لماذا يقتل الأخ أخته؟

جاكلين سلام
bread_rose2@yahoo.com

2021 / 4 / 6

رسالة كندا
مرة اخرى، خبر عن امرأة سورىة قتلها أخوتها "الأخوة الأعداء" ولم يقتلها فايروس كورونا. امرأة قتلها أخوتها الذكور الثلاثة رميا بالرصاص بعد الضرب المبرح، ثم قاموا بدفنها في مقبرة في أطراف دمشق ( الديماس ) وبحجة أنها ذهبت ضحية الفيروس. استوقفتني بشاعة هذه الجريمة التي وقعت منذ أيام وبتاريخ 2 نيسان 20121 . ورد الخبر في أكثر من صحيفة وجرى نقله أيضا الى صفحة "الحوار المتمدن- أخبار النساء" . وليست هذه الحادئة لوحدها سببا للعودة الى هذا الموضوع.
حين نتابع نشرات الأخبار وأخبار النساء، يحزننني هذا القدر من العنف المسلط من قبل أفراد الأسرة على بناتهم وأخواتهم رغم أن النضال النسوي قطع أشواطا لا بأس بها فيما يخص جرائم الشرف والقتل لغسل العار وما إليه.
في هذه الجريمة التي ما تزال قيد التحقيق كما تشير الأخبار المقتضبة الواردة في هذا الشأن، لا أستطيع إلا أن استنكر هذا الفعل الشنيع الذي يتكرر وتكون ضحيته المرأة.
وعلى هامش هذه الجريمة وغيرها أستطيع أن أتخيل بعض الاحتمالات التي بموجبها تقتل النساء في الشرق حتى يومنا هذا:
الاحتمال الأول: يرتكب الذكر جريمة قتل امرأة من أسرته أو عشيرته بذريعة غسل العار الذي سيحلق بهم في حال اشتباه وجود علاقة جنسية غير شرعية حتى وإن كانت مجرد شبهات.
الاحتمال الثاني: يقتل الأخ أخته لأسباب تخص الاقتتال على الإرث الذي يتركه الأهل. وإن لم يصل الأمر ببعضهم لحد القتل، فهو يصل لحد القطيعة والتشهير والكراهية العمياء بين أفراد الأسرة الواحدة.
الاحتمال الثالث: يقتل الأخ أخته لأنها ترفض أن تبقى خادمة مطيعة تلبي احتياجات الأسرة بصمت وخنوع حتى وإن تعرضت للتحرش الجنسي من قبل ذوي القربى.
الاحتمال الاخر: قد يكون للمرأة صوت ورأي يخالفهم ويزعجهم، وربما لها شخصية حرة تحمل أفكارا لا تتفق مع تخلفهم. مجرد الاختلاف في الرأي قد يطلق شيطان التسلط من عقاله ويجعلها ضحية الجهل.
احتمالات أخرى؟! نعم، هناك احتمالات ما دام هناك عقليات ما تزال تتغذى على الجهل والتفرقة الجنسية والعقلية البطريركية التي تستمد شرعيتها من سطوة العادات والتقاليد والعرف الاجتماعي الذي يتقاطع مع الديني أحيانا.
وبغض النظر عن الدافع والاحتمالات، لاشك اننا أمام فجوة رهيبة في نفق التقدم الاجتماعي الذي تطمح منظمات المجتمع المدني لردمه. وللأسف يبدو أن الوصول إلى تلك المساواة المنشودة بين الرجل والمرأة في كل الأعمار، ستبقى أمنية عسيرة وشائكة وتزداد صعوبة في البلاد التي تندلع فيها الحروب وتنتشر التنظيمات الدينية المتشددة التي تعتبر المرأة سلعة للجنس والمتعة والإنجاب والطاعة المطلقة.


صور أخرى لقتل المرأة في الشرق والغرب:
في البلاد التي يسودها الفساد وغياب القانون المطبق بنزاهة تبقى النساء مهددات بالتصفية جسديا ومعنويا وسيكولوجيا.
1-حالة أولى: حين تتعرض المرأة للاغتصاب في الحروب أو في ظروف اخرى تبقى على قيد الحياة، لا شيئ يحميها من الإعاقة السيكولوجة والرعب النفسي والمعاناة التي تبقى شاخصة كالكابوس الذي تعاني منه الضحية في اليقظة والمنام. والأقسى من ذلك أن تجد المرأة نفسها حاملا لجنين لم ترغب به وبالتالي يبقى عليها أن تعتني به لاحقا اذا بقيت على قيد الحياة.
2- حالة ثانية: تقتل المرأة نفسيا حين يحاول المجتمع والاسرة النيل من صورة المرأة الداعية للحرية التي تسعى لقلب المفاهيم العتيقة واستبدالها بمفاهيم أخرى عن العدالة والمساواة ونبذ التفرقة الجنسية والطبقية والعرقية والدينية. وهذا قد يطال الناشطات النسويات والكاتبات والشاعرات اللواتي يسعين الى طرح خطاب يسعى الى اختراق التابو والمحرمات(الجنس والدين) بغية تحريض المتلقي على التفكير في بدائل أخرى انسانية وجمالية تناسب المرحلة المعاصرة وتضمن للأفراد كرامتهم وحقهم في الاختيار والتعبير عن الرأي.
3- حالة ثالثة: يعجز أحيانا الأخوة الذكور عن قتل أخواتهم فعليا، فيذهبون بطرق ملتوية الى تعذيب الأم والأب وقتلهما معنويا ونفسيا وذلك بإهانتهم من خلال النيل من سمعة الاخوات البنات واتهامهما بالتقصير في التربية والتوجيه القويم، والذي لا حيلة له( ولها) على أرض الواقع. وحين يكون وعي الأم أو الأب تقليديا، يكبر الشرخ وحدة الاختلاف بين البنات والامهات والآباء وبتحريض أصحاب العقلية الذكورية العمياء.
4- حالة رابعة: الأم والأب يتنكرون لبناتهم ويرفضون إدامة العلاقة معهم بل يصل بهم الحد لشطبهم من السجل العائلي، او يعلنون اجتماعيا ( البراءة من الانتماء) اليهم، وتلك قطيعة مرعبة ولا تقل خطورتها عن القتل الجسدي. ويحدث هذا أحيانا بين الأسر المهاجرة، حيث يتعدز على ذكور لعائلة التحكم الكلي بحياة الفتاة الناضجة، العازبة، والمطلقة.

بالمحصلة، لا جريمة أجمل وأرحم من جريمة على أي حال. القتل المعنوي والتعذيب النفسي يوازي القتل الجسدي في نظري. ونساء الشرق كما نساء العالم بأمس الحاجة اليوم للعيش بكرامة وسلام مع أفراد الأسرة في الوقت الذي يحصد الفيروس – كورونا- الأرواح ، وتقتل الحروب الصغيرة والكبيرة النساء والرجال والأطفال.
لا أدري من أين يستمد المجرمون قوة القتل، ولا أدري كيف ينامون وكيف يحتضنون أولادهم وزوجاتهم وهم في الآن ذاته يهينون جنس المرأة بكل صور القبح والانتهاك من مساحة الفرد الشخصية.
متى سيتحرر الإنسان العربي والشرقي من سطوة هذه العقلية؟
لا شك أن تغيير القانون والدستور المدني يساهم في صنع التقدم ولكن ذلك يجب أن يتماشى مع التوعية الاجتماعية التي يجب أن تدخل إلى البيوت والعقول من خلال الإعلام وشاشات التلفزيون، مع الحد من البرامج التي تعمل على تصاعد نعرات التفرقة الدينية والجنسية
. ويبقى الحلم الأزلي وهو إيقاف الحروب- القادمة الآن.!



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة