زوج في ملكوت الاخرى

عبله عبدالرحمن
abla.rahman@yahoo.com

2021 / 11 / 8

هل كان يكفيها ان تمزق ثياب النوم وان تدلق علب العطور امامه لترضى عن نفسها وتؤكد له ان ما بينهما قد انتهى. هل كان يكفيها ان يختفي صوتها من قبل ان تصرخ وتبكي بحرارة بين يدي والدتها لتعود الى بيتها باسمة. تعترف بأن سلوكها في هذه المرة كان غريبا وغير دقيق لما كانت تحس به، بيدا ان له ما يبرره وقد انتصرت لنفسها في متعلقات كانت ترى دوما انها تذكرها بحالة النفاق او الكذب الابيض لاستمرارية الزواج من غير حب لتحافظ على بيتها من اجل اطفالها. تقول نعم ما حصل بيننا لم يكن مفاجأة لي ولا لأبنائه كذلك، لانهم اعتادوا على فوضى قراراته وبشكل خاص ما يتعلق بزواجه من اخرى ما بين الحين والاخر. مضى الزمن بتلك الاسرة والاهل من حولهم في حالة كر وفر من اجل اصلاح ذات البين. وما هربت منه طوال اربعين عاما وهو فترة زواجهما يندفع نحوها بدم بارد وهي تستمع بشرود لزوجها وهو يخبرها بنيته بيع البيت الذي جمعهم ليبدأ حياة اخرى مع اخرى من دون اي اعتبار للتضحيات التي قامت بها من اجل ان يبقى هذا البيت قائما وصالحا لامتداد تناسل الابناء والاحفاد تكمل بحرقة ومن اجله هو، بيدا انه كان يعيش لنفسه في ملكوته ينتقي من الاكل ما لا يضره ويبعد عن نفسه مشاكل الابناء واحتياجاتهم، يحيا لنفسه زاهدا بحبنا وصوفيا في حب نفسه. اليس من حقها بعد كل هذه التضحيات ان تكمل حياتها في بيتها حتى الموت. هل تراه يستطيع ان يفهم ان غضبها عليه في هذه المرة لم يكن من اجل كرامتها وكيانها بعيون ابنائها، وانما خوفا على كيان الاسرة من الانهيار والوقوع في جحيم المأساة، ولكنه لن يعرف! لانه سكن البيت جسدا لا روحا. تناضل وابنائها حتى لا يتم بيع البيت. تجاهلت حقيقة انه يعرف اخرى كما وكأنها تخبئ حزنها لتحزن حزن ابنائها. هل تراها تنجح وهي تضع بعين الاعتبار امتلاكه وحده حق التصرف بالبيت وتنجح بإيقاف قراره الجاحد ببيع البيت بقوة الحق من غير ان تغلبها عاطفتها ومن غير ان ترضى مساومته على بيع البيت لتمويل زواجه الثاني. انها الان تناضل لان تبقى في بيتها وان يتحمل وحده نتائج نزواته. يعوزها الندم وقد رضيت بحلول التسكين التي كان يقدمها الاهل لمصلحة الاولاد الذين كبروا واصبح معظمهم اباء وامهات اشك في حقيقة صلاحهم لبناء أسر سعيدة. لا تعرف كيف سيكون عليه حالها وهي الضعيفة بسبب عمرها وامراضها المزمنة. تلك مشكلة من ضمن الاف المشاكل التي يهرع معظمنا لقبول حلول نرى فيها غدا من دون ان يعنينا ان نفكر بما بعد الغد، لنجني البؤس حين لا نفكر بحلول جذرية. الحقيقة ان ضعف تلك السيدة واخفاء مشاعرها ورضاها بنصيبها التعس جعلها ضيفة في بيتها، ليس لها حقوق او حضور في حياة زوجها. وان كنت اتمنى لها ان تنجح وتبقى سيدة نفسها وسيدة البيت كما قررت، لكنني اشك بخلاصها من احساس التشرد بوعد منه بالبقاء بالبيت دون اللجوء للبيع، ربما لم يعد يكفيها مثل هذا الوعد لتكمل حياتها معه كأن شيئا لم يكن. فالكذب لم يعد متاحا او محمودا في حالتها هذه، وكل شيء كان ينهار منها من دون ان تميز ان حياتها تنتهي شيئا فشيئا معه.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة