ليلى (أُمي)

شيري باترك
sherypatric2005@yahoo.com

2021 / 7 / 21

لَم أذهب إلى المدرسة إلا يومًا واحد ، ثم جعلني أَبي اَعمل في حَقله.. ( أنا ماروحتش المدرسة غير يوم واحد بس.! وابويا خلاني اشتغل في الأرض😢---) هكذا قالت : أُمي لي هذه الكلمات أكثر من مرة وكان يبدو عليها الاشتياق إلى التعليم ..
يبدو عليها قسوة الحرمان من الطفولة ..
يبدو إنها عانت بسبب العمل بالحقل في سن مُبكر ..
يبدو إنها اجتازت معاناة كبيرة لم تجعلني اجتازها ..بل منحتني قوة جعلتني أَدرس في أَكثر من كُلية. بداخل أَكثر من مُحافظة . وها أنا في هذه الأيام اُنهي رسالة الدكتوراة الخاصة بي وهي ذات نمط اجتماعي والتي تُظهر بعض جوانب التسامح في المجتمع المصري ، ولدي حُلم كبير أن أكون عالمة في مجال علم النفس عبر الثقافات ...
كل هذا ومازالتُ أتذكر كلمات أُمي وأفتخر بها وأيضًا أتذكر مدى قسوة حرمانها من التعليم وعمالة الأطفال..
لقد نُقشت تلك الكلمات على جدران عقلي.. بل صارت شمسًا تشرق باستمرار لتذكرني إنه بإيمانها بي أصبحتُ أنا. حقًا الأُم ملاك الرب الذي أُرسل ليعين ضعف المتألمين أمثالي ..

أنا لا أَعلم لماذا سِرتُ في هذا الطريق المختلف المملوء بالتحديات..
بالصعوبات..
بالسخرية ممن يمتلكون ألسنة ولا يمتلكون عقولًا..
حقًا لا أعلم لماذا سِرتُ في هذا الطريق ؟
هذا الطريق الذي ينادي بإنجاب الأفكار ولا بإنجاب الأطفال..
هذا الطريق الذي يمنح الفتاة حق عيش الطفولة دون عمل .. حق التعليم .. إلى آخره.
لماذا فعلتُ كل هذا .. هل فَعلتُ ذلك لأقول لها إننا واحد ودربكِ دربي فأنا بنت أحشائها ؟
أَم إنني أَردتُ أَن أجعلها فخورة بي مدى الحياة . .
كما كنت ومازالت فخورة بها ..
إن كنت لا أعلم لماذا أتسأل اليوم عما أنا عليه فأنا أيضًا على يقين أن أُمي ليس فقط هي مَن جعلتني أعيش ويكتمل جسدي داخل رحمها وإنما في رحم الحياة أيضًا جعلتني انمو وأتميز ..وأبدع في مجالات عديدة رغم كل شيءٍ

أُمي مثل أمهات كثيرة
سيدة ريفية بسيطة تهوى العمل لديها أفكار مُختلفة ..
تساعد أَبي كثيرًا..
تُحاول دون ملل ..
دون كسل ..
فهي بيت المحاولة..
أُمي تُحب الحديث معي ..
تُحبُ صدقي في التعامل ..
تعشق وضوحي ..
لدى أمي حس الدعابة حينما تراني أرتدي ملابس لا تُناسب القرية ونضحك سويًا..

هكذا يقولون الأصدقاء: إنني أشبه أبي ولكن أبي أجمل وأوسم مني ، ولكنني على يقيين إن روحي وعقلي ووجداني تشبه أُمي ... أُمي التي لم تُبالي يومًا بالأزمات ، فمع كل أزمة كُنت اسمع همساتها وتُصلي إلى الله لكي تُشرق الشمس وتتبدد الغيوم ..

أنا أريد أُمي فقط..
كُتبت هذه الكلمات في إحدى المستشفيات الجامعية بالمنيا



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة