الغاية والدلالة من تعديل قانون الاحوال الشخصية

علي عرمش شوكت
aashokat@hotmail.com

2021 / 7 / 8

منذ سقوط النظام الدكتاتوري لم تتوان قوى " الاسلام السياسي" الحاكمة لفرض اجندتها المنطلقة من مشروعها الهادف لتاسيس الدولة الدينية. الا انها قد واجهت المجتمع العراقي ذات الطبيعة المدنية على الاغلب، التي بنيت خلال عمر الدولة العراقية. حيث تأسست على هذه القاعدة الحضارية ، غير ان هذه الاوساط تطرح بين اونة واخرى، بعض مفاصل مشروعها تحت ذرائع مختلفة . واستمرت ماضية نحو مرماها الحساس. وكان اول فريسة انقضاضها هو قانون الاحوال الشخصية .. وبدءا ذي بدءً بشرت بقانون بديل سمته " القانون الجعفري " والحقته بمشروع اباحة تزويج القاصرات، واليوم تطرح قضية حضانة الاطفال بعد الطلاق حيث يتم بموجبه تحويل الحضانة من الام الى الاب بدءاً من عمر سبع سنوات، بعد ان كانت قد حددها القانون السابق رقم 188 لسنة 1959 بخمسة عشر عاماً.
ان اثارة هذه المسألة الشائكة في غداة الانتخابات البرلمانية ليست ببعيدة عن غاية سياسية يكرس استمارها بالدعاية الانتخابية، متجاهلون ان هذه الخطوة من شأنها اثارة الصخب في التماسك الاجتماعي وتأسس منصات اجتماعية متصارعة تنطوي على تعميق التمحور والتناحر بين العوائل المتصاهرة، والفصل الحضاري بين المدنيين والمتدينين. وفي هذا المسلك تتوهم هذه الجهات بانها ستصل الى مساحة يمكن ان تجد فيها فئات ذات مستويات قليلة الوعي الثقافي والاجتماعي سهلة التجاوب العاطفي معها، ويمكن ان تؤيدها في هذا المنحى المعاكس للتطور المدني.
ان قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 الحالي قد تم تأسيسه على قاعدة حضارية وانسانية. كما اشترك في اعداده مختلف الاوساط العلمية والدينية والثقافية، ومنظمات المجتمع المدني، وكانت الحصيلة بقانون رصين. ولهذا لم يتمكنوا من استهدافه جملة وتفصيلاً مع انهم سبق ان جربوا باصدار ما سمي بـ " القانون الجعفري" وكان مآله الفشل. فاخذوا يتناولون بعض بنوده الواحدة تلو الاخرى. حيث تستهدف اليوم مادته " 57 " التي تعنى بحضانة الاطفال بعد الطلاق..التي طرحوا تعديلها لصالح الاب.ان الصيغة التي يعتمدونها مفعمة بعوامل الظلم للامهات، ومن شأنها اثارة الجدل والاختلاف المؤثرة سلباً على رصانة المجتمع العراقي.
لا يغرب عن بال عارف بمستويات التفكك العائلي في العراق الذي وصل الى ظاهرة تدمي القلوب. ففي كل يوم تحصل مئات وقائع الطلاق. هذه هي الحلقة المركزية التي ينبغي تسليط الضوء عليها.. ان التبحر في صلب هذه الظاهرة يدلك مباشرة الى منهج اباحة تعدد الزوجات، والاتعس منه ما يسمى بـ " زواج المتعة " كما يمضي في ظل هذا وذاك تزويج القاصرات المشرّع لدى القوى صاحبة مشروع التعديل، مستغلين حالات الغنى التي غمرتهم من جراء ممارسة الفساد المالي والاداري، الذي يقابله بوجهه الاخر، الافقار المتقع لاغلبية المجتمع العراقي مما يطلق حالات الزواج غيرالعادلة وبابخس شروط و مهورالزوجات غير المنصفة.
وتكشف لنا هذه الاحوال حيثيات دعوة الاوساط لتغيير قواعد حضانة الاطفال بعد الطلاق. وكأنهم يقولون: دعونا نمهد لممارسة " حقنا " بالزواج { المثنى والثلاث والرباع } متكئين على المفاهيم الظلامية التي امست مخالفة لتطورات العصر.. كما ان لسان حالهم يقول: نقوم بالتعديل لكي لن تعيقنا مصائر الاطفال ونضمن ان يعود مرجعهم لنا.. هذه دواعي تغيير المادة " 57 " من القانون التقدمي، والذي ويعد اخر ما تبقى من انجازات ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة عام 1958 بقيادة الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم دون ان يعيروا اي حق للامومة ومصير المطلقات وتداعياته الاجتماعية.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة