التحرش الجنسي، لماذا لايمكن لوم الضحية!

شيرين عبدالله
shirin040@gmail.com

2020 / 7 / 11

من ازقة افغانستان وشوارع واسواق المدن العراقية الى مدارس اثيوبيا والى استوديوهات هوليوود وقاعات البيت الابيض وغيرها تتعرض الفتيات والنساء يوميا الى اشكال من التحرش والتطاول الجنسي المخفية او العلنية مثل التعليق ،التصفير ،الملاحقة ،اللمس الغير مرغوب فيه، رسائل بريدية او الكترونية، والاغتصاب والاستغلال الجنسي...
بينما توجد اسباب كثيرة تساعد على انتشار هذه الظاهرة كسيادة العادات والتقاليد الذكورية وانعدام القوانين التي تحمي حقوق المراة...وغيرها، يجادل البعض بان اللوم يقع على الضحية (التي هي عادة الأضعف والأقل قوة في أي سيناريو) بدلا من الجاني. وان هذا رد فعل بشري شائع ومحبط جدا، لأنه يتجنب معالجة القضايا الأكبر واي تحدي للوضع القائم.
لنتامل قليلا في اسباب ذلك:
حسب الدراسات ليس لدى الطفل او الطفلة، على الاقل في السنتين الاولى من العمر، وعيا بالقوالب الجندرية ولكن المجتمع من حولهما رسم لهما هذه القوالب. فبدءا بالوان ثيابهما (الازرق للولد والوردي للنت) الى نوع الالعاب والى الوظائف والادوار الاجتماعية المتاحة لهما وطريقة الكلام والمشي واللبس... وتتكون لدى الجنسين منذ سن مبكرة فكرة واضحة عن ادوارهما وماهو مقبول اوغيرمقبول للذكور اوالاناث ويتم غرس هذه الافكار يوميا من وسائل الاعلام وعائلاتنا والمجتمع من حولنا.
وهكذا يرسم المجتمع قفصا يمكن للفتاة ان تعيش في اسواره وهي ان حاولت تخطي هذه الحدود ينصب عليها انظارالمجتمع وتصطدم بمنظومة اجتماعية كاملة باعتبارها مخالفة للوضع القائم، فتصبح عرضة للاتهامات والشائعات مما يولد لها فقدان الامان والشعوربالذنب والخجل والهزيمة. وهي غالبا ماتلقى اللوم من الاناث من حولها مما يزيد الضغوط النفسية عليها وان نفس هذه المنظومة الاجتماعية تبرر لمن يتطاول عليها. ولهذه الاسباب لاتدون الاغلبية العظمى من حالات التحرش والتعدي الجنسي لان اجتياز هذا الحاجز يتطلب جراة واصرارا كبيرا من الفتاة وكل من يدعمها.
ولكن المشكلة ليست هنا، بل المشكلة هي ان المراة بامكانها التحكم بما تلبسه او طريقة كلامها او مشيها و..الخ ولكنها لاتستطيع التحكم بتصرفات الاخرين او تفسيرهم لتصرفاتها. فمثلا، تدرج منظمة هيومن رايتس ووتش على صفحتها الالكترونية في فيديو عددا من المخاطر التي تتعرض لها الفتاة الافغانية في طريقها الى المدرسة، فهل هذا يغني ان الفتيات مخطئات في الذهاب الى المدرسة ام الخطا هو في فيما يجري في البلد ومن حولها.
يمكن القول بان الاثارة الجنسية لدى الرجال تختلف عن النساء او كما يشير البعض الى الكبت الجنسي كسبب للتحرش والاعتداء الجنسي ولكن ذلك لايعني أنه اثارتهم شيء لابد منه وخارج نطاق ضبط النفس. قد تكون الإثارة الجنسية شيئًا قويًا، لكن الدماغ لديه أيضًا العديد من العمليات تعطي الايعاز بقمع السلوك الجنسي فتقول له "هذه ليست فكرة جيدة، لا تفعلها". فان المسبب الوحيد للتحرش الجنسي والاغتصاب هو المتحرش والمغتصب.
ان لوم الضحية هو جزء من عملية صراع القوي ضد الضعيف، بنفس الطريقة الفقير هو السبب في فقره وليس النظام المبني على اساس اللامساواة، والهدف منه بالاضافة الى اسكات الضعيف وكل من يحاول مساعدتهم وابعاد النظر عن الجناة والاهم من ذلك التاكد من الابقاء على النظام الاجتماعي الذكوري الذي يهيء لهذه الظاهرة ويغذيها.
8.7.2020



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة