كم كجنّات في مجتمعنا ...!؟

حيدر خليل محمد
hydrkhly166@gmail.com

2022 / 3 / 3

تتعرض آلاف النساء للظلم في بلادنا ، لكن القليل جداً من تصل صوتها ، بسبب العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية المتخلفة ، وبسبب النظرة الذكورية السائدة في المجتمع .
جنات في العشرين من عمرها وصلت لمرحلة السادس العلمي ، وكانت متفوقة في دراستها وهي سعيدة جداً بما تقدمه من نشاط مدرسي وتحضى جنات بحب مدرساتها ، بسبب تفوقها العلمي ، جمال جنات كانت تُضرب بها المثل في المدرسة وبين صديقاتها وأقاربها .
حتى جاءت تلك الغيمة السوداء التي حولت جنات من طالبة متفوقة ورائعة الجمال الى امرأة عجوز لكن في العشرينات من عمرها ،نعم ، لأنها تحمل هموم الدنيا على أكتافها ، تفكر دائماً بالانتحار ، حتى تنقذ نفسها مما كُتب عليها .
عندما كانت جنات في السادس العلمي وتخطط لمستقبلها وتحلم لتدخل كلية الطب .
تقدم إليها شاب فاشل بائس لكنه ثري ، وافق أهل جنات على تزويجها منه ، بسبب حالتهم المادية البسيطة ، حيث كان الأب يلّوح لها دائماً بعد أن تقدم هذا الشاب لخطبتها بأنه لا يستطيع أن يتحمل تكاليف دراستها ، كانت تقول له لا بأس يا والدي لن اشتري الملابس ، سأعمل سكرتير مع طبيبة وانا اتحمل التكاليف واساعدكم أيضا ، لكن الأم أصرت إلا أن تزوج أبنتها من هذا البائس الثري ، لتتباهى بصهرها الثري أمام أقرانها ! .
تركت جنات مقاعد الدراسة تحت الضغط وتأسف مدرساتها ، وتزوجت ، لم تدم زواجها أكثر من سنتين ، وبسبب عدم الإنجاب ، وبالرغم مما قدمته من حب ورعاية لزوجها إلا أنه كان يخونها وهي تعلم بخيانته لها ، لكن أصرت على حبها له .
وبعد الفحوصات الطبية تبّين أن الخلل ليس بجنات بل بزوجها ، وحين علم بالفحوصات الطبية طردها من بيته ، جاءت تشكي أمها ، فما كانت من هذه الأم إلا أن تعنفها وتضربها حتى هربت من البيت ، ولا تعلم أين تتجه ، وهي تلك العفيفة التي لا تريد أن تلوث سمعة أهلها وتذهب ككثير من الفتيات للعمل في النوادي الليلية ، فكرت أن تذهب لأحد جسور بغداد وترمي بنفسها من فوقها ، إلا أنها تراجعت وذهبت لبيت إحدى صديقاتها مؤقتا .
جنات صاحبة الوجه المشرق ، اصبحت شاحبة .
جنات صاحبة الأحلام تببدت كل أحلامها ، اليوم لا تريد سوى أن تعيش بأمان ، لا تريد ان تحلم بأية أحلام ، في ظل مجتمع ذكوري ، يعيش حياة الجاهلية والانانية والقسوة وظلم النساء .
كم فتاة مثل جنات تبددت أحلامها ، وذهب جمالها ، كم فتاة مثل جنات استسلمت اما للانتحار أو أن تعيش بذل ومهانة تحت رحمة مجتمع متخلف جاهل بائس .



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة