادرة على الخلاص منه"
وقالت لي بريجيتا الطالبة في الثانوية. حذفت أبي من صداقتي على الفيس بوك لأنّه لا يهتم لأمرنا -نحن أولاده-بينما يرافق أولاد زوجته إلى المطاعم، ويعلّق عليهم بكلام جميل. هو يحبهم ولا يحبنا لآنه لا يحب أمي، لكن يرغب أن نقيم علاقة معه على الفيس بوك كي يقول العالم واو. كم أنت رائع! عندما كنت صغيرة كنت أخافه رغم بعده عنا، ولم أتجرّأ على حذفه. لكنّني أعيش في الغرب، وعندما أصل لمرحلة النّجاح سوف أتحدث أمام الصّحافة :أنّ أبي كان نذلاً"
هذا لا يعني أنّ الأمّ فيما لو لم تربي عواطفها سوف يختلف الأمر عندها، فقد أرسلت أم سوريّة ابنها الحاصل على الإقامة الدّائمة في السويد إلى حمص لأنّها ترغب أن تعيش حياتها. أي أنها تخلّت عنه، وكانت قد تركت زوجها بعد وصولها إلى السّويد، ولم تلمّ شمله، وتحايلت على الطفل أخذته إلى لبنان ، فتركته عند أختها في لبنان ثم غادرت إلى السّويد. هي ترغب في قصّة حبّ لا يعيق ابنها تفاصيل حبّها.
ربما لو كان الرجل مليونيراً لستر على هذا العيب، ورشى أولاده من زوجته الأولى بالمال، وحرّضهم عليها، وهناك حالات دفع فيها الرّجل لأولاده ثمن قتل أمهم بطريقة غير مباشرة.
لن أتحدّث عن المرأة العربيّة. بل عن المرأة السّورية تلك المرأة التي ربّت ابنها على أن يكون ذكراً وليس رجلاً . إنّها اليوم تدفع الثمن. الذكورة هي غريزة إنسانية وحيوانيّة أيضاً تعني الأنانية، والتجرّد من العواطف، فالذي يتربّى على الذّكورة يتنمّر ليس على زوجته وأولاده فقط بل حتى على أمّه التي تخافه، وإلا كيف يقتل أحدهم أمّه أو أخته.
لكن للذكورة يوم تنتهي فيه صّلاحيّتها. عندما يشيخ الرّجل وبعد أن يستنفذ أولاده الذّكور كل قدراته الماليّة والجسدية يشعر أنه عالة، ويتمنى الموت، ويعتقد أنّه لم يكن محظوظاً بأولاده في بلد ربما الجميع غير محظوظين فيها.
من المفارقات التي تحدث في سورية اليوم هو رمي الرجل لزوجته وأولاده، والعودة إلى حضن الحبيب التي تشبه العودة إلى حضن الوطن أي أنها استقواء على الأطفال بالدرجة الأولى حيث تكون الحبيبة قد تزوجت بغير حبيبها لأسباب كثيرة، وعندما يلفظها الزّوج تستعيد الأول. في سورية اليوم ظاهرة طبيعية هي: العودة إلى حضن الوطن أي النّظام. العودة إلى حضن الطائفة حيث يرمى الأطفال وأمهم إلى المجهول لو كانت الزوجة من طائفة أخرى، والعودة إلى حضن الحبيبة التي تكون قد جمعت مالاً، ولم يعد يهتم الرّجل بالأولاد. يمكنه محبّة أولاد زوجته أكثر من أولاده، لو اعتبرته أحد أولادها وأحاطته بالرعاية المادي’، وهذا هو السبب الأول، هو شبيه بثقافة التّعفيش، ونحن نعيشها. ابتسم: أنت في سورية الأسد حيث يتبنى قيم الأسد اليوم مجموعة من المتنمرين. . .



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة