مقارنة بين دولة كافرة ودولة جارة مسلمة حول اغتصاب النساء

عذري مازغ
odrimazigh@yahoo.es

2019 / 8 / 20

حدثان في دولتين جارتين ومختلفتين طبعا في كل شيء يدعوان للتأمل والمقارنة الشاملة، من جهة لجسامة جرم الحدثين ومن جهة اخرى تقييم أثر الحدثين في مجتمع هذين البلدين بشكل يدعونا من جهة ثالثة إلى طرح اسئلة حول أهمية طرح بعض الأحداث في الفضاءات المفترضة:
الحدث الاول وسأضع رابطا له أسفله هو ما يعرف في إسبانية بقضية "الحزمة" (la manada) بمنطقة بامبلونا (pamplona) وهو حدث استدرج فيها خمسة شبان (أبناء عائلات غنية) شابة في مقتبل العمر واجبروها على ممارسة الجنس معها ومص اعضائهم التناسلية وصوروها أيضا وهم يمارسون عملهم الشنيع ويضحكون ويتنابزون استمتاعا بالحدث، قدمت السيدة شكاية إلى المحكمة واعتبر القضاة حينها بناء على معطيات الصور المقدمة الموجودة في هواتفهم وهاتفها الذي انتزعوه منها أيضا بأن الأمر لايعدو أكثر من تحرش جنسي وتخلي سبيلهم بأحكام فارغة(1) ، كان الحدث انتشر في الفضاءات المفترضة الإسبانية بشكل كان الرأي العام ينتظر كلمة العدالة في الأمر بمجرد نطق المحكمة بتلك الأحكام الفارغة كما سبق،اهتزت إسبانيا كلها جنوبا شرقا غربا وشمالا، في كل مدينة وقرية مسيرات عارمة بدون حتى الترخيص للتظاهرة تحت شعار: "إنه اغتصاب وليس تحرش". وبعد ذلك استمرت المظاهرات حتى أعيد حكم الجناة..
تحت ضغط الشارع الإسباني ، الحركات النسوية اليقظة، اعيدت محاكمتهم استنافيا ليعاد تشخيص تلك المواد التي منها استخلصت المحكمة الاولى التحرش الجنسي ليتاكد هذه المراة أن الامر ليس تحرش جنسي بقدر ما هو اغتصاب حدده أحد القضاة في عشر اغتصابات وحكمت المحكمة هذه المرة ب15 سنة نافذة لكل واحد منهم. الرابط الذي يفيد الحكم الأخير هو:
https://www.eldiario.es/sociedad/violacion-Supremo-XX-miembros-agresion_0_912359267.html
الحدث الثاني حصل في دولة الشعب البوذي الآخر الذي يسجد للبشر وليس البقر على براءته المعهودة، دولة المغرب في قضية اختارت لها الفضاءات المفترضة كلمة "أولاد لفشوش" وهم ابناء عائلات نافذة أيضا، ابن مستشار قضائي سابق أو قاضي لا أدري، ابن بنكي وابن نائبة لوكيل الملك، استدرجوا فتاة قاصر (سطر على قاصر) اغتصبوها بشكل نتج عنه حمل (سطر على حمل أيضا) وحكمت المحكمة لصالحهم بناء على خرافات قضائية : ملتمس محاميهم باعتبار الجناة تخلو ملفاتهم العدلية عن سوابق وتنازل شفهي من الطفلة (مقابل كعكة على ما أظن) لأحد الجناة وليس كلهم. حكمت المحكمة ب: من حيث التعتيم الإعلامي، بعضهم أشار إلى شهرين(2) والبعض أشار إلى الصراح المؤقت. ومرة أخرى تفاعل المجتمع البوذي المغربي مع الحدث بنفس عقلية تعامله مع حدث إحتراق الطفلة في سياج نافذة منزلها بمنطقة علال البحرواي بإقليم الخميسات، تفاعل المغاربة بنشر رابط الحكم لمواقع إعلامية معتمة لنيل مزيدا من اللايكات في صفحاتهم الفايسبوكية، لا تظاهرة، لا حركة نسوية ولا مجتمع غاضب ولا هم يحزنون، شعب يمارس غضبه فقط على ممثلة مارست الدعارة في فلم وليس حتى في الحقيقة.. هنا الرابط لموقع أشار للحدث ويحمل المقال في ثناياه التعتيم الذي أشرت إليه ويمكن مقارنته أيضا بالرابط الإسباني أعلاه:
https://arabic.rt.com/middle_east/1036616-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D8%A8%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%804-%D8%B3%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%AD%D8%AA%D8%B1%D9%82-%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%85-%D8%A3%D8%B9%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B3/#

المثير هنا طبعا هو تفاعل شعبين جارين حول حدث اغتصاب مع تسجيل التفاوت الموضوعي مع الحدثين:
الحدث الإسباني: خمسة أشخاص وليس ثلاثة، المرأة راشدة (18 سنة او فوقها بقليل) اختلاف التعاطي في الحكم كان حول طبيعة استدراج المرأة ، الحكم الاول استند إلى كونها ذهبت معهم بمحض إرادتها واستند أيضا إلى إغرائها بناء على لباسها كما لو أننا في مجتمع إخوان المسلمين، والحكم الثاني في نفس القضية اعتبر الأمر حدث ليلا وتحت تأثير الخوف فهناك خمس ذئاب، والمهم في كل هذا هو تفاعل شعب "كافر" مع حدث الإغتصاب من حيث الترقب والجهوزية والتفاعل التضامني وصولا إلى الإنفجار في تظاهرات عارمة ولمدة أسابيع ابانت فيه الحركة النسوية على انها القوة القاهرة في المجتمع الإسباني وفرضت إقاعها على الانتخابات الإسبانية الأخيرة.
الحدث المغربي ثلاث ذئاب راشدة استدرجوا طفلة قاصر وتناوبوا عليها وحصل حمل نتيجة له فيما بعد ذلك، ساكون كافرا بقضايا المرأة إذا قلت بأن متابعة الأمر في الفضاء المفترض كان ساخنا كما في إسبانيا (أغلب أصدقائي في المغرب في الفايسبوك"تقدميون"، ليبراليون)، بعضهم نشر الخبر من باب النية في الله وفي الحق، لم نرى حركة نسوية، لم يحضر أحد في محاكمة القضية، لم يكن هناك تضامن، لا جهوزية ولا حياة أو شعور لشعب ميت أصلا قد تكون الضحية في مثل هذه الأمور اختك، امك، ابنتك او أي سديم آخر، أما هل هناك استئناف او حكم آخر فالله أعلم لأن ليس هناك متابعة لا تتعدى وضع علامة إعجاب أو قلق أو غضب في الفايسبوك لقلة من الأحرار.
الهوامش:
(1) الأحكام في إسبانيا تعتمد خاصية السوابق العدلية أيضا ويكون الحكم بالصراح المؤقت إن لم تكن هناك سوابق عدلية والعقوبة أقل من 18 شهرا، إذا كانت العقوبة مثلا سنتين سجنا ف 18 شهر تعتبر صراح مؤقت و6 أشهر سجن نافذة
(2) مقارنة بالهامش (1) الخاص بإسبانيا العقوبة بشهرين ليس لها أساس نهائيا، كان الافضل ان تحكم المحكمة بالبراءة دون هذه التفاصيل المزعجة



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة