أطفال الشوارع والاخطار المحدقة بهم

هديل وضاح
hadeel.wadah@yahoo.com

2019 / 4 / 29

اطفال الشوارع

والاخطار المحدقة بهم

هديل وضاح

أقرّت اتِّفاقيّة حقوق الطِّفل التي وقّعت عليها 193 دولةً حولَ العالم، مفهوماً لِلفظة "الطّفل"؛ حيثُ نصّت المادة (1) منها على الآتي: (لأغراض هذه الاتفاقيّة، يعني الطّفل كلّ إنسان لم يتجاوز الثّامنة عشرة، ما لم يبلُغ سنَّ الرُّشد قبل ذلك بموجب القانون المُنطبق عليه).

وتفيد مصادر الأمم المتحدة أن أكثر من 150 مليون طفل عبر العالم يعيشون في الشوارع في أيامنا هذه. وهم يتركون منازلهم من جراء العنف والإدمان على المخدرات والكحول أو وفاة أحد الوالدين أو تفكك العائلة أو بحكم اندلاع الحرب أو الكوارث الطبيعية أو بكل بساطة بسبب الانهيار الإجتماعي والإقتصادي، فيُجبر العديد من الأطفال المعدمين على كسب لقمة عيشهم من الشارع من خلال البحث في القمامة والإستعطاء.

لهذا كله فان قضية وجود الاطفال في الشوارع تعد من القضايا المهمة والخطرة، لأنها آخذة في النمو والتزايد، وباتت من الظواهر المنتشرة بشكل واضح في كافة المجتمعات وفي جميع دول العالم، وهي ظاهرة تؤثر على الاطفال من عمر الخمس سنوات وتبقى ملازمة لهم الى مراحل عمرية متقدمة، و تعكس الواقع المتردي السياسي والاقتصادي للمجتمع، والذي يكون الطفل هو الضحية الاولى له وعليه ان يتعايش معه.

والاوضاع في العراق ومنذ احداث 2003 اخذت بالسوء، وكان الجانب الاقتصادي البائس هو الابرز، بسبب الفساد الاداري والمالي، وهو ما انعكس سلبا وبشكل لافت على الاوضاع الاجتماعية، وبشكل خاص على فئة الاطفال، وقد غاب الدور الرقابي للسلطة والذي يتضمن توفير الحماية للطفل في كل مفاصل الحياة، فقد نصت المادة 30 أولاً من الدستور العراقي لسنة 2005 ((تكفل الدولة للفرد وللأسرة ـ وبخاصة الطفل والمرأة ـ الضمان الاجتماعي والصحي، والمقومات الاساسية للعيش في حياةٍ حرة كريمةٍ، تؤمن لهم الدخل المناسب، والسكن الملائم)) والسؤال يكمن هنا هل قدمت دور الحكومة الرعاية إلى الأطفال والصغار والأحداث والبالغين الذين يعانون من مشاكل أسرية أو من العنف الأسري ووفرت لهم أجواء سليمة للتعويض عن الرعاية والحنان العائلي الذي افتقدوه، وتجنب كل ما يشعرهم بأنهم دون الآخرين؟ قطعا لم توفر هذه الحكومة ولا أي حكومة سابقة أيا مما ذكرت هذه المادة، يوجد خلل واضح فيما يتعلق بحماية الأطفال من مخاطر التسول واسوأ اشكال الاستغلال (بائعي سكائر، صباغي احذية، وبائعي المشروبات في التقاطعات) هذا الاستغلال تقوم به عصابات تنتشر في بغداد وباقي المدن الاخرى، تحت مرأى ومسمع من السلطات، وهو ما يحرمهم من كافة حقوقهم الاساسية والتي تتحمل فيها الحكومة المسؤولية الاكبر.

ان التزايد المستمر لتواجد الاطفال في الشوارع بالعراق تحديدا، هو نتيجة للظروف والاقتصادية والاجتماعية المتردية، وهو ما ادى الى غياب استراتيجية واقعية تقدم حلول تتناسب مع اعدادهم والكشف الحقيقي عن اسباب وجودهم في الشوارع، وتشارك في تنفيذ هذه الاستراتيجية مؤسسات الحكومة ومنظمات المجتمع المدني، والتعامل مع قضيتهم من منظور اجتماعي خطير.

في اغلب الاحوال لا يوجد سبب معين لترك الطفل للأسرة وتوجهه الى الشارع كنقطة تحول درامية, انما توجد عوامل وظروف عديدة متداخلة فيما بينها اساسها الاوضاع الاقتصادية والحروب وتفاقم مشكلات الحياة، وتزايد اعداد الارامل والايتام بسبب الحروب، ونظام تعليمي طارد للأطفال، مما هيئ لهم النزول للشارع وقضاء ساعات طويلة فيه والتشبع بقيم مجتمع الشارع، فضلا عن انقطاعهم عن الدراسة، ما جعلهم عرضة للاستغلال الجنسي، وحالات الاختفاء والانتحار وتعاطي المخدرات والعنف المسلط عليهم واستغلالهم من طرف جماعات ارهابية، ومن الصعب رسم صورة لهؤلاء الاطفال دون الوعي بكيفية تكييف عقولهم وابدانهم بمثل هذه المحن والشدائد، ان اكثر الحاجات لأطفال الشوارع هو توفير حقوقهم الاساسية في الحصول على الموارد المطلوبة لحمايتهم والارتقاء بعمليات نموهم الاجتماعية والنفسية والفكرية والصحية والثقافية.

لقد افادت منظمة (اطفال الحرب) وهي منظمة عالمية تهتم بشؤون الاطفال في البلدان التي تتعرض للحروب في دراسة لها على عينة كبيرة من اطفال العراق المشردين ان 40% منهم لا يؤمنون بقيمة العيش في هذه الحياة.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة