المرأة القيادية بين الإرادة السياسية وسطوة الثقافة

سهام الخفش

2021 / 1 / 30


قبل أيام اسدل الستار عن مناقشة مضمون“مبادرة سياسيات حول تعزيز مساواة المرأة في المناصب القيادية”، من قبل جمعية عمان لحقوق الانسان بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدُّولية (USAID) وجهات أخر تطوعية ووزارة التنمية السياسية ، حيث اثنى المشاركون في الورشة على هذه الورقة القيمة وأجمع الحاضرون على أن القيادية تحتاج إلى إرادة سياسية وتغيير في ثقافة المجتمع ..
عندما نتحدث عن قانوني الاحزاب والانتخاب أو الإصلاح السياسي بعضهم يقول: لا توجد إرادة سياسية حقيقية نحو التغيير، ثم يزعم أمين عام وزارة التنمية السياسية بأن قانون الانتخاب لدينا من أفضل القوانين في العالم ..
في حقيقة الأمر ما زلت لا أدرك المعنى الحقيقي لمصطلح الإرادة السياسية ، أو أنني أتوقع وراء هذا المصطلح ما هو أعمق .
عندما نتناول مفهوم الإرادة اصطلاحا ، فيعني ذلك الإرادة والرغبة الشديدة لفعل شيء ما ، وفلسفيا، الانسان بذاته هو محرك السلوك الإنساني ، وارتباط الإرادة بالعقل والحرية ما يميز الإنسان عن سائر الكائنات الحية ..
ولا تبتعد الإرادة السياسية بعيدا عن هذا المفهوم ، وهي جوهر السياسة وتنظم حياة الناس والفاعل السياسي ” فردا او جماعة أو مؤسسة ” وهي بالتالي بأيدي صناع القرار ومن هم يتقنون فن السياسة والعزف على أوتارها ..
أما ما يتعلق بثقافة المجتمع ونظرته الى المرأة والتغيير الذي نطمح اليه ، فيحتاج الى مئات المقالات والكتب لشرح ما معنى تغيير ثقافة المجتمعات وكم يحتاج من الوقت.
اذا هل نتركً تولي المناصب القيادية للمرأة بانتظار تغيير ثقافة المجتمع ونظرته الى المرأة ، وما زالت جرائم الشرف والعنف في ازدياد والمرأة تُذبح وتعنف وتُقتل بسبب أو من دون سبب كأننا رجعنا إلى عهد وأد البنات ، والعقوبات للأسف عاجزة عن علاج هذا السلوك أو الحد منه.
هل المطلوب أن أقنع زيد وعُبيد ومحمد وأحمد وغيرهم ، بأهمية تولي المرأة المناصب القيادية ..أم أقوم بعمل استفتاء عام ..هذا كلام لا يمت للمنطق بأية صلة وغير قابل للتطبيق .
الإرادة السياسية هي مفتاح الحل ، طالما أن جلالة الملك حفظه الله داعما للمرأة وحقوقها ، ما الذي يمنع وصول المرأة الى مواقع قيادية لم تصلها بعد ..
إن الخلل يظهر بوضوح في تولي المرأة المناصب القيادية كأمينة عامة ، أو نائبة رئيس ، مديرة عامة، أو محافظ …..، إذ تشكل النساء ما 7% فقط من شاغلي المناصب القيادية ، وهذه النسبة متواضعة جدا ، وغير مقبول موازنتها مع عدد النساء المؤهلات ، ومع مبدأ تكافؤ الفرص ، والدستور الأردني .
إن أبرز مظاهر الديمقراطية والتغني بها هو بمدى رفع مشاركة المرأة في الحياة السياسية بشكل خاص وإشغالها المناصب القيادية بشكل عام ، برغم مصادقة الأردن على العديد من الاتفاقيات الدُّولية التي تطالب بالقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة.
وما ورد في الدستور والقوانين النافذة في الأردن في مجال الحقوق والتشريعات قد أنصفت المرأة ومنحتها حقوقها نظريا ، ولكن في الواقع المُعاش نرى أن هناك ثغرات كبيرة وقد ظلمها الواقع وحرمها كثيرا من هذه الحقوق .
لا نريد إجراء مزيد من البحوث لحل لغز ” البيضة أو الدجاجةً ” بمعنى هل نغير المجتمع اولا أو خلق إرادة سياسية جادة ، والعالم قد وصل القمر
ووفقا لتجارب غيرنا من الدول المتقدمة لا يمكن ان يتم اصلاح سياسي ولا تنجح التنمية الشاملة المستدامة اذا لم يكن هناك دور ملموس في صناعة القرار لدى مستويات السلطة جميعها ..
الإرادة السياسية على المحك ، اذا لم تكن هناك ارادة سياسية جادة ، وتحجيم قوى الشد العكسي.سنبقى نعيش في حلقة مفرغة نعيد الاسطوانة ذاتها إلى أن يأتي الفرج ..نأمل مجتمعا افضل لنرى المرأة تتبوأ أعلى المناصب.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة