ما بعد نوال السعداوي وفرجيينا وولف وغرفة المرأة

جاكلين سلام
bread_rose2@yahoo.com

2021 / 3 / 24

رسالة كندا

عزيزتي نوال السعداوي،
كم نحتاج اليوم وغدا إلى شراستك، صلابتك، إيمانك أن الشعر الأبيض ليس عيبا. العيب في العقل الأعور الأبيض الذي يقود المنطقة إلى الجحيم، إلى حضن الخراب والتفرقة والجهل والتجهيل الذي حاربته بكل قوة!
عزيزتي نوال، يبدو الطريق إلى تحرير العقل متسخ بالفتاوى والتجهيل. انظري، الرجل الذي أرضعته امرأة من ثدييها، هو ذاته الذي يفتي برجم نساء منشغلات بالتفكير والتغيير. هذا الرجل الذي ولدته امرأة أنت قضيت عمرك وأياما في السجن لتحريرها من قبضة الذكورية الهرمية! لكنك لم تتحرر، ولم تربي طفلا، رجلا متحررا ذهنيا، للأسف.
ويبدو ان ذاك الرجل وأمثاله لا يستطيع أن يقبل التكافؤ والمساواة بين الجنسين.
المرأة ليست أثداء وأعضاء جنسية فقط . انها الجسد والفكر وتستطيع ان تلبس السوتيان والبنطال والفستان دون ان يحجب ذلك مقدرتها على انجاب جسدي ونخبوي مغاير. وكم مرهق ان نتكلم اليوم عن هذه البديهيات ونبحث عن مبررات لقبول حرية جنس الانثى ورغبتها ومقدرتها في أن تقلب الموازين الصدئة. نحن هنا ما نزال نتشاجر حول اسمك ومقامك. بعضهم يحبك وبعضهم يشتمك وما زلت تثيرين الجدل في غيابك كما في رحيلك.

خطوط التقاطع بين نوال السعداوي وفيرجينيا وولف
ألخصها في حق المرأة في الدراسة، الحصول على عمل ودخل مادي يساعدها على الاستقلال الاقتصادي ثم الفكري، والى مكان يخصها ويكون حصنها كي لا يقترب رجل من العائلة ويتحرش بها أو يمنعها من الكتابة.
وكما تعرفين عزيزتي، فرجينيا وولف مثلك دافعت عن حق المرأة بطريقتها وأنتهت الى الانتحار في مجتمع منفتح نوعا ما إذا ما قيس بالقرية والبلد الذي أتيت منه حيث النساء ما تزال تتعرض للختان سرا. لكنك كنت الأقوى وعشت الى التسعين، فيما هي انتحرت وعمرها 59 سنة.
فيرجينيا وولف تحدثت مثلك أو سبقتك في الحديث عن أهمية أن يكون للمرأة ( غرفة خاصة بها) كي تستطيع أن تكتب دون قيد وخوف. وكما تعلمين تلك الغرفة كي تكون يجب ان يكون هناك مصدر دخل خاص بالمرأة، ومساحة حرة للابداع دون قيد وإملاءات.
أصبحت تلك المقالة مقام بحث ودراسة في عدد من دول العالم لأنها تعتبر ما يشبه ( المانفيستو النسوي الأول حول المراة والأبداع). كما كانت كتبك كنزا لكثير من النساء والفتيات في الشرق.

كلمات الكاتب سمير درويش عن الدكتورة نوال السعداوي،
هنا شاهد وشهادة على عملك في الحقل الميداني الاجتماعي، كتبها الشاعر والكاتب المصري سمير درويش، رئيس تحرير مجلة ميريت الثقافية في صفحته على الفيسبوك إثر رحيلك يوم 21 مارس 2021، المصادف يوم عيد الأم في الشرق.
" نوال السعداوي من قريتي (كفر طحلة)، وهي قرية صغيرة جدًّا تابعة لمدينة بنها، وعبارة عن شارع واحد بتفريعاته، من عائلة السعداوي إحدى العائلات الأصيلة، وطبعًا ترتبط بقرابة ونسب كل العائلات الأخرى. إلى وقت قريب جدًّا جدًّا كان بيتها مميز في الشارع الرئيسي، لكن تم هدمه من حوالي سنة، وقيل إنها باعته.
شفتها أول مرة وأنا في رابعة ابتدائي، تقريبًا سنة 1970، جابت محافظ القليوبية لكفر طحلة وعملوا مؤتمر كبير علشان تعرض عليه مطالب الكفر وناسه، ومن يومها ودورها الاجتماعي معروف للجميع، وهي اللي سعت لدى المحافظة ووزارة الثقافة علشان يبنوا بيت ثقافة الطفل على أرض حكومية كانت تحت إيد بعض الناس واتنازلوا عنها لهذا الغرض.-
عرفتها بشكل أقرب في التسعينيات لما كنت بشتغل في اتحاد الكتاب، وعرفتها بنفسي وعائلتي، وكنت بكلمها من وقت للتاني وبشوفها أحيانًا، لكن كنت مبهور بتأثيرها الكبير على أجيال من الكاتبات والصحفيات اللي كانوا بيقعدوا تحت رجليها -حرفيًّا- بنوع من التقديس، لأن دورها في تحرير المرأة غير منكور.
كانت ساكنة في الخلفاوي على النيل، يوميًّا كنت بشوفها وأنا في الميكروباص، في طريقي لشغلي في اتحاد الكتاب، وهي بتجري بملابس رياضية على الكورنيش، هي وشريف حتاتة، وكانت تعدت السبعين، لكنها كانت ملآنة بطاقة كبيرة وحيوية لا توصف.. رغم الإشاعات اليومية عن موتها. مع السلامة دكتورة"

بالطبع نحتاج اليوم إلى شهادات الأصدقاء الرجال والنساء لإشارة الى جهودك التي محورها بناء أسرة متعلمة يتساوى فيها حق الذكر والأنثى في العيش بكرامة وحرية فيما يخص الجسد والعقل. وهناك عدد لا يحصى من المشيدين بمسيرتك الاشكالية، الجريئة في ذلك الزمان والمكان.
بمراجعة قصيرة لتاريخ المرأة في حقل الكتابة والحقوق، قمت اليوم بتسجيل فيديو قصير حول رسالة كل من اليس مونر، وفرجينيا وولف ونوال السعداوي، وذلك على قناتي الخاصة على يوتيوب. حين قدمت باختصار بعض الأفكار حول منابع كتابات المرأة، جمالياتها والعواقب التي كانت وما تزال تواجه المرأة الكاتبة-المختلفة، الحرة من التبعية.
شمعة لروحك والأمل لنا في أن نلقة نوعية ما ستحدث لا بد، عاجلا أم آجلا، وإلى أن يتم ذلك على النساء أن يواصلن الكتابة من أي مكان حتى وإن لم تكن الكتابة عظيمة فنيا وأدبيا.
هنا رابط الى الموضوع على قناتي – يوتيوب
https://youtu.be/e5jrkfQUOo8



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة