الخطيئة والتّفّاحة والخزّاف

حسان الجودي
has_joudi@yahoo.com

2021 / 10 / 22

يوجد في منتصف التفاحة شقٌّ عميق. على أحد جوانبه تعيش (الخطيئة) ، وفي الجهة المقابلة يعيش الخزّاف.
تتسلّل (الخطيئة ) دائماً في الليل إلى الخزّاف. لا ، هذا التعبير ليس دقيقاً!
تضع (الخطيئة) سلّماً أفقياً يصل جانبها بجانب عشيقها السريِّ.
يُمضيان معاً بضع ساعات جميلة. يهدي الخزّاف حبيبته قبيل مغادرتها جسداً صنعه من صلصال الحبِّ النادر. تعود الخطيئة إلى بيتها وحيدة . لقد أسقطت الجسدَ الهديةَ في الهوة بين شقَّي التفاحة. فعلتْ ذلك ، لأنها لا تريد شكلاً يجسّدها . وكان هذا عكس ما يتوقع الخزّاف الطائش المُولّه. لقد أراد لها أن تتجسَّد، حتى يستطيع إعادة تشكيلها فضيلةً أبديةً.ّ
لم يعلم الخزّاف بجريمة قتل (الخطيئة) للجسد المُقْترح، ولم يتوقّع أنها ذكية كفايةً، فقد كان السلّم الذي تستخدمه للعبور هو ضفيرتا حمضها النووي ، وبذلك ضمنت خلودها كروح في يد خزّافٍ ، كلُّ همه تقييدها.
لم تنفع ضفائرُ الحمض النووي (الخطيئةَ ) حين سقطت ذات ليلة عن طرف التفاحة. نادت خزّافها عبثاً. لقد سمعها بالتأكيد ، لكنه كان هو الآخر يحاول التشبث بطرف التفاحة الآخر.
ثم انتهى الأمر بلحظة واحدة. التهم التفاحة قاض أعمى . كان القاضي يتنزه مع كلبه المُرشد . فوقعت تلك التفاحة في حضنه وهو مستلق في شبه إغفاءة.
سمع القاضي حوارات (الخطيئة) والخزّاف، وانتشى بحوار الفلسفة الخالد. لكنه جاع بعد ساعات ، فشطر التفاحة إلى نصفين ، وتقاسمها مع الكلب السعيد. ثم طلب منه إعادته إلى المنزل.
سهر القاضي ليلته وهو يتخيّل محاكمة افتراضية. المتهمان فيها، (الخطيئة) والخزّاف، والتهمة هي إسقاط التفاحة من السماء.
فكّر القاضي في أن الخزاف سبب اضطراباً في كتلة نصف التفاحة، بسبب شغله المتواصل في خلق جسد ( للخطيئة). وهذا سبب السقوط.
وفكر أيضاً ، أنه ربما تكون (الخطيئة ) هي من تسبب بخلل السقوط، بعد رميها المتواصل للأجساد التي يصنعها الخزّاف.
ولم يجرؤ على إخبار كاتب المحكمة بحكمه الذي قضى فيه بأن الخزاف هو من تسبب بسقوط التفاحة.
وأمره بكتابة حكم مختلف، وهو أن (الخطيئة ) تتحمّل المسؤولية كاملة.
تلك الخطيئة اللذيذة التي حصل على نصف تفاحتها في الحقل ، فوهبته الباصرة والمتعة والحيرة الأبدية.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة