بمناسبة اليوم الدولي للمرأة الريفية في 15 / اكتوبر / تشرين الأول الواقع المتردي الذي تعيشه المرأة الريفية في العراق في ظل التقاليد العشائرية

عادل عبد الزهرة شبيب
adelshibeeb@ymail.com

2021 / 10 / 4

تضطلع النساء الريفيات بدور واسهام حاسمين في تعزيز التنمية الزراعية والريفية وتحسين مستوى الأمن الغذائي والقضاء على الفقر في الأرياف .
وتشير الإحصائيات الى أن كثيرا من النساء الريفيات ليست لديهن الفرصة المتاحة للرجل فيما يتعلق بالحصول على عمل يجلب مستويات أعلى من الأجر بل أن المرأة الريفية تتعرض ايضا لخطر كبير ناجم عن اساءة المعاملة والتحرش والأشكال الاخرى من العنف القائم على النوع .
كما أن المرأة الريفية بشكل عام لا تعرف معنى الحياة السياسية لضعف التوعية والجهل والامية وللأعراف العشائرية التي تحدد من حركتها ونشاطها , فكيف تشارك وهي لا تعرف القراءة والكتابة ؟ في الريف لا توجد مساواة بين الرجل والمرأة , فالمرأة في الريف يقتصر عملها على تربية الأولاد والعمل في الحقل وانجاز الأعمال المنزلية , في حين أن المرأة في المدينة وضعها افضل نسبيا في التعليم والعمل في مؤسسات الدولة المختلفة اضافة الى المشاركات السياسية وهي اكثر تحررا من المرأة الريفية المحاطة بالتقاليد العشائرية والدينية والتي هي اكثر اضطهادا, اضطهاد الرجل ( الأب , الزوج , الأخ , ابن العم والأقارب , والعشيرة ...) .
ان المرأة الريفية تشارك الرجل بأعمال الحقل ورعي الأغنام والماشية فتساهم بذلك في زيادة دخل الأسرة وتحسين مستواها المعيشي وهي تتحمل كافة الأعباء المنزلية اذ انها تؤدي الدور الانجابي والدور الاجتماعي والدور الانتاجي في ظل الاضطهاد وعدم التقدير .
ما المقصود بالريف ؟ الريف هو عكس الحضر وهي المناطق الزراعية , ويختلف الريف كثيرا عن المدن من ناحية الحجم والتجانس والحراك الاجتماعي والناحية التعليمية , ويعتبر الريف في البلدان المتخلفة في حالة تبعية كاملة للمدينة اذ ان الخدمات التعليمية والصحية والترفيهية تتركز اغلبها في المدينة دون الريف اضافة الى توفر الكهرباء والماء الصالح للشرب والخدمات البلدية وتوفر فرص العمل وهذا ما يدفع اهل الريف للجوء الى الهجرة الى المدن.
اما المرأة الريفية فهي تلك المرأة العاملة في الريف وتعتمد على الموارد الطبيعية والزراعية لكسب العيش . وللمرأة الريفية دور مهم وأساسي في توفير الأمن الغذائي.
تعاني المرأة في الريف العراقي الأمرين بسبب صعوبات العمل في الزراعة التي تتطلب منها السقي وجني المحاصيل اضافة الى رعي الأغنام والماشية . وبينما يحتفل العالم في الخامس عشر من اكتوبر من كل عام باليوم العالمي للمرأة الريفية فإنه لا يمكن انكار الواقع المتردي الذي تعيشه المرأة الريفية في العراق حيث فشلت المؤسسات الحكومية والبرلمانية في وضع التدابير والخطط اللازمة لإنقاذ المرأة الريفية من واقع الظلم والتخلف والجهل وانعدام الرعاية الصحية والتقاليد العشائرية التي تحتقر المرأة. وقد اصبحت المرأة الريفية في العراق ضحية بسبب التقاليد والانتهاكات التي تمارسها العائلة والعشيرة بحقها, ولم نلمس اي جهود من قبل الحكومات المتعاقبة لإيقاف تدهور الوضع للمرأة الريفية , اضافة الى ذلك فإن القطاع الزراعي في العراق عموما يعاني التخلف والاهمال والتدهور الكبير بسبب الظروف الأمنية والاقتصادية والجفاف ولم نلمس اي تغيير على ارض الواقع بسبب الفساد المستشري واصبح العراق يستورد سلة غذائه من البلدان المجاورة . ويظهر واقع الريف العراقي ان نسبة الفقر فيه اعلى منها في المدينة الأمر الذي اثر بشكل مباشر على المرأة الريفية التي يقع على عاتقها العديد من المسؤوليات, ويذكر ان الحروب التي شهدها العراق وعمليات العنف والسياسات الزراعية الخاطئة للحكومات المتعاقبة ساهمت في تردي الواقع الريفي العراقي وانعكاس ذلك سلبا على المرأة الريفية التي تشكل عصب الحياة في الريف نظرا للمهام والواجبات التي تقوم بها في البيت وفي مجال الزراعة. كما تعاني المرأة الريفية في العراق من مسألة الزواج القاصر خارج المحكمة حيث يوجد عدد كبير من النسوة الريفيات ممن لا يملكن عقدا مصدقا في المحاكم , الأمر الذي ادى الى ضياع حقوقهن وحقوق ابنائهن في بعض الأحيان, وان حقوق المرأة الريفية مسلوبة من حيث الميراث وسيطرة الرجل وخضوعها لأنظمة واعراف وتقاليد العشيرة , وان واقع المرأة الريفية هو جزء من واقع المرأة العراقية لكنه اسوأ عن المرأة في الحضر, فالممارسات العشائرية وتقاليدها تكون اكبر وأوسع حيث تعاني المرأة الريفية من قلة التعليم ومنع الفتيات من الالتحاق بالمدرسة وغياب او ضعف الرعاية الصحية وسوء الوضع الاقتصادي فهي تعمل في حقول زوجها او ابيها او اخيها وبالتالي لا تحصل على اجر مقابل العمل. واثر داعش الارهابي على حياة المرأة الريفية وخاصة في محافظة نينوى حيث مارس القتل والاختطاف والسبي والبيع كما حصل في قضاء سنجار .
لقد اكد تقرير اصدرته وزارة التخطيط العراقية حول خطة اهداف التنمية المستدامة (2015 -2030) التي وضعتها الأمم المتحدة , ان العراق لم يستطع ان ينجز ما كان مقررا في اجندة الأهداف الانمائية للألفية فيما يتعلق بالنهوض بواقع المرأة بسبب الصراعات والعنف المتزايد في البلاد , وعلى العكس ما كان متوقعا حصل تراجع كبير في العديد من المستويات التنموية المتعلقة بالمرأة . ويشير الخبراء ان واقع المرأة الريفية سوف لن يتغير اذا لم تكسر القيود العشائرية واحداث سلسلة من الاصلاحات في المجتمع الريفي .
ان الريف العراقي ريف ذكوري القرار , نسائي العمل , وقد ادى انحسار ضروريات الحياة من كهرباء وماء وخدمات صحية وتعليمية مع تدهور قطاع الزراعة والتربية الحيوانية في العراق الى هجرة الرجل الى المدن لتتحمل المرأة مسؤولية العمل في الريف.
في العراق عموما وفي الريف بشكل خاص ما زالت التقاليد والعادات العشائرية التي كانت مرتبطة بالعلاقات شبه الاقطاعية التي تهين المرأة وتعتبرها ناقصة عقل وعاجزة عن التفكير والتصرف العقلاني وما زلنا نرى في الريف العراقي عندما يأتي ذكر المرأة في حديث بين الرجال يرفقها الرجل بكلمة (( حاشاك )) وكأنها شيئا محتقرا او غير نظيف وليست انسانا كالرجل , وهو تعبير يحط من قدر المرأة .
والمرأة الريفية في العراق غير مستقلة اقتصاديا عن الرجل بل انها خاضعة وتابعة لسطوة ( سي السيد) وهيمنته الكاملة اجتماعيا واقتصاديا .
اما فيما يتعلق بالدستور العراقي فقد اقر مبدأ المساواة بين العراقيين في الحقوق السياسية والمدنية وتولي الوظائف العامة وحق الاقتراع والترشيح لكل العراقيين لمن تجاوز سن الثامنة عشر من العمر للمجالس النيابية ومجالس المحافظات .
من الضروري النهوض بالريف العراقي عموما وبواقع المرأة العراقية والمرأة الريفية بشكل خاص ومعالجة اوضاعها من خلال :-
1. القضاء على الفقر والنهوض بواقع المرأة المعيشي .
2. محو الأمية وفتح المدارس في الريف وتعيين المعلمين ذوي الكفاءة العالية والخبرة في التعليم في المناطق الريفية .
3. تطبيق التعليم الالزامي في الريف وفي العراق عموما ومحاسبة الأهل في حال عدم قبولهم تعليم ابنائهم وان كان فقط المراحل الأساسية .
4. تحسين وضع الريف وتقليل الفوارق بين الريف والمدينة .
5. توفير المدارس المناسبة في الريف وتوفير النقل للمناطق البعيدة حتى يتمكن الأهل من ارسال ابنائهم .
6. زيادة التوعية للأسر الريفية .
7. احداث سلسلة من الاصلاحات في المجتمع الريفي والعمل على كسر القيود العشائرية فيه .
8. ضرورة دراسة المشكلات التي تواجه المرأة الريفية واقتراح الحلول المناسبة لها .
9. تدريب وتوعية النساء الريفيات وعقد برامج تدريبية متخصصة تستهدف تنمية النساء الريفيات وحل مشاكلهن .
10. العمل على رفع مستوى اداء المرأة في العمل الزراعي واقامة الدورات التدريبية المتخصصة وتشجيعها على استخدام المكننة والتقنيات الحديثة في العمل الزراعي اضافة الى رفع مستواها في الإنتاج الحيواني .
11. تشجيع المرأة الريفية على اقامة المشاريع الانتاجية الصغيرة والمتوسطة المدرة للدخل وتقديم القروض الميسرة .
12. توفير الدعم التسويقي لتسويق انتاج المرأة الزراعي او الحيواني او الصناعي بشكل مربح .
13. تنمية المهارات اللازمة لإتقان الصناعات الريفية سواء التقليدية منها او الحديثة كمصادر وفيرة للدخل .
14. الاهتمام بالنساء الريفيات المعيلات للأسر ودعمهن في اقامة مشاريعهن المدرة للربح .
15. بحث اسباب هجرة الفلاحين من الريف الى المدينة ومعالجتها والعمل على تشجيع الهجرة المعاكسة من المدينة الى الريف .
16. تأمين متطلبات ارتقاء المرأة الريفية اجتماعيا وثقافيا بما يؤهلها للمشاركة في الحياة العامة في محيطها وعلى صعيد المجتمع .
17. محاربة التمييز والعنف ضد المرأة بجميع اشكاله وتكريس ذلك بنصوص قانونية .
18. تشريع القوانين التي تضمن حقوق المرأة الريفية ومكافحة العادات والتقاليد العشائرية البالية التي تهين المرأة كزواج القاصرات خارج المحكمة وزواج الفصلية وزواج (كصة بكصة) واجبارها على الزواج , ومنعها من الارث وحرمانها من التعليم وغيرها .
19. فتح المراكز الصحية ومراكز الرعاية الاجتماعية في الريف العراقي بشكل يتناسب مع الكثافة السكانية للعناية بالمرأة الحامل وبالولادات .
20. معالجة آثار التخلف الاجتماعي المدمرة على المرأة والاسرة في الريف والمدينة والناجمة من سياسات النظام المباد وجراء الاحتلال والممارسات الارهابية والطائفية والتقاليد الاجتماعية البالية
لنعمل معا على الإصلاح الجذري لوضع الريف العراقي والنهوض بواقعه الزراعي وتحسين واقع المرأة الريفية في المجالات الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والصحية .



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة